لم تعد المؤامرة على مصر خفية، بل واضحة للعيان، حقيقة أمام الجميع، سواء فيما يدور فى المنطقة من إشعال للحرائق والصراعات حول مصر من كل اتجاه، بل فى البر والبحر، ناهيك عن محاولات للخنق والحصار والتضييق الاقتصادي، لذلك الوطن والمواطن المصرى هدف لقوى الشر، ورغم كل ذلك مصر لن تخضع ولن تركع ولن تتنازل أو تفرط فى مبادئها ومواقفها وثوابتها وقدسية أراضيها
يبدو أننا أمام مسرحية وتمثيلية تجرى فى المنطقة ليس الهدف منها التسلية أو الترفيه أو المتعة ولكن تحقيق وتنفيذ مخططات ومؤامرات وسيناريوهات ومشروعات مشبوهة لذلك نرى ونرصد لعبة توزيع وتقسيم الأدوار، والمؤامرة تجرى كما هو مخطط، حتى وإن زعمت أمريكا وإسرائيل أنهما على خلاف، فإذا كانت واشنطن جادة باستعادة أمن واستقرار المنطقة ومنع اندلاع حرب شاملة بدأت ملامحها تبدو فى الأفق فلماذا لم تصدر تعليماتها لإسرائيل بحسم بإيقاف إطلاق النار، ووقف التصعيد العسكرى وحرب الإبادة التى تشنها على الفلسطينيين فى غزة والضفة، والدليل أنها صوتت مرات على عدم إيقاف الحرب الإسرائيلية، وزعمت أن هذا الإيقاف يصب فى صالح حماس والمقاومة الفلسطينية، ولماذا كل هذا الدعم المطلق بالمال والسلاح لإسرائيل؟، ولماذا كل هذه المساندة فى الأمم المتحدة لإجرام جيش الاحتلال.. ولماذا كل هذه البوارج وحاملات الطائرات والغواصات والمعلومات الاستخباراتية والقاعدة الأمريكية فى إسرائيل ولماذا كل هذه الحشود الغربية فى المنطقة براً وبحراً هل لمجرد التصدى للمقاومة الفلسطينية التى تمتلك أسلحة أقل ما يقال عنها أنها لا تقارن بترسانة الأسلحة الفتاكة والمتطورة لدى جيش الاحتلال، ولماذا لا تعالج أسباب الصراع، وتوقفه بدلاً من التعامل مع أعراضه ونواتجه بدلاً من مزيد من التصعيد، وما هى حقيقة العلاقات بين القوى المشتبكة فى المنطقة، هل نحن أمام توزيع أدوار مع اختلاق توترات تبدو أمام الجميع، لكنها فى الحقيقة تنسيق، وعلاقات قوية، لتحقيق أهداف فى تدمير قوى بعينها فى المنطقة تقف حجر عثرة أمام المشروعات والمخططات المشبوهة فى محاولة لاستدراجها إلى مستنقع الاستنزاف والإسقاط وتدمير مشروعها الوطنى للبناء والتنمية، وزجها إلى حرب تتسبب فى العودة إلى سنوات ما قبل البناء والتنمية.
الحقيقة أن ما يحدث فى المنطقة، وارتباطه بالقوى الكبرى يمثل لغزاً ومعضلة، يسعى الجميع لفهمها واستيعابها، لكن الأمر الحقيقى أن مصر منتبهة تماماً لما يجرى وأسبابه وأهدافه، وحقيقة العلاقات والصراعات المصطنعة، وما يحاك لها فى جنح الظلام والذى بدت حقيقته ساطعة الآن مثل الشمس لا يستطيع أحد إنكارها على الإطلاق.
