أعلنت المكسيك منذ أيام عن حظر بيع الوجبات السريعة والمشروبات الغازية فى مدارسها، وذلك بعد تفشى السمنة وزيادة الوزن بين الطلاب بدرجة مقلقة. ورغم أهمية هذا القرار، إلا أنه جاء متأخرا مقارنة بدول أخرى سبقت فى تطبيقه لحماية أطفالها من أمراض سوء التغذية. فقد منعت العديد من الدول ـ بما فيها أغلب الدول العربية ـ هذه الأغذية والمشروبات الضارة فى المدارس. وكانت البداية فى سلطنة عمان، التى حظرت تداول هذه المنتجات غير الصحية منذ عام 1984، ولا تزال ملتزمة بتطبيق القرار حتى اليوم.
تحتوى عبوة المشروبات الغازية على ما بين 11 إلى 12 ملعقة صغيرة من السكر، مما يجعلها سبباً رئيسياً فى انتشار السمنة بين الطلاب. كما أن الإفراط فى تناول السكر يؤدى إلى تسوس الأسنان وزيادة خطر الإصابة بمرض السكري. هذه المشروبات تتكون أساساً من حمض الفوسفوريك، وهو مادة تشبه ما نسميه «مية النار» وهى تسبب فقدان الكالسيوم من العظام، مما يؤدى إلى هشاشتها وزيادة خطر الإصابة بحصوات الكلي. بالإضافة إلى ذلك، تحتوى على الكافيين الذى يؤثر سلبا على نبضات القلب وخلايا المخ، إلى جانب العديد من المواد الكيميائية الضارة الأخري. وأهم ما فى الأمر أن هذه المياه الغازية بكافة اشكالها وألوانها لايوجد بها أى مادة غذائية على الإطلاق.. لا شيء!!.. واقرأوا المكونات على العبوة..
وعلى عكس الاعتقاد الشائع، فإن المشروبات الغازية لا تساعد على الهضم، بل تؤدى حموضتها العالية إلى تثبيط عمل إنزيمات المعدة، مما يتسبب فى سوء الهضم وتخمر الطعام وبالتالى تكوين الغازات. أما الوجبات السريعة والأطعمة المعلبة، فغالبا ما تحضر باستخدام أسوأ أنواع الدهون، مثل زيت النخيل والزيوت المهدرجة، والتى تؤدى إلى العديد من المشكلات الصحية الخطيرة.
أصدرت منظمة الصحة العالمية إرشادات واضحة تدعو الحكومات إلى تقييد بيع الأطعمة والمشروبات غير الصحية فى المدارس والمرافق العامة. وتشدد هذه التوصيات على ضرورة الحد من استهلاك السكريات والدهون المتحولة والصوديوم، مع تشجيع استهلاك الأطعمة الطازجة والمغذية.
وفى مصر، أصدر وزير التربية والتعليم عام 2014 قراراً وزارياً بمنع تداول هذه المشروبات والأطعمة غير الصحية فى المدارس، مع إلزام «الكانتين» فى المدرسة بتقديم خيارات صحية مثل الألبان ومنتجاتها، الفواكه، والمياه المعدنية. إلا أن هذا القرار لم يطبق فعليا فى معظم المدارس، سواء الحكومية أو الخاصة
ولقد أكد الخبراء خلال منتدى الصحة المدرسية، الذى عُقد فى فبراير الماضى فى القاهرة تحت رعاية وزارة الصحة والسكان، ومن بينهم قيادات المعهد القومى للتغذية، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة اليونيسيف ـ ضرورة إلزام المدارس بتطبيق الحظر على الأغذية والمشروبات الضارة بكل حزم.
وهنا يأتى دور أولياء الأمور فى إثارة هذا الموضوع مع إدارات المدارس، والمطالبة بتطبيق القرار الوزارى وتوصيات منظمة الصحة العالمية. أو يقوموا هم بتجهيز ما يلزم أولادهم من مأكولات أو مشروبات لتناولها فى المدرسة.. والتأكيد عليهم بعدم تناول أى شيء من الكانتين..
من أجل صحة أبنائنا، يجب أن نتحرك اليوم قبل الغد لضمان بيئة مدرسية صحية تساهم فى تنشئة جيل قوى وسليم، بعيداً عن الأمراض والمخاطر الصحية فى الحاضر والمستقبل.