أى تحدٍ أو تهديد يمكن مجابهته.. طالما أن الدولة آمنة ومستقرة.. هذه العبارة تمثل رؤية إستراتيجية.. وخارطة طريق للحفاظ على الأوطان ونموها وتقدمها ووجودها.. فالقابض على الأمن والاستقرار فى هذا العصر الذى يشهد اضطرابات وصراعات وفوضى ومؤامرات وحروباً وأزمات كالقابض على الجمر.. لكن يظل الوعى الحقيقى هو الضمان الرئيسى لتحقيق الاصطفاف والاستقرار وهو صمام الأمان.. لذلك فإن ما قاله الرئيس السيسى على مدار السنوات الماضية يعد طوق النجاة للأوطان والشعوب.
ثمة مبادئ وقيم وثوابت مصرية ترسخت على مدار الـ10 سنوات الأخيرة.. تحكم سياساتها وعلاقاتها مع العالم.. ومحيطها الإقليمى فى كافة المواقف.. لم تتنازل أو تفرط يوماً فى هذه المبادئ.. ولم تتغير حسب المكان والزمان.. لذلك مجموعة الثوابت المصرية تشكل عقيدة ثابتة لا تتزحزح.. ترى فيها مظاهر كثيرة مثل الشرف والصدق.. والدعوة إلى البناء والتنمية والتعمير والسلام والحوار والتفاوض.. كل ذلك يرتكز على قوة وقدرة فائقة للدولة المصرية.. تأتى عن قوة وثقة فى النفس وليس ضعفاً واستكانة على الإطلاق، فهى ان فعلت استطاعت وقدرت وإذا رسمت «خطوطاً حمراء» فهى قادرة على حمايتها.. فلا يجرؤ أى من كان على عبورها وتجاوزها.. لكن مصر اتخذت من الحكمة والصبر الإستراتيجى والرهان على السلام والبناء والتنمية والتعمير والتعاون أسساً لعلاقات دولية قوية.. تدفع إلى المستقبل وإلى المصالح المشتركة وتحقيق غايات وآمال وتطلعات الأوطان وشعوبها بدلا من إهدار الوقت و الموارد والعودة إلى الخلف.
يقيناً.. جاءت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع الرئيس الصومالى حسن شيخ محمود.. لتشكل وترسخ ملامح ومبادئ وأسس وثوابت ومواقف الدولة المصرية فى علاقاتها مع الجميع فى هذا العالم.. دون تغيير أو تعديل.. فالرئيس الصومالى حل على مصر ضيفاً وشقيقاً عزيزاً استجار بـ«مصر– السيسي» من محاولات الاعتداء على سيادة وطنه من خلال اتفاق «مذكرة تفاهم» غير شرعى بين إثيوبيا وأرض الصومال يمنح أديس أبابا ما لا تستحق فى حق استخدام واجهة بحرية بطول 20 كيلو متراً من أراضيها لمدة 50 عاماً بما يشكل مساساً بالسيادة الصومالية وانتهاكاً صارخاً لكافة المواثيق والقوانين الدولية بل وهو أمر يفاقم التوترات فى البحر الأحمر.. وهو الأمر الذى رفضته دولة الصومال الشقيقة واتخذت الإجراءات القانونية والدستورية بإلغاء هذا الاتفاق الباطل.
الرئيس عبدالفتاح السيسى أكد بشكل واضح ان مصر لن تسمح بتهديد الأشقاء فى الصومال أو الاعتداء على سيادته.. وترفض التدخل فى شئونه والمساس باستقلاله وسيادته.. وكان يمكن لإثيوبيا ان تحصل على تسهيلات مع الأشقاء فى الصومال أو جيبوتى أو إريتريا وهو أمر متاح ولكن بالطرق التقليدية المشروعة.. لتستفيد من الموانئ الموجودة فى هذه الدول وهو أمر لا يرفضه أحد.. لكن محاولة القفز على أى أرض من الأراضى حتى تستطيع السيطرة على تلك الأراضى بشكل أو بآخر مثل الاتفاق مع أرض الصومال بالتأكيد لا يوجد أحد يوافق على ذلك.