هذا الاشتعال، والإشعال المتعمد فى المنطقة، أمر غير مسبوق، لكنه مقصود ومتعمد، فحجم الحرائق المحيطة بمصر فاق التوقعات، ولم يخطر على عقل أحد فكل ما هو حولنا فى حالة صراع وغليان، واقتتال وله ظلاله وتأثيراته علينا، لذلك فهو أمر ممنهج ومقصود، يتحرك «بريموت» قوى الشر، ناهيك عن حصار وخنق وتضييق اقتصادى مع سبق الإصرار والترصد، وشهد حرب تصنيفات اقتصادية من مؤسسات تبدو أنها محايدة وموضوعية، لكنها مدفوعة ومأمورة لإصدار هذه التقارير من أجل إحكام الحصار الاقتصادي، فى ممارسة حقيقية لألعاب الموت ومن ناحية أخرى إشعال جنوب البحر الأحمر، وباب المندب، وبالتالى تأثيرات سلبية على قناة السويس، ومحاولات حرمان مصر من موارد بالعملات الصعبة تزيد على الـ ٩ مليارات دولار سنوياً، كل ما يجرى ليس أمراً طبيعياً أو عادياً، أو يحمل الصدفة، والأقدار، فما يجرى تم تخليقه وتصنيعه وتدبيره وتخطيطه والهدف مصر التى تواجه مؤامرة مكتملة الأركان لا ينكرها إلا غبى وأعمى وغائب عن الواقع الذى نعيشه، فلم يسأل هؤلاء أنفسهم لماذا تهديد مصر، ولماذا كل هذه الصراعات من حولها، ولماذا كل هذا الاستهداف المروع، براً وبحراً، ولماذا كل هذا الحصار والضغوط الرهيبة التى تمارس علينا، ومحاولات الخنق الاقتصادي. ولماذا السودان وليبيا، وسوريا واليمن والصومال، والبحر الأحمر وباب المندب، وغزة، أو الحدود الشمالية الشرقية، ولماذا محاولات التعنت والابتزاز، ولماذا مخططات الإضرار بمصر عن عمد، والسعى لتقييد حركتها وتعطيل تقدمها.
من المهم أن يعلم ويدرك ويفهم المواطن المصرى حجم التحديات والتهديدات والمخططات والمؤامرات التى تواجه مصر، ولماذا هى بالذات خاصة أنها الدولة المتألقة والقوية والقادرة فى المنطقة والتى تتمسك بثوابتها الراسخة، ومواقفها الشريفة لذلك يعتبرونها، حجر العثرة الذى يقف أمام المخططات الشيطانية، ويمنع تنفيذها ويتصدى لتقسيم المنطقة والغنائم وإشاعة الفوضى والعنف والإسقاط.
هنا أسأل المواطن، هل ما يدور حولك من صراعات وحرائق، ومؤامرات واضطرابات يستهدف مصر تحديداً هو أمر طبيعى ألا تدرك أن القضية والمعركة وما يجرى هى حرب وجود وبقاء، وأننا أمام مفترق طرق ومصير، فمصر قلبت الطاولة فى وجه الجميع فى ٠٣ يونيو ٣١٠٢، ونجحت وعبرت المؤامرة، وأنقذت المنطقة، وانطلقت لتنفيذ أكبر مشروع وطنى فى تاريخها لتحقيق الحلم المصرى الذى تأخر عشرات العقود للوصول إلى التقدم والقوة والقدرة، ألم تفكر أيها المواطن، لماذا مصر بالذات، هى الهدف، والجائزة الكبري، ولماذا يحاربونها، ويحاولون إطباق وإحكام الحصار عليها، الأسباب كثيرة، أبرزها الآتي:
أولاً: إن مصر رفضت التفريط فى مبادئها وثوابتها الشريفة والراسخة، وتصدت للتصور الشيطانى والمشروع الخبيث بتصفية القضية الفلسطينية، وتهجير الفلسطينيين قسرياً داخل أو خارج أراضيهم، وتصدت بقوة وحسم لمخطط التوطين على حساب أراضيها، أو التنازل عن حبة رمل واحدة من سيناء، واعتبرت أن هذا الأمر، «أمن قومي»، لا يمكن التفريط فى حمايته مهما كلفها الأمر، وأن المساس بالأراضى المصرية «خط أحمر» لا يمكن تجاوزه، وأن الاقتراب منه قد يجر مصر إلى الحرب، وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أنه لن يحدث على الإطلاق.
ثانياً: رفضت مصر بشرف وشموخ كل الإغراءات التى عرضت عليها وهى غير مسبوقة من أجل التفريط فى مبادئها وثوابتها والتنازل عن جزء من أراضيها لتحقيق أوهام وأضغاث أحلام الكيان الصهيوني، فمصر تعتبر أن أرضها مقدسة مثل العرض، والكرامة وهذا الرفض القاطع والحاسم، والشرف العظيم فى توقيت تواجه فيه مصر تداعيات صعبة للأزمة الاقتصادية العالمية، لكن مصر الحرة لا تفرط فى أراضيها، ولديها قائد عظيم ابن هذه الأرض الطيبة، وطنى شريف ومخلص وقائد استثنائي، هو من قال «إما سيناء تبقى مصرية، أو نموت على أرضها» إذن ما يحدث من تضييق وحصار وخنق وتهديدات وضغوط يفسر لنا ما يحاك لمصر، وما يواجه الوطن من تحديات وتهديدات.
