أكد الشيخ مصطفى يوسف سباهيتش مفتى صربيا أن العلاقات المصرية مع بلاده ممتدة منذ قرن لكن خطوات التقارب بين البلدين ازدادت خلال فترة الرئيسين جمال عبدالناصر وجوزيف تيتو.. مؤكدا فى حواره مع «الجمهورية» أن الازهر ساهم فى حفظ التراث الإسلامي، فضلا عن دوره فى نشر الوعى الديني، ومكافحة الأفكار المتطرفة والتشدد، وتعزيز قيم التسامح والاعتدال.. معلناً أن التطرف أبرز تحديات العالم الإسلامى إضافة إلى تحديات اقتصادية وفكرية ومذهبية.
> كيف ترى تاريخ العلاقات بين مصر وصربيا؟
>> تتميز العلاقات بين مصر وصربيا بتاريخ طويل من التعاون والاحترام المتبادل، يعود إلى أكثر من قرن، وهذه العلاقة شهدت مراحل عديدة من التطور والتعزيز، بدءًا من إقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين فى مطلع القرن العشرين، ولعل أبرز محطات العلاقات المصرية الصربية قد شهدها عهد الراحلين الرئيسين جمال عبدالناصر وجوزيف تيتو، حيث شهدت العلاقات بين البلدين ازدهارًا كبيرًا فى فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، تزامنًا مع صعود حركة عدم الانحياز، وهذه الروابط الوثيقة بينهما أسست تعاونا وثيقا بين البلدين فى مختلف المجالات وهذه العلاقات ممتدة الآن وتزداد توطيد فى ظل رؤية مصر حالياً لتوسيع علاقاتها وكذلك انفتاحها على الجميع وحرصها على الحوار مع كل الثقافات .
> ماذا عن دور الأزهر الشريف فى العالم الإسلامي؟
>> الأزهر الشريف أحد أهم المؤسسات الدينية والعلمية فى العالم الإسلامي، وله دور محورى فى الحفاظ على الهوية الإسلامية ونشر تعاليم الإسلام السمحة، وتكمن أهمية هذا الدور فى كونه مرجعية دينية معتبرة للمسلمين فى جميع أنحاء العالم، حيث يستفتى العلماء بالأزهر فى المسائل الشرعية والفقهية، ويعتمدون على فتواهم فى حل المشكلات الدينية، إضافة إلى أن الازهر ساهم فى حفظ التراث الإسلامى ونقله للأجيال القادمة من خلال الدراسات والبحوث التى يجريها العلماء والأكاديميون فى الأزهر، فضلا عن دوره فى نشر الوعى الدينى حيث يعمل الأزهر على نشر الوعى الدينى الصحيح بين المسلمين، ومكافحة الأفكار المتطرفة والتشدد، وتعزيز قيم التسامح والاعتدال، إضافة الى تقديم الأزهر برامجه التعليمية فى مختلف المستويات، ابتداءً من التعليم الابتدائى وحتى الدراسات العليا، مما يساهم فى تخريج أجيال من العلماء والفقهاء، إلى جانب عنايته بتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، ونشر قيم التعايش السلمى بين مختلف الشعوب، الدفاع عن قضايا الأمة الإسلامية.
> هل تؤدى دار الإفتاء المصرية فى دورها باعتبارها بيت خبرة فى إصدار الفتاوى وتأهيل المتصدرين لها؟
>> الإفتاء المصرية، من أهم المرجعيات الدينية فى العالم الإسلامي، حيث تعتمد على منهجية علمية دقيقة فى إصدار فتواها، استنادًا إلى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وإجماع العلماء وقواعد الفقه الإسلامي، إضافة إلى تميزها بالوسطية والاعتدال ومواجهة الأفكار المتطرفة والتشدد، والتجديد والتحديث ومواكبة التطورات العلمية والمعرفية وحفظ الوحدة الإسلامية، وتقديم برامج تعليمية افتائية تواكب روح العصر وتساعد المتصدرين للفتوى على تقديم خطاب افتائى رصين، ورصيد من الفتاوى التى تناسب قضايا العصر، فضلا عن عنايتها بالوصول إلى الجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعى وغيرها من الوسائل الحديثة للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من الناس، وتقديم إجابات عن أسئلتهم واستفساراتهم.
> ما أبرز التحديات التى تواجه الوحدة الإسلامية فى عصرنا الحالي؟
>> التحديات التى تواجه الوحدة الإسلامية كثيرة ومتشعبة، ولكن أبرزها انتشار الأفكار المتطرفة والعنف باسم الدين، والتدخلات الخارجية فى شئون الدول الإسلامية، والاختلافات المذهبية والعرقية، إضافة إلى التحديات الاقتصادية والاجتماعية التى تواجه العديد من الدول الإسلامية.
> كيف يمكن للمسلمين التغلب على هذه الانقسامات والتوحد صفاً واحداً؟
>> إن تحقيق الوحدة الإسلامية يتطلب جهوداً مشتركة من الجميع، يجب علينا التركيز على القواسم المشتركة بيننا، والعمل على تعزيز الحوار والتفاهم بين مختلف المذاهب والطوائف، كما يجب علينا مكافحة الأفكار المتطرفة والتشدد، ونشر ثقافة التسامح والاعتدال، ولا ننسى أهمية دور العلماء والمثقفين فى توجيه الرأى العام ونشر الوعى الدينى الصحيح.
> دور الأزهر الشريف فى مواجهة هذه التحديات؟
>> الأزهر الشريف له دور محورى فى الحفاظ على الوحدة الإسلامية، حيث يمثل مرجعية دينية معتبرة لمسلمى العالم، وهو قادر على تقديم رؤية متوازنة ومتسامحة للإسلام، كما أن الأزهر يضطلع بدور