لا أعرف إن كان يجب أن نضحك أم نبكي، مع ما تتناقله وسائل الإعلام الإسرائيلية من أخبار وتقارير على هامش الحرب الضروس فى غزة، وهى تنشر أن «تجار المخدرات المغاربة قرروا مقاطعة التجار الإسرائيليين على خلفية الحرب على القطاع».
ونقلت الوسائل عن موقع (احتفظ باسمه) أن «تجار القنب الهندى المغاربة قرروا مقاطعة الزبائن الإسرائيليين على خلفية الحرب على غزة»، ونقل الموقع عن تاجر إسرائيلى يعيش فى المغرب قوله: إن تجارتنا تضررت وفقدنا ملايين الشواكل بسبب توقف التجار فى المغرب عن التعامل معنا، وإن مئات الأطنان من الحشيش المغربى تباع لتجار المخدرات فى أوروبا والدول الاسكندنافية، لا يصل إلى إسرائيل سوى بضع مئات الكيلوجرامات منها، وسعر الكيلو منه يصل إلى 80 ألف دولار.
ونقل الموقع عن تاجر مغربي: «لماذا يمكن للإسرائيليين أن يكسبوا لقمة عيشهم من الحشيش المغربى فى حين أن إخواننا الفلسطينيين يعانون من الجوع ويعيشون فى ظروف غير إنسانية، لم نعد نبيع الحشيش للإسرائيليين، قبل الحرب كنا نقوم بأعمال تجارية هنا معهم وجاءوا وكسبوا أموالا جيدة، والآن انتهى الأمر».
سواء كان هذا الكلام صادقا أو كاذبا، فإن المدهش فى الأمر أن الإسرائيليين مهتمون بتجارتهم – غير المشروعة – حتى فى ظل الحرب التى لا يبتعدون عن ويلاتها وما يريد نتن ياهو أن يغرقهم فيه من وحل وورطة، وقد يريدون – بتوافه الأمور – أن يصرفوا الأنظار عن الجرائم التى ترتكب ليل نهار وهى لا تبقى ولا تذر.
وأيضا، سواء صدق الخبر أو كذب، فإنه يتضمن مكرا وخداعا يسعون من ورائه إلى دق أسفين فى العلاقات بين الدول والأشخاص، كما رأينا مواقع أخرى تنشر على لسان شخص يهودى يزعم بأن دول الخليج رفضت ضمان قرض لمصر وأن إسرائيل هى التى ضمنتها، فى محاولة لتخريب العلاقات مع الأشقاء فى الخليج وهذا لا يستطيع أحد أن يفعله، ومن جانب آخر يريدون تجميل وجه إسرائيل القبيح، ويحاولون أن يحولوها إلى حرب حشيش!.
لا نقول مئات بل آلاف الأخبار والمنشورات من هذا النوع – إن لم تكن ملايين – تسبح فى الفضاء الإلكترونى كل ثانية، كلها مغلوطة، وراءها كتائب إلكترونية إسرائيلية، تهدف إلى بث الفرقة والخلاف بين العرب والمسلمين أنفسهم ومع غيرهم من الدول والأمم، وعلى سبيل المثال، لم يتنبه كثيرون إلى محاولات زرع الفتن بين السنة والشيعة، باستخدام أسماء وكنى عربية وإسلامية خاصة من الصحابة رضوان الله عليهم، مثل مصعب وعمير والمقداد والقعقاع.
تخفى أولئك وراء هذه الأسماء وتبادلوا السباب والشتم للطرفين وأشعلوها حروبا تحولت إلى قتال على الأرض، وتوسعت هوة الخلاف بسبب الانسياق وراء الأكاذيب، التى بكل أسف نجحت فى كثير من الأحيان فى أن تحقق أهدافها.
ولماذا نذهب بعيدا وقد رأينا تنظيم «داعش» الإرهابى الأكثر وحشية على مر التاريخ، يعذب ويذبح ويحرق الأحياء، ثم ينسب تصرفاته إلى الإسلام، وبكل أسف ورغم أن أمريكا اعترفت صراحة – على لسان هيلارى كلينتون – بأنها من صنعت داعش، مازال هناك من يصدق أن الدواعش مسلمون، وأبسط دليل على أنهم لا ينتمون إلى الدين الحنيف أننا لم نر منهم حتى الاستنكار لما يحدث فى غزة، أصابهم الخرس وسكتوا تأييدا للمذابح وإبادة جماعية.
المكائد الإسرائيلية لا حدود لها، ووسائل مكرهم وخبثهم لا تنفد ولا تتوقف، تحاول اختراق كل المجالات، لذا علينا ألا تأخذنا الحمية، ولا ننساق أو نصدق الترهات، وأن نعمل العقل قليلا، ونحن نتعامل مع المنشورات التى تبث الفتن والفرقة، خاصة فى هذه الظروف البالغة الحساسية.