ثالثاً: ربما يسألنى أحد، إذا كانت قوى الشر تريد من مصر التنازل عن ثوابتها ومبادئها وأرضها، فلماذا لا يواجهونها بشن الحرب؟، أقول له مصر لديها جيش وطنى عظيم وقوى وقادر وعلى أعلى درجات الاستعداد والجاهزية والاحترافية أقوى جيوش المنطقة وأفريقيا وأحد الأقوى فى العالم، لكنه جيش شريف يحمى ويدافع ويصون أمن هذا الوطن ولا يعتدى أو يهاجم أحداً، مثال وقدوة للقوة الحكيمة والرشيدة ولا تستطيع قوى الشر أن تحارب دولة قوية وقادرة، لديها جيش وطنى محترف ويمتلك أدوات ومقومات النصر، وشعب على قلب رجل واحد، فى حالة اصطفاف وطنى غير مسبوق والتفاف حول قيادته السياسية وجيشه الوطني، فهنا يصبح الأمر بالنسبة لقوى الشر، مغامرة، لذلك لجأت قوى الشر إلى أساليب ومؤامرات ومخططات ومحاولات لجر مصر إلى مستنقع الاستنزاف من خلال إشعال كل ما حولها ومن جميع الاتجاهات بل وإشعال المنطقة وفتح الكثير من الجبهات فى المنطقة مثل السودان وليبيا، وسوريا ولبنان واليمن، وجنوب البحر الأحمر وباب المندب، ومحاولات سلب سيادة الصومال على أراضيها وموانيها وبث التوتر والصراع فى جميع ربوع المنطقة فالأيام الماضية حملت تصعيداً بين باكستان وإيران وتناول الاستهداف والضربات وهو ما ينذر بمخاطر جديدة، لكن فى ظنى أن الأمر انتهى أو سينتهى خلال أيام.
عندما تقرأ المشهد فى المنطقة، تجد نفسك أمام قوى بعينها تعمد إلى إشعال الشرق الأوسط، وتأجيج الصراعات، وإيقاظ النزاعات الكامنة، أو افتعال صراعات وأزمات فى البر والبحر، كل ذلك بطبيعة الحال له تأثيراته الصعبة على مصر، بما يؤكد أنها الهدف والمراد والمطلوب من هذه المؤامرة، ليس مصر وحدها ولكن أيضاً شعبها فى قلب الأهداف الشيطانية لذلك تحاول الضغط عليه اقتصادياً من خنق وحصار اقتصادي، وتقارير ممنهجة ومقصودة من خلال تصنيفات فى توقيت اشتعال المنطقة، فقوى الشر المكونة من دول كبرى هى من تهيمن أيضاً على جهات التمويل الدولية، والمنظمات والمؤسسات الاقتصادية، لذلك تستطيع أن تقرأ حجم الضغوط الذى يفرض على مصر ورغم ذلك أيضاً تقف شامخة متسلحة بوعى وفهم وصبر شعبها.
رابعاً: كلما تنامت وتعاظمت قوة وقدرة مصر الشاملة، شكلت خطراً داهماً على مشروعات ومخططات ومؤامرات قوى الشر التى لا تريد لمصر أن تقوى وتتقدم وأن تكون دائماً فى منطقة معينة ما بين «الغرق والحياة» مجرد الحياة دون تحقيق آمال وتطلعات من هنا نستطيع أن نفهم السياق التآمرى بشكل جيد، فمصر على مدار ٠١ سنوات حققت نجاحات وإنجازات غير مسبوقة على درب البناء والتنمية والتقدم يثبت إصلاحاً شاملاً حقق أهدافه وجنى الشعب ثماره، وباتت قاب قوسين أو أدنى للوصول إلى أهدافها الإستراتيجية فى تحقيق التقدم وسط تنبؤات وتوقعات بتبوؤ مصر مقعداً بارزاً ومتقدماً بين الدول الكبرى وحققت قفزات وطفرات وثابة وباتت تمتلك فرصاً غزيرة فى كافة المجالات والقطاعات ومقومات غير مسبوقة لجذب الاستثمارات العالمية، وتطور هائل فى مجال الموانئ والطاقة، وتطوير عصرى لقناة السويس وتوفر البيئة المثالية لنجاح الاستثمارات واستطاعت مصر تحقيق إنجازات كبيرة فى مجال الزراعة والصناعة والبنية التحتية لذلك أصيبت قوى الشر بالجنون وتحركت من أجل تعطيل هذه النجاحات الكبيرة فمصر تختلف عن أى دولة، والإنسان المصرى قادر على الإبداع والتقدم بما لديه من جينات حضارية يستطيع من خلالها أن يقود العالم.