الحقيقة ان كلمات الرئيس السيسى خلال المؤتمر الصحفى غزيرة الرسائل.. تؤكد على مبادئ وثوابت مصرية.. فى تحقيقها صون للأمن والاستقرار وحماية للسلام.. وأساس للحفاظ على الأوطان.. وطريق لتحقيق البناء والتنمية والتعمير والتقدم ودرس من أحداث جاءت من الماضي.. لم تؤد إلا للخراب والدمار واستنزاف موارد وثروات الدول وتعطيل مشوارها نحو تحقيق قفزات تنموية تستطيع من خلالها أن تحقق آمال وتطلعات الشعوب فى حياة أفضل.. لذلك من المهم قراءة كلمة الرئيس السيسى للوقوف على ما جاء فيها من مبادئ مهمة وركائز داعمة للأمن والاستقرار فى ظل ما يحدث فى العالم والمنطقة من صراعات وتوترات واضطرابات وحروب وأطماع ومؤامرات ومخططات.. كان يمكن تجاوزها بالتفاوض والحوار وان تسلك الدول الطرق والأساليب المشروعة فى احترام الدول وسيادتها وعدم التدخل فى شئونها الداخلية.. واحترام حقوقها المشروعة من خلال الالتزام بالقوانين والأعراف والمواثيق الدولية.. أيضاً فيها رسالة مهمة لمصر وغيرها من الدول للحفاظ على الدول من خلال الحرص على تحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ عليه لأنه أساس النجاح والنمو والتقدم.
موقف مصر تجاه محاولات الاعتداء على سيادة الصومال الشقيق واضح منذ اللحظة الأولى لتوقيع مذكرة التفاهم بين (اقليم أرض الصومال وإثيوبيا) حيث أعلنت القاهرة رفضها بشكل حاسم لهذا الاتفاق.. فالرئيس السيسى أكد ان الصومال دولة عربية لها حقوق طبقاً لميثاق الجامعة العربية فى ميثاق الدفاع المشترك لأى تهديد لها وان مصر لن تسمح بتهديد الصومال أو المساس بأمنها مؤكداً «محدش يجرب مصر» ويحاول أن يهدد أشقاءها خاصة ولو أن أشقاءها طلبوا منها الوقوف معهم.. وأيضاً بيان الخارجية المصرية عبر وجسد موقف مصر الواضح والقاطع.. حيث حذر وزير الخارجية سامح شكرى من مغبة ما وصفه بالسياسات الأحادية لإثيوبيا التى باتت مصدراً لبث الاضطرابات فى محيطها الإقليمي.
الحقيقة ان هناك رسائل غاية فى الأهمية فى كلمة الرئيس السيسى خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع الرئيس الصومالي.. تعكس سياسات مصر ومبادئها.. وأيضاً قوتها وقدرتها وثقتها فى النفس.. وهذه من شيم الأقوياء الذين لا يفضلون الصراخ والتهديد والوعيد.. ولكن العقل والعمل والمواقف الحازمة.. لذلك أتوقف عند رسائل مهمة للغاية.. لا تعنى مصر وحدها.. ولكن تتعلق بكافة الدول الباحثة عن الأمن والاستقرار والبناء والتنمية.. ولذلك أضع مجموعة من النقاط المهمة من كلمة الرئيس السيسى كالتالي:
أولاً: الرئيس السيسى أكد انه طالما ان الدولة آمنة ومستقرة تستطيع أن تجابه أى تهديد وتحد.. لذلك فإن مصر تعلى من شأن الأمن والاستقرار وتعتبره صمام الأمان للحفاظ على الدول.. وأيضاً تقدمها ونجاح البناء والتنمية والتعمير ومراراً وتكراراً الرئيس السيسى يؤكد على مقولة «خلوا بالكم من أوطانكم» فالشعوب الواعية المدركة لا تفرط أبداً فى أمن واستقرار واصطفاف الأوطان.. خاصة ان تدمير الدول فى هذا العصر يتم من الداخل من خلال تزييف وعى الشعوب.. لذلك فإن بناء الوعى الحقيقى هو صمام الأمان لإفساد واجهاض مخططات التدمير والإسقاط كما جرى فى العقود الثلاثة الأخيرة.. وتحول الدول التى كانت آمنة ومستقرة إلى أشباه دول.. لذلك يؤكد الرئيس ان أى مشكلة أو تهديد طالما ان هناك أمناً واستقراراً تستطيع الدولة مجابهته والتصدى له.. وتحقيق معدلات نمو وبناء وتنمية واستثمار حقيقى فى الموارد والثروات بما يحقق صالح الشعوب وقوة الأوطان.
لا يغيب أبداً عن عقولنا.. ما قاله الرئيس السيسى «نحن قادرون بعون الله على مجابهة أى تهديد خارجي.. المهم ان نبقى على قلب رجل واحد.. مشيرا بقبضة يده فى تجسيد حقيقى على الاتحاد والاصطفاف والتلاحم».. ولطالما قال الرئيس السيسى إن القيادة والحكومة وحدها لا تستطيع مجابهة كل هذه التحديات.. ولكن «تلاحم القيادة والحكومة والشعب» يستطيع عبور كافة التحديات.
