الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر لها بعد غد الثلاثاء، حيث تُجرى عملية التصويت فى الخامس من نوفمبر، وكما هو منصوص بالدستور الأمريكى أن تعقد فى أول ثلاثاء من شـهر نوفمبـر، حيــث إن عدد المواطنين الأمريكان 240 مليون مواطن من بينهم أكثر من 3.7 مليون مواطن من العرب أى يمثلون حوالى 1 ٪، وبالتالى يمكن أن يحدثوا تغييراً طفيفاً فى نتيجة هذه الانتخابات خاصة فى الولايات المتأرجحة، وقد أدلى أكثر من 60 مليون ناخب بأصواتهم بالفعل فى 47 ولاية أمريكية ومقاطعة كولومبيا، لكن لا نعرف نتيجة التصويت ولا نعرف من سيفوز من المرشحين كامالا هاريس عن الحزب الديمقراطى أم دونالد ترامب عن الحزب الجمهورى، ولكن المؤكد أن من سيفوز سيكون بنسبة مئوية ضئيلة للغاية عن المرشح الآخر.
موضوعات كثيرة أساسية يهتم بها المواطن الأمريكى لكى يرشح من يراه مناسباً، معظم هذه القضايا داخلية وترتبط بالاقتصاد والبطالة والهجرة وحق الاجهاض وبالتالى فإن قضايا الشرق الأوسط لا تلقى اهتمام المواطن الأمريكى بالقدر الكافى، واياً كان من سيفوز سواء هاريس أو ترامب فلن يكون هناك اختلاف فى السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الاوسط، ولكن فى اعتقادى أن ترامب فى حالة فوزه فإن الأمور ستكون أسوأ.
الحقيقة أنه لأول مرة هناك استقطاب حاد جداً فى مستوى الانتخابات الأمريكية والمجتمع الأمريكى وسوف تستمر عقب الانتخابات، فهناك الولايات المتأرجحة التى تمثل مع بعض الشباب حوالى 18 ٪ من الانتخابات، بالنسبة لولاية متشيجيان التى بها عرب أمريكان كثر للغاية سيكون هناك فارق ولكن على المستوى العام لن يكون الفارق كبيراً، وفى اعتقادى أن الفرق لن يكون من العرب الأمريكان فقط ولكن من الأفارقة الامريكان واللاتنيين ويمكن أيضا أن يحدث فارقاً من السيدات خاصة مع موضوع مثل الإجهاض وهذا الموضوع تحدث المرشحان هاريس وترامب فيه وهناك مواقف لهما مختلفة جداً.
وبالنسبة للشرق الوسط، فإن الإدارة الحالية برئاسة بايدن لم تفعل شيئا لأى من الأزمات الموجودة فى العالم بل تفاقمت وما نراه من الحرب والعدوان الإسرائيلى على غزة ولبنان وغيرها من الدول والحرب الأهلية فى السودان وايضا فى الصومال والصراع بين روسيا وأوكرانيا وأيضا بين الصين وتايوان وبالتالى السؤال الذى يطرح نفسه من الذى يستطيع من المرشحين فى الانخراط بصورة أكبر فى هذه الملفات، وإحداث قاعدة توازن أو فارق.
السؤال الذى يطرح نفسه من يستطيع من المرشحين الديمقراطى والجمهورى وقف الحرب والعدوان الإسرائيلى على غزة وفى لبنان وحل الدولتين، فالموقف الإسرائيلى يصطدم بالموقف المعلن للإدارة الأمريكية الحالية ويتلخص موقف إدارة بايدن فى لا لإعادة احتلال قطاع غزة ولا للتهجير ولا لاقتطاع أجزاء من غزة لإسرائيل ولا لإعادة الاستيطان فى قطاع غزة، وللأسف فقد شاهدنا كل مسارات التفاوض المعقدة التى كانت تتم فيما يتعلق بالوضع فى قطاع غزة بشأن المفاوضات لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمحتجزين وانفاذ المساعدات الإنسانية، فكل هذه المفاوضات للأسف تجاوزتها الأحداث بسبب التعنت الإسرائيلى وعدم وجود الإرادة السياسية للتوصل لحل، ولكن كل التركيز أصبح ينصب على وقف التصعيد المتبادل بين إيران وإسرائيل لأنه يمس مصالح أمريكية فى الوقت الحالى، وربما كل هذه القضايا مؤجلة لفترة الرئاسة الجديدة المقبلة لمنع الوصول إلى حرب إقليمية شاملة قد تورط الإدارة الأمريكية الجديدة بفترة حرجة فى بدايتها.
فى اعتقادى أن الشرق الأوسط فيما يتعلق باطلاق مسار تفاوضى جديد وصولاً لحل الدولتين لتسوية الصراع الفلسطيني– الإسرائيلى فكل هذه القضايا لن تحظى بأولوية للإدارة الجديدة أيا كانت من سيفوز هاريس أو ترامب إلا بعد فترة من الثبات بوضع الأطقم الرئيسية فى مختلف الأجهزة المعنية فى مؤسسة الأمن القومى الأمريكى، وبالتالى فإن هذه الفترة وحتى 20 يناير المقبل ستكون شديدة الحساسية يمكن أن يستغلها نيتناهو بفرض وقائع جديدة على الأرض سواء فيما يتعلق بالمواقف فى الاراضى الفلسطينية المحتلة فى غزة أو الضفة الغربية أو فى لبنان أو بالنسبة للتصعيد مع إيران، ومن أجل فرض هذا الواقع على الإدارة الأمريكية الجديدة.