السؤال المهم فى ظل هذا المشهد التآمرى الذى يستهدف الوطن والمواطن المصري، ما هو الحل وكيف نواجه هذه التحديات والتهديدات والمخططات؟، الإجابة آراها فى الآتي:
> الحفاظ على الاصطفاف الوطنى والالتفاف حول قيادة وطنية تاريخية واستثنائية قادرة بحكمة وشموخ على عبور كافة التحديات والتهديدات، وهذا الاصطفاف نستطيع الحفاظ عليه من خلال استكمال واستمرار بناء الوعى الحقيقى بالفهم الصحيح لما يحاك ويخطط لمصر، ويدار من أجل النيل منها.
> الثقة فى الوطن والقيادة وعدم الالتفات إلى حملات الأكاذيب والشائعات والتشكيك والتشويه وبث الإحباط واليأس فتلك هى حرب أخرى خطيرة تدار ضد العقول وتستهدف تزييف الوعى والوقيعة بين المواطن والوطن، وإحداث شروخات وانقسام فى الداخل، لذلك يجب أن نعى جيداً أهداف هذه الحملات الخبيثة والمتعانقة مع ما يجرى فى المنطقة ويستهدف مصر، وعدم الأخذ بما تبثه من أخبار مدسوسة وأكاذيب وشائعات، والحصول على الأخبار والحقائق من مصادرها الرسمية أو الإعلام المصرى الذى يتحدث من أرض الواقع بأعلى درجات المهنية والمصداقية.
> محاولات جادة وحثيثة من أجل التخفيف من آثار تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، أو عمليات الخنق والحصار الاقتصادى المقصودة من خلال دعم فكرة الحاجة أم الاختراع والاعتماد على أنفسنا فى تدبير احتياجاتنا بنسبة كبيرة، فالمصانع الكبرى بدأت تتجه إلى الاستعانة بالمصانع الصغرى لتوفير مكونات ومستلزمات الإنتاج بنسبة تصل إلى 65٪ لذلك لابد أن تدعم هذا التوجه بشكل أساسي، ونستطيع توفير مكونات ومستلزمات الصناعة والإنتاج بالاعتماد على المصانع الصغيرة غير المحسوسة، وأيضاً ادماج الاقتصاد غير الرسمي، هكذا فعلت الصين مع بداية تجربتها فى تعظيم دور الورش المختلفة فى توفير قطع ومكونات تدخل فى عملية التصنيع والإنتاج ويجب أن تكون لدينا قاعدة بيانات دقيقة بالمصانع الصغيرة والورش المختلفة الأكثر قدرة ويتم ربطها بالمصانع الكبرى بدلاً من استيراد هذه المكونات والقطع التى تدخل فى صناعات مختلفة وتوفر مليارات الدولارات التى تنفق على الاستيراد المهم أن تكون لدينا رؤية مرتكزة على إرادة، وأيضاً مصر أنجزت مجمعات صناعية متطورة فى العديد من المحافظات خلال الـ 10 سنوات الأخيرة تقريباً 4500 مصنع جديد فى 13 مجمعاً صناعياً، يمكن من خلال مبادرة «ابدأ» التى حققت نجاحاً كبيراً ربط هذه المجمعات بالمصانع وشركات الإنتاج الكبرى بل والاتفاق على ما هو مطلوب، ويمكن تطبيق مبدأ الحاجة أم الاختراع على الكثير من المجالات ونخرج من هذه التجربة بنتائج عظيمة وتوفير مليارات الدولارات وتحقيق طفرة صناعية كبري.
تحيا مصر