الجرائم السيبرانية من أبرز التحديات التي تواجه العالم الرقمي في عصرنا الحالي، مع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا والإنترنت في جميع جوانب حياتنا، تزداد أيضاً فرص ارتكاب الجرائم الإلكترونية وتنوعها.
والجرائم السيبرانية هي أي نشاط غير قانوني يتم ارتكابه باستخدام الأجهزة الإلكترونية أو شبكات الاتصالات، مثل عمليات النصب والخداع عبر الإنترنت، والقرصنة وسرقة البيانات، والابتزاز الإلكتروني، والتحرش الإلكتروني، وغيرها.
فعلى الرغم من أهمية استخدام التكنولوجيا والفوائد المترتبة عليها، فإنها يقابلها العديد من التحديات التي تتعلق بحفظ الخصوصية، والبيانات المزيفة؛ حيث فرضت هذه التقنيات تحديات جديدة تتعلق بالأمان والخصوصية والمصداقية.
ويتطلب الأمر تحديد وتطوير استراتيجيات مبتكرة لمواجهة هذه التحديات بشكل فعّال، سواء عبر تطوير تقنيات الكشف عن التزييف أو تعزيز الوعي الجماهيري بمخاطره، في نهاية المطاف، يبقى التوازن بين التقدم التكنولوجي والحفاظ على الأمان والنزاهة واحدًا من أهم التحديات التي تواجهنا في العصر الرقمى.
لذا، أقرت لجنة الأمم المتحدة المختصة بالتفاوض أول معاهدة لمكافحة الجرائم السيبرانية، هي أول نص من نوعه تقره المنظمة الدولية، رغم معارضة شديدة من نشطاء حقوق الإنسان الذين حذروا من مخاطر محتملة تتصل بالرقابة، تمهيدًا لتقديمه للجمعية العامة للأمم المتحدة لاعتماده، في خطوة تاريخية تأتي في ظل التطورات غير المسبوقة التي يشهدها العالم في تكنولوجيا المعلومات، وتزايد استخدام هذه الأدوات للأغراض الإجرامية والإرهابية.
وستدخل المعاهدة الجديدة حيز التنفيذ بمجرد أن تصادق عليها 40 دولة عضو، وهي تهدف إلى “منع ومكافحة الجرائم السيبرانية بشكل أكثر كفاءة وفعالية”، ولا سيما فيما يتعلق بصور الاعتداء الجنسي على الأطفال وغسل الأموال.
ونجحت اللجنة – والتي ضمت ممثلي كافة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة – في التوصل إلى اتفاق بعد ثلاثة أعوام من المفاوضات المكثفة، مما يساعد الدول وخاصة الدول النامية على مواجهة هذا التهديد الخطير والمتصاعد، من خلال تيسير التعاون القضائي وتبادل الأدلة الإلكترونية بين الدول، فضلاً عن تقديم المساعدات الفنية وبناء القدرات ونقل التكنولوجيا.
في الختام، مكافحة الجرائم السيبرانية تتطلب تضافر جهود الأفراد والمؤسسات والحكومات، من خلال اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة والتعاون معاً، يمكننا حماية عالمنا الرقمي وبناء مستقبل أكثر أمانًا.