من أسوأ العبارات التى يمكن أن تقع على أذناي، كلمات تعكس أكبر قدر من السلبية والسطحية والحماقة أيضا، فعندما تقول لأحدهم ناصحا أو منبها او داعيا أو حتى مداعبا عن أمر ما قد تراه خطأ ويكون رده السريع و المباشر.
«مليش دعوة» وإذا ناقشته متحصنا بما قد يكون بينكما من ود او احترام يقول لك يا عم «أنا مالى خلينى فى حالي» وإذا كان لديك القدرة على مزيد من النقاش وشرحت له أهمية وضرورة أن نكون إيجابيين وان تلك العبارات السلبية لا ينبغى أن تسود، حينها ربما يقول لك «وانت كمان ملكش دعوة «، الغريب ان هذه العبارة تسود وتنتشر بين كافة فئات المجتمع وفى كل الطبقات ويتم الإفراط فى استخدامها فى العديد من المواقف والمناسبات دونما خجل، بيد أن هذه العبارات دليل على شيوع ثقافة السلبية فى المجتمع بشكل غير مبرر، فالمجتمع المصرى بحيويته وانطلاقه نحو استكمال مشروعاته الوطنية لابد وان يتسم بالإيجابية الفعالة وليست الإيجابية النظرية، وعلى سبيل التذكرة فهناك عدة ظواهر بدأت تزحف ببطء وتتسلل إلى نخاع المجتمع المصرى وتحاول أن تستقر فى ظل ما اعترى الاسرة المصرية من تغيرات وتحولات قد تهدد تماسكها التاريخى الذى تحاول الدولة جاهدة ومن خلال برامج تنموية متخصصة وهادفة للحفاظ عليه، من أهم الظواهر التى أراها جديرة بالاهتمام والبحث خوفا من انتشارها البطىء وهو اخطر أنواع الانتشار، فالإلحاد والشذوذ والعقوق والادمان والخروج على الآداب العامة واختفاء مظاهر الخجل واستبداله بالفجاجة واستباحة الحرام دون وازع من وخز الضمير وعدم الإيمان بفكرة العمل والعرق والإنجاز والنجاح والتفوق واستبداله بأفكار ضربات الحظ والتربح السريع والواسطة والمحسوبية، هذه الظواهر موجودة وقد نختلف على درجة وعمق وجودها لكننا نتفق على انها موجودة ما فى ذلك شك، لقد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعى فى إضعاف وتشويه العديد من القيم الاجتماعية المصرية، لكن اخطر ما تقدمه تلك الوسائل هو فتح الكاميرات لايف والحديث فى أى شيء وكل شيء دون أى اعتبارات للعلم أو المعرفة أو الصح والخطأ او حتى العيب والحرام، لكن ظاهرة ظهور بعض البنات والسيدات فى أوضاع لا تليق بالمرأة ولا الأسرة فى البث المباشر على بعض التطبيقات يمثل خطرا حقيقيا يحتاج وقفات مجتمعية حاسمة، وهناك ما يمكن ان نطلق عليه تسول رقمى وأعمال منافية للآداب رقمية وعمليات نصب وتوظيف أموال رقمية إلى آخر تلك الجرائم الجديدة الوافدة على مجتمعنا، هذا رصد عشوائى لبعض الظواهر السلبية، لكن الأمر لا يسىء للمجتمع المصرى الذى يظل رغم كل ما ذكرته أعلاه من افضل المجتمعات الشرقية احتراما للقيم الإنسانية والأخلاقيات الاسرية، لكن معظم النيران تأتى من مستصغر الشرر، ومن هنا أدعو الجهات المعنية خاصة مراكز البحوث المدنية والجنائية والاجتماعية والأسرية كى تقوم بدراسة اهم الظواهر المجتمعية السلبية منها والإيجابية ثم نضع الخطط الواقعية لمواجهة السلبى وتدعيم الإيجابي، الموضوع اخطر وأهم من ان أتناوله فى هذه الزاوية القصيرة ودمتم، القضية تحتاج اهتماماً جمعياً وجماعياً وعلى جميع المستويات دون ان نضع رؤسنا فى الرمال ودون ان نختبئ وراء أصابعنا.