شهر سبتمبر الشهر الوحيد في الشهور الميلادية الملئ بالاحداث المأساوية التي ليس لها مثيل في التاريخ لما احتواه من مجازر و مذابح راح ضحيتها مئات الالاف من الشهداء مازالت اثار تلك المآسي الدموية تثير الشجن والحزن كلما تذكرناها وهي بالفعل لا يمكن ان تُنسي وستظل عاراً ولعنة علي مرتكبيها وهم جزء من تحالف الشر الذي تشكل مع قيام حركات التحرر العربية والمطالبة بالاستقلال الوطني واستعادة الثروات والمقدرات التي كانت تحت سيطرة الدول الاستعمارية.
لكن شهر سبتمبر في العشر الاوائل منه من سنة 1952 شهد اهم واخطر قرارات اصدرتها ثورة 23 يوليو بعد قيامها بنحو شهر ونصف قبل ان تجف الاوراق وقبل ان تفيق قوي الثورة المضادة من صدمتها استعادت الثورة بمقتضي قوانين الاصلاح الزراعي التي طبقت علي مدار 15 عاما علي ملايين الافدنة لكن يظل يوم 9 سبتمبر 1952 الذي صدرت فيه الحزمة الاولي من قرارات الاصلاح الزراعي يوم»الفرحة الكبيرة»يوم توزيع اول دفعة علي الفلاحين من الاراضي الزراعية التي استعادتها الثورة من افراد العائلة الملكية وحواشيه او وصيفاتها وكل من تحول الي اقطاعي بمعدل كل فلاح ٥ افدنة حولت حياتها بؤس وشقاء ومرض وجهل ومن»شغيل اجير»اجرته ملاليم في اليوم في وسايا وابعديات الاقطاعيين الي مواطن حر نفسه يحرث ويروي ارضه ويشقي فيها لكن بعد نهاية موسم جني المحصول يعود اليه كل عائد الارض ينفق منه علي تعليم وعلاج وتزويج ابنائه ورفع الفلاح رأسه عاليا بعد الغاء الالقاب وبعد شعار ارفع رأسك يا اخي فقد مضي عهد الاستعباد ومن يومها اعتبر هذا اليوم عيدا للفلاح تحتفل به الدولة وتعلن فيه عن مكتسبات وامتيازات للمزارعين سواء الاعفاء من الديون او عن توفير المزيد من احتياجاتهم اللازمة لزيادة انتاجية الارض.
هذا كان الحدث السعيد والذي سيظل سعيدا في شهر سبتمبر وانما بقية احداث الشهر مؤلمه وموجعة وصادمة كما حدث في يوم 16 سبتمبر 1982 عندما تآمرت كل قوي الشر التي تجمعت في لبنان اثناء الغزو الصهيوني له.. فقد بدأت خيوط المؤامرة عندما تم ابعاد المنظمات الفدائية من بيروت في شهر اغسطس ومع اخر فوج يغادر ميناء العاصمة اللبنانية كانت القوات الدولية واغلبها من الدول الاستعمارية قد اعلنت هي الاخري عن مغادرتها للبنان فورا وكأنها تفسح الطريق لذيولهم من كل قوي الغدر وتقول لهم تحركوا لاكمال مؤامرة القضاء علي من تبقي من الفلسطينيين المدنيين العزل في مخيمي صابرا وشاتيلا وكانت القوات الصهيونية تحاصر بيروت حتي ذلك الوقت واطلق رئيس وزراء العصابة الصهيونية وقتها مناحيم بيجن تصريحات هي نفس الذي يطلقها يوميا الارهابي الصهيوني نيتنياهو حول اختفاء عناصر المقاومة بين المدنيين عندما قال ان نحو الفين من»الفدائيين» لم يغادروا بيروت وظلوا في المخيمين بين المدنيين.. وبالفعل انقضت المليشيات اللبنانية اليمينية مدعومة من القوات الاسرائيلية علي المخيمين في الساعة الخامسة والنصف فجر يوم 16 سبتمبر واترك لكم ما كتبه شاهد من اهلهم الصحفي الاسرائيلي امنون كابيلوك عن بعض ما جري في المخيمين يقول بدأت المذبحة في الحال واستمرت 40 ساعة دون توقف قتل في الساعات الاولي مئات الضحايا كانوا يطلقون النار علي كل من يتحرك في الازقة حطموا ابواب المنازل وصفوا اسرا باكملها كانت تتناول الطعام وقتل الاهالي في اسرتهم وهم في لباس النوم وعثر علي اطفال في الثالثة والرابعة من العمر تغطيهم بطانيات ملطخة بالدم وكانوا ايضا في لباس النوم وكان المعتدون يبترون اعضاء الضحايا قبل القضاء عليهم ويسحقون رءوس الاطفال والرضع علي الجدران..نساء وصبايا اغتصبن قبل ان يذبحن بالبلطات وكان الرجال يهربون من بيوتهم ليعدموا في الشارع جماعيا وعلي عجل نشر المسلحون الرعب واخذوا يبيدون دون تمييز الرجال والنساء والاطفال والشيوخ وقد عثر علي اياد نسائية بترت من المعصم كي يتمكنوا من سرقة المجوهرات منها.
لم تكن مذبحة فقط وانما كان قتلا وتنكيلًا وتعذيبا واجراما ممنهجا ولم تسلم البيوت من اشعال النار فيها وتركوا مكان المذبحة بعد قتل ثلاثة الاف وخمسمائة فلسطيني ولبناني بعد اشتعال غضب الرأي العام العالمي بعد مشاهدة الصور الدامية للمجزرة.
أليست هي نفس جرائم سفاح القرن نيتنياهو في غزة والضفة الغربية ونفس الاساليب ونفس التصريحات الكاذبة والمراوغة.
اوهام وتخاريف واكاذيب العصابة الصهيونية لم تتغير ولن تتبدل بمرور الزمن لكن ما يدعو للتفاؤل ان «الكيان الصهيوني» يتآكل من الداخل وكلما صمدت المقاومة كلما قصر عمر الكيان الصهيوني.