تمثل العلاقات المصرية العُمانية حالة فريدة ونموذجا للوئام والسلام بين شعبين كبيرين لديهم مشتركات ثقافية وتقاليد وعادات أصيلة لبلدين ضاربين بحضارتيهما فى جذور التاريخ وعلى مدار تاريخ طويل من الزمن تلاقى الحضارات وتبادل المنافع الاقتصادية والتجارية والثقافية والسياسية دونما أن يقع بينهما أى صراع عسكرى أو حربى وإنما كانت علاقة تكاملية، وستظل آثار تلك العلاقات والرابط منحوتة على جدران الدير البحرى فى مدينة الاقصر الذى تروى نقوشه أن الملكة حتشبسوت انطلقت جنوبا إلى بلاد بونت التى كانت ضمن شرق أفريقيا الذى كانت تسيطر عليه الإمبراطورية العُمانية جاءت باللبان العمانى لاستخدامه فى صناعات المستحضرات الطبية قديما وأدوات التجميل والتحنيط وفى المعابد المصرية القديمة.
استمرت العلاقات دهورا طويلة وكان للمصريين السبق فى المشاركة فى النهضة العمانية فذهب عشرات الآلاف من المعلمين واساتذة الجامعات والأطباء والصيادلة والمهندسين والعمال ليكونوا عونا لأشقائهم العمانيين فى بناء بلدهم وتعليم أبناء السلطنة ليعودوا بعد سنين من العمل وهم يحملون معهم روايات وقصصاً فريدة عن طيب مقامهم وحسن لقائهم واستقبالهم من اشقائهم العمانيين.
ظلت تلك العلاقات على وتيرة واحدة على المستوى الشعبى وعلى المستوى السياسى أعوامًا طويلة وحدث أن السلطان قابوس بن سعيد رفض أن يشارك فى مقاطعة مصر بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد وكان له دور مهم فى عودة للعلاقات المصرية العربية التى سعى فيها كثيرا لجسر الهوة بين مصر واشقائها العرب.
العلاقات المصرية العُمانية كُللت مؤخرا باختيار سلطنة عُمان ضيف شرف معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته السادسة والخمسين الذى اختتم فعالياته أمس والذى يصنف كثانى أكبر معارض الكتب بعد معرض فرانكفورت الدولى والذى شارك فى افتتاحه الدكتور عبد الله الحراصى وزير الإعلام العُمانى والسيد سعيد بن سلطان وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب والدكتور عبدالله بن ناصر الرحبى سفير سلطنة عُمان بالقاهرة، لتنبعث اشعاعات ثقافيةفريدة تمثل التلاقى الحضارى بين بلدين عربيين وتؤصل لحالة فريدة بين شعبين فالناظر لقاهرة المعز خلال الأيام الماضية يستشعر فيها أن رائحة البخور العمانى تنبعث منها والازياء العمانية للأشقاء ظاهرة فى كل مكان فتراهم بزيهم التقليدى فى الفنادق والمقاهى يتناقشون مع أشقائهم المصريين فى قضايا الساعة التى تهم الشعوب العربية وفى مقدمتها قضية العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، وتراهم فى أماكن التسوق وفى أهرامات الجيزة الخالدة وفى الجامع الأزهر وشارع المعز لدين الله الفاطمى يلتقطون الصور التذكارية.