تكاد تكون أول مرة اقوم فيها بنشر حديث صحفي.. ولكنه فى الواقع ليس حديثا صحفيا
بل دعونى أوضح بدقة أكثر انه ليس مجرد حديث!!! ولم يكن مرتبا له اطلاقا!!
بل كانت مقابلة أو اجتماع بمحض الصدفة لمناقشة أمر من أمور العمل.. ولكن خلال هذه المقابلة.. رزقنا الله فيها بحكيم هو ليس مجرد حكيم، بقدر ما هو انسان.. وخرجت من هذه المقابلة التى لا يمكن أن تكفيها أبدا مقالة واحدة بدرس كبير جدااا:-
«وإن للحكمة أناساً، يرزقهم الله بنعمة القلب، كى ينيروا الأمل ما دامت الحياة»… الأستاذ محمود بكري– حفظه الله– لم يكن مجرد محام أو شاب.. ولكنه فقيه، متأثر بشدة بتراث الاجداد، بعشق التاريخ، بقيمة الفقه، بفضل تماسك العائلات وصلة الارحام..
أى أعادنا إلى قيم، بات مجتمعنا ان ينساها وسط زحام السوشيال ميديا المرعب!!
قيم إنسانية توارثها المصريون عن أجدادنا أهل مصر الطيبين.. من قبلى وبحري، من الريف المصرى الجميل، للصعيد ذو أهل الشهامة والشرف والكرم ولاد البلد الجدعان لأهل الحضر بحماستهم واشراقهم وحبهم للحياة، الذين يعطون بدون مقابل ويكرمون دون أخذ ويقدمون أرواحهم فداء لوطنهم وأهلهم ولله قبل كل شيء..
قال لى حكمة جميلة ولعلها كانت أيضا درسا كبيرا فى منهج كلية الحقوق، كلية الحكماء.. وأنا بصفتى طبيبة، استشعرت قيمة التكامل فلا يمكن ان يعيش الطبيب دون حكمة.. فالطبيب حكيم بالاساس…
قال: «لابد للحق من قوة تحميه»!!
ولكن أتبعها بقوله: «من أراد عزا بباطل، أورثه الله ذلا بحق»!!! جملتان بميزان الذهب… وكان متأثرا بشدة بجده –رحمه الله– ولعل هذا النموذج الطيب يؤكد أهمية ارتباط الشباب بعوائلهم وأجدادهم، فلديهم من الحكمة والحكم ما يكفينا عن الزمن!! وللكلمة لديهم وزن كبير بميزان والله اغلى من الالماس!!
دعونا أعزائى نتأمل أول جملة :- «لابد للحق من قوة تحميه» أتعلمون أين القوة الحقيقية؟!!
هى ليست فقط على القوة المادية التى نعرفها جميعا، بل ولنلقى نظرة إلى القوة المعنوية التى قد أظن انها أقوى وأولى وأكثر تأثيرا…
القوة فى الله، فى الصبر، فى الضمير، فى الثبات والمثابرة والكفاح، فى الإرادة، فى الصلابة فى الشرف، فى الطهارة.. فى الايجابية لا فى استغلال نعم الله التى وهبها اياك كى تسلب حقوق الغير وتظلمهم.. القوة فى ان يسامح المظلوم ويفوض أمره لله ولا ينتقم فى أن يعالج المجروح آلامه بالصفح.
القوة فى العمل الصالح ودرء المفاسد والدفع بالتى هى أحسن والمبادرة بحسن الظن والحسني..
القوة فى الله لا فى استعباد العباد أو تأليههم.. فنحن لله ومن الله وإلى الله..
وان نحول طاقة الغضب التى بداخلنا عندما تسلب حقوقنا إلى صفح، فالصفح يجعل القلب يصفى والعقل ينير لتأخذ حقك بحرفة..
ولكن على نفس الكفة يجب ان ننتبه جيدا لمسمى وتعريف الحق.. فالحق هو ما يريده الله لصالح البشرية ولصالح نفسك الطيبة، حتى لو ظننت انه قد يكون ذلا لك!!
فما هو ملك غيرك– بمشيئة الله– لا يمكن أن تسلبه تحت ستار الحق، رغبة منك فى طمع أو جشع أو غيرة!!
لانك وان سلبته وان اقنعك شيطانك بأنك انتصرت فأنت فى قمة «العاااار» يا صديقي… انتبه… فالحياة فانية وما باقى غير وجه الله ثم عطر سيرتك التى ستتركها عملا صادقا لك فى الدنيا ونورا لبصيرتك فى الآخرة.. (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا، أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (22- سورة النور).