مصر لديها قناعة وإيمان عميق ان الأمن والاستقرار وتغليب لغة العقل والحوار والابتعاد عن الصراعات والتوترات والحروب والنزاعات يؤدى إلى تنامى عملية البناء والتنمية والتعمير.. ويحقق التقدم ويحافظ على الموارد والثروات.. وطريق الصراعات والحروب يستنزف هذه الموارد ويضيع الوقت ويهدر الامكانيات والثروات.. وضرب الرئيس السيسى بالأمس مثلاً فيما شهدته الصومال الشقيقة منذ 1991 من مشاكل وأزمات استمرت 30 عاماً.. عصفت بقدراتها وبحجم الاقتصاد الصومالى الذى يبلغ 7 مليارات دولار وتعداد سكانها نحو 25 مليون نسمة.. ولنا أن نتخيل انه منذ عام 1990 وحتى اليوم كان الاقتصاد الصومالى يزيد وينمو بمعدل مليار دولار سنوياً.. فكم كان سيكون رقم اقتصادها الآن.. كل هذه مقدرات تم إهدارها على الشعب الصومالى الشقيق.. وتبدأ من جديد فى البناء والتنمية والتعمير.. لذلك فإن الحقيقة الراسخة.. ان غياب الأمن والاستقرار هو السبب الرئيسى للدمار والخراب والتأخر عن ركب البناء والتنمية وتضييع وإهدار فرص التقدم على الشعوب.. لذلك على الشعوب ان تحافظ على أمنها واستقرارها وتقبض على الجمر.. لأن الأمن والاستقرار هما قضية وجود وحياة.
ثانياً: مصر اختارت طريق البناء والتنمية والتعمير والسلام.. عن قوة وقدرة وثقة فى النفس.. وتعلى من شأن الحوار والتفاوض وتدعو الدول إلى التعاون والاحترام المتبادل واحترام السيادة والقوانين والشرعية الدولية وعدم التدخل فى شئون الآخرين.. وتؤمن ان القوة الحكيمة تحمى السلام وتمنع العدوان وانه لا مكان للضعفاء فى ظل عالم يأكل القوى فيه الضعيف.. فالرئيس السيسى طبق إستراتيجية وطنية ترتكز على مقولة (العفى محدش يقدر يأكل لقمته).. ولذلك فإن رؤية وحكمة وإرادة واستشراف المستقبل لدى الرئيس السيسى هو ما حافظ على مصر وأمنها واستقرارها ووحدة وسلامة أراضيها.. ونجاتها وعبورها للمخططات والمؤامرات.. لذلك عظم من الاستثمار فى بناء القوة والقدرة والردع وهى قوة رشيدة وحكيمة تحمى وتصون وتدافع ولا تعتدى على أحد.. وترتكز على الصبر الإستراتيجى وتقديرات موقف وثقة وثبات وهدوء وعدم اندفاع أو تهور أو مغامرات.. فالجميع بلا شك يدرك ويعلم قوة وقدرة مصر.. وهذا تجسيد حقيقى لقوة الردع.. ومن المؤكد انه لولا رؤية الرئيس السيسى فى بناء القوة والقدرة لنالت المخططات والمؤامرات من مصر.. فهى تعيش فى محيط مضطرب ومنطقة تموج بالصراعات والحروب والحرائق المشتعلة.. وجوار يشهد تهديدات ومخاطر مباشرة على أمننا القومي.. ناهيك عن مخططات ومؤامرات تستهدف مصر وما أنجزته من نجاحات غير مسبوقة على طريق القوة والقدرة والتقدم.. وبالتالى لولا رؤية الرئيس السيسى لضاعت مصر– لا قدر الله– خاصة أنها هى الهدف و«الجائزة الكبري» وهى المطلوبة من قوى الشر.
والحقيقة ان الرئيس السيسى منذ أن تولى أمانة المسئولية الوطنية فى قيادة مصر نجح باقتدار فى إعادة التوازن لموازين القوة فى المنطقة التى شهدت خلال عقود ما قبل الرئيس السيسى خللاً إستراتيجياً.. تسبب فى حالة الفوضى والاضطرابات وتنامى المؤامرات والتهديدات.. لكن الرئيس السيسى مكن مصر من القوة والقدرة الفائقة والمنظومة وأتاح لمصر أيضاً التفوق الإستراتيجى الرشيد.. وبالتالى حمى خياراتها الإستراتيجية.. وقدسية قرارها المستقل ولكن كل ذلك يدار برؤية وحكمة وإلمام كامل.. بما تفكر فيه قوى الشر لعقود قادمة.. لذلك مصر فى حالة جاهزية لدرء المخاطر والتهديدات وأيضاً الدفاع عن أمنها القومى بل وجودها.. وما يزيد من قوة وقدرة الدولة المصرية أنها فى حالة وعى حقيقى متوهج وأيضاً فى حالة اصطفاف وطنى غير مسبوق.. فالمصريون يدركون جيداً ما يحاك بوطنهم.. لذلك فإن ثقتهم فى قيادتهم السياسية لا حدود لها على الإطلاق.. وهنا يكمن سر أسرار القوة والقدرة والأمن والاستقرار فى مصر.. دولة قوية وشعب على قلب رجل واحد وقيادة وطنية تتمتع بأعلى درجات الحكمة والرؤية.
ثالثاً: دعوة مصر للأمن والاستقرار والسلام لا تنطلق عن ضعف أو هوان على الإطلاق فالجميع يعرف ويعلم قوة وقدرة مصر لكنها قناعات ومبادئ راسخة وثوابت شريفة ولعل قوة وقدرة مصر التى يدركها الجميع حالت دون استهداف مصر أو نجاح المؤامرات والمخططات فى النيل منها.. لكنها ترى ان الحوار أفضل من التهديد أو المساس بأمن واستقلال الدول.. فطريق التعاون والتفاوض والالتزام بالقوانين والشرعية الدولية نستطيع من خلالها تحقيق أهداف ومنافع متبادلة بدلاً من السير فى طرق وأساليب غير شرعية.. والقفز على أراضى الدول وانتهاك سيادتها والاضرار بمصالحها.. لذلك كان لإثيوبيا ان تحصل على ما يحقق مصالحها ولكن بالطرق التقليدية المشروعة التى لا تتعارض مع سيادة الدول أو القوانين الدولية.. لذلك فإن مصر لم ولن تسمح بتهديد الأشقاء فى الصومال أو انتهاك سيادتهم.. ومصر عندما تعلن ذلك بوضوح فهى قادرة ولطالما حذرت من خطورة التوجهات الأحادية غير المستندة إلى القوانين الدولية وهى أهم أسباب توترات وصراعات المنطقة التى لا تحتمل المزيد من الصراعات والحرائق والحروب.. ومصر ترى ان الطريق المشروع ودرب التعاون والبناء والتنمية والتعمير والمصالح المشتركة والاحترام المبتادل وتبادل المنافع والمصالح هو ما يحقق السلام والأمن والاستقرار لكافة دول المنطقة.
رابعاً: مصر عندما تقول «محدش يجرب مصر» فإن الجميع يدرك تماماً ان مصر عندما تحذر فهى قادرة فليست المرة الأولى التى يؤكد فيها الرئيس السيسى «محدش يجرب مصر» بل قال كثيرا «اللى عاوز يجرب يجرب» ومحدش يقدر ولن يحدث.. ولا يليق بنا ان نقلق.. لكن مصر ورغم قوتها وقدرتها.. لديها صبر النبلاء وثقة الفرسان فـ(الخط الأحمر) فى الاتجاه الإستراتيجى الغربى مازال حياً و(الخط الأحمر) لحقوق مصر المائية و(الخط الأحمر) فى محاولات تهجير الفلسطينيين قسرياً أو توطينهم فى سيناء على حساب أمننا القومى لا تهاون ولا تفريط فى حمايته.. لا ينساه الجميع.. ولم تجرؤ أى قوة على اجتيازه.. القوى هو من يقول ويفعل.. ويعلن ويحمى لكنها القوة الرشيدة والحكيمة.. المرتكزة على المبادئ والشرف.. والتى تحمى وتصون ولا تعتدى على أحد ولا تتجاوز القوانين والأعراف والمواثيق والشرعية الدولية.. فهذا فارق كبير بين الحق والباطل ومصر دولة شريفة تحمى حقوقها المشروعة.. وتساند وتدعم حقوق الآخرين المشروعة من الأشقاء.
لم تضبط مصر يوماً بالتدخل فى شئون الدول الأخرى أو الاعتداء على سيادتها.. أو مخالفة القوانين والمواثيق والشرعية الدولية وخيارها هو التعاون والبناء والتنمية والتعمير.. بما يحقق صالح الدول والشعوب ومصر لن تسمح بتهديد الأشقاء فى الصومال أو التدخل فى شئونه أو المساس باستقلاله وسيادته ووحدة أراضيه.. ومصر تقف إلى جوار الصومال وتؤمن (مصر– السيسي) بأن الأمن والاستقرار هما عصب وإكسير الحياة والبقاء والوجود والتقدم للدول وشعوبها.. فلا تفريط فيه.. لذلك المصريون يقفون صفاً واحداً من أجل الحفاظ على هذه النعمة التى مكنت مصر من تحقيق إنجازات غير مسبوقة وان تكون واحة الأمن والأمان والاستقرار فى منطقة مشتعلة ومضطربة.