منذ الغزو الأمريكى للعراق عام 2003 وحتى الآن، والعرب يبكون حالهم على ما حدث ويحدث فى بغداد وفى بعض عواصمنا ومدننا العربية والتى تم تدميرها الواحدة تلو الأخرى بعد سقوط العاصمة العراقية، ولكن بمسميات مختلفة ليس بينها «الغزو الأمريكي» وإن كانت أيادى الولايات المتحدة وإسرائيل موجودة فى كل حالة انهيارودمار باستخدام الارهاب أو بإشعال الحروب الاهلية والصراعات الإثنية والقبلية، فقد كانت البدايات متشابهة لدرجة كبيرة، أما النهايات فهى لم تكتب بعد، لأن العواصم والمدن التى سقطت مازالت مضطربة ومازالت تعانى حتى وقتنا هذا، وارجعوا فقط لضيوفنا العرب ممن نزحوا إلى مصر وتواريخ نزوحهم والبلاد التى جاءوا منها، لتعرفوا أن البلد الذى يسقط من الصعب جدا أن يعود، وإن الأعداد الكبيرة التى فرت من نار الحروب والدمار فى بلدانها تحمد الله على اللجوء إلى مصر ونعمة العيش فى بلد الأمن والأمان.
لقد جاء الغزو الأمريكى للعراق كإحدى حلقات الاستعمار الجديد الذى ابتدعته الولايات المتحدة فى القرن «21» بعد سنوات من سقوط الاتحاد السوفيتى السابق وانفراد واشنطن بقيادة العالم وكان لابد من حجج جديدة للسيطرة على الشرق الاوسط « قلب العالم ومخزونه الإستراتيجى فى الطاقة والبترول»، وكان لابد من «تمثيلية» أوهجمات 11 سبتمبر 2001 وضرب البرجين واتهام تنظيم القاعدة بالعملية الجبارة التى هزت أمريكا والكرة الأرضية، فيما لم تضيع الولايات المتحدة هذه الفرصة «المصنوعة «، وأعلنت الحرب على « القاعدة» وغزت أفغانستان فى ديسمبر من نفس العام لتحوله الى مرتع للتنظيمات الارهابية، ثم غزت العراق عام 2003 لتدمر أحد اقوى الجيوش العربية ولتبقى قواعدها فى هذا البلد الشقيق الذى كان يشكل حارس بوابة المشرق العربي، لتنهار مع الغزو هذه البوابة ويصبح متاحا التسلل الى دول أخرى من قبل المتطرفين والإرهابيين وصناعة ما سمى بـ» الإسلامو فوبيا»، لتقع المنطقة العربية كلها فريسة الإرهاب من ناحية وضحية لعداء ومحاذير الغرب من ناحية أخري، ولتكون المحصلة النهائية اشتعال الحروب وضياع ثروات عدد غير قليل من الدول العربية.
كان احتلال الولايات المتحدة للعراق « وبالا» على العرب فى العقد الاول من القرن الـ» 21»، وامتدت تأثيراته الخطيرة فى العقد الثانى من نفس القرن إذ استفحلت مخاطر الإرهاب، بظهورتنظيمات إرهابية أخرى إلى جانب «القاعدة «، ساهمت فى تكريس الانقسام الطائفى وزعزعة الاستقرار وتمهيد الأرض لاشتعال ما سمى بثورات الربيع العربي، والنتيجة انتشار الفوضى بدولة بحجم تونس وسقوط ليبيا وسوريا واليمن بينما انقذت العناية الإلهية ثم تلاحم الشعب وجيش مصر من مصير هذه الدول، غير أن النتيجة التى آلمت المصريين والشعوب العربية بوجه عام، هى أن الولايات المتحدة التى صنعت هذه الأوضاع فى المنطقة العربية، تركت الحبل على الغارب» لإسرائيل بالدعم الاقتصادى والسياسي، وبمساندتها عسكريا فى حرب الإبادة التى تشنها منذ أكثر من عام بقطاع غزة وتوسعها فى هذه الحرب بمدها فى الضفة الغربية وجنوب لبنان، لقد سقط حتى وقتنا الحالى مئات الالاف من الشهداء من المصابين الفلسطينيين ورغم ذلك اعترضت الولايات المتحدة على وقف الحرب فى القطاع، كما سقط عشرات الآلاف من اللبنانيين إلا أن اتفاقا بوقف الحرب لم يتم التوصل اليه حتى الآن.
هذه هى المحطات العربية الحزينة و» المبكية» التى يجب ان نتوقف عندها، ونبحث من خلالها عن كيفية عودة العرب الى الحالة التى ساهمت فى تحقيق نصر أكتوبر 1973، أو حتى الأوضاع التى سبقت الغزو الأمريكى للعراق 2003، ولكن كيف يتم ذلك وسط حالة الإرباك الموجودة بالمنطقة والتى أوجدتها المخططات الأمريكية والحرب الإسرائيلية على غزة والقطاع والجنوب اللبناني، وكيف يتم ذلك ايضا فى ظل السلوك الإرهابى لجماعة الاخوان المجرمين وتعمدها إغفال الحرب المشتعلة فى الأراضى الفلسطينية ولبنان والتوترات الحاصلة بالمنطقة والعالم ، بينما هى مشغولة على مدار 24 ساعة باستهداف مصر.
نشرالاشاعات والأكاذيب وبث الضلالات، فى سلوك عدوانى لا يقوم به إلا عناصر « مأجورة» من المرتزقة والخونة وبائعو الأوطان.
لقد اثبتت السنوات الاخيرة أن أعداء الداخل لا يقلوا خطورة عن أعداء الخارج.. وفى الحالتين يظل الوعى الوطنى حائط الصد لكل العدائيات والمؤامرات.. مهما تباعدت السنوات ومهما تباينت الخطط والأساليب.