لا يخفى على أحد حجم التحديات التى تواجه الحكومة الجديدة والتى بدأت تزاول عملها فور أداء اليمين الدستورية وسط مشاعر متضاربة من الرأى العام والذى يتسلل من خلاله على صفحات التواصل الإجتماعى تلك الخلايا الإخوانية التى تسعى للتشكيك فى أى إنجاز أو نجاح تحققه الدولة المصرية حتى قبل أن يتحقق وهو أسلوب الهدف منه إحداث نوع من التشكيك فى مصداقية وأهداف الحكومة الجديدة والتى من الواضح أن أعضاءها على علم بحجم التحديات التى سوف يتعرضون لها وايضاً على علم بأن الرأى العام لم يعد قاصراً على تقارير الأجهزة المعنية فقط بل إن الشارع المصرى وردود أفعاله تظهر فور صدور اى قرار أو تصرف حكومى معين سواء كانت بالرضا والتأييد أم بالسخط والانتقاد .
جاء بيان الحكومة الجديدة ليعطى لنا حالة من التفاؤل والأمل فى إمكانية التصدى للتحديات والأزمات التى تمر بها البلاد حالياً خاصة أن الدكتور/ مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء قد اكتسب من الخبرة ما يجعله ملماً بكافة الملفات التى تهم الشعب المصرى وايضاً بحجم التحديات التى تواجهه عند التعامل فى تلك الملفات بالشكل الحاسم والمأمول فإنه وضع العديد من المحاور التى سوف يتعامل معها خلال الفترة القادمة والتى تتسق مع توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى والتى جاءت محددة وواضحة فى خطاب تكليف الدكتور/ مدبولى بتشكيل الوزارة الجديدة.
حيث يأتى الملف الاقتصادى فى مقدمة المحاور التى سوف تعمل الحكومة على مواجهتها وهنا أرى أن وزراء المجموعة الإقتصادية الجدد يجب أن تكون لديهم آليات واضحة للتعامل معها خصوصاً فى تعزيز دور القطاع الخاص وتحسين مناخ الإستثمار وتعزيز الشفافية فى التعاملات الاقتصادية وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تعد عصب الإقتصاد والعمل على زيادة نسبة التصدير قياساً بما نستورده وهو الأمر الذى يتطلب العمل على تحقيق معادلات دقيقة تجمع بين توفير المتطلبات الأساسية للمواطن بجودة وسعر مناسب بالإضافة الى السيطرة على الأسعار وايضاً تحقيق قفزة كبيرة فى الإنتاج المحلى سواء لتحل محل الإستيراد أو من أجل تعظيم العائد من عمليات التصدير…ولدى قناعة أن المجموعة الإقتصادية الجديدة بما تضمه من طاقات وكفاءات قادرة على تحقيق المهام الملقاة على عاتقها .
وعلى صعيد متوازٍ يأتى الملف المتعلق بالكيان الإنسانى بمعنى آخر ملف بناء الإنسان وهو ما يوليه الرئيس أهمية كبيرة من خلال عشرات المبادرات التى تهدف الى تحسين مستوى المعيشة والإهتمام بكل ما يتعلق بالصحة والتعليم وهما من الملفات المهمة التى تتعلق بحياة المواطن ومن المؤكد أن الحكومة الجديدة سوف تبنى على المبادرات الرئاسية السابقة والاستفادة منها فى بناء منظومة الصحة والتأمين الصحى الشامل ورفع كفاءة المستشفيات العامة والمركزية كما يجب الإستفادة من التشريعات التى تم إقرارها مؤخراً والمرتبطة بهذا الملف المهم.
يأتى هذا فى الوقت الذى تحافظ فيه الدولة المصرية على أمنها القومى فى ضوء التحديات الإقليمية والدولية مع التركيز على مكافحة الإرهاب وضمان استمرار الحفاظ على أمن وإستقرار البلاد وهنا يجب الإشارة الى ملف العدوان الإسرائيلى على الأراضى الفلسطينية والذى تلعب فيه مصر دوراً مفصلياً كطرف موثوق فى المفاوضات بين كافة الأطراف عبر آلياتها الدبلوماسية وأجهزة الدولة المعنية ولا شك أن ما تضمنه بيان الحكومة حول تلك الجزئية كان واضحاً وحاسماً.
تضمن بيان الحكومة ايضاً الإشارة الى العديد من الملفات الأخرى والتى تتعلق ببناء مجتمع متكامل حيث تمثل العدالة الاجتماعية وما يترتب عليها هدفاً أساسياً لها وذلك لما سوف يترتب عليها من تحقيق أعلى درجات حقوق الإنسان والمواطنة والاندماج المجتمعى والاستفادة من القوانين التى تعالج تلك القضايا بالإضافة الى قوانين مكافحة العنف ضد المرأة وقانون الزواج المبكر وأعتقد أن الحكومة سوف تكون فى حاجة الى استصدار بعض التشريعات الخاصة بتوفير الحماية لكبار السن وتوسيع مظلة الحماية الإجتماعية وضم المزيد من المستفيدين من الأسر الأكثر احتياجاً وإتباع نهج الدول المتقدمة و المتمثل فى تقديم المزيد من البرامج التى تتسم بالطابع الحقوقى لضمان استدامة برامج الحماية الاجتماعية …كما أرى من خلال متابعة تصريحات الوزراء الجدد أن هناك توجهاً جديداً فى تناول الملفات التى تتولاها وزاراتهم مثل الاهتمام بالثقافة ونشرها بين القرى والنجوع وتفعيل أدوار قصور الثقافة وتعزيز دور المواطن فى صنع القرار وتجديد الخطاب الدينى وذلك لتعزيز مفاهيم المواطنة والسلام المجتمعى بهدف بناء جيل يتمتع بهوية وطنية راسخة ويكون المستهدف الرئيسى فيها هم شباب هذا الوطن.
أما عن السياحة فمن المؤكد أن الدولة سوف تهتم بها بحسبان أنها تمثل مورداً مهماً للاقتصاد المصرى ولا شك أن هناك نجاحات يشهدها قطاع السياحة بالفعل حالياً ليأتى دور وزيرها الجديد لاستكمال منظومة شهدت إرهاصات نجاح يجب الحفاظ عليه وتعظيمه من خلال استخدام مفاهيم ترويجية جديدة.
وفى قطاع الزراعة فإن اهتمام القيادة السياسية به سوف يلقى على عاتق الحكومة الجديدة مسئولية العمل على زيادة الرقعة الزراعية ودعم التصنيع الزراعى وإنشاء مجمعات صناعية للمنتجات الزراعية ورفع القيمة الاقتصادية المضافة للمحاصيل الزراعية والموارد المائية المستخدمة مع تعزيز دور البحث العلمى فى مجالات التطوير الزراعي.
إنها ملفات كثيرة و تحديات ثقيلة ولكن يحدونا الأمل فى أن تنجح الحكومة الجديدة فى تحقيق القدر الأكبر منها وإلى إحداث تغيير حقيقى فى البلاد نحن فى أشد الحاجة اليه ولكن لن يحدث هذا – من وجهة نظرى – إلا بالمشاركة الشعبية الحقيقية والمساندة الفعالة مع الحكومة التى نتمنى لها النجاح بإذن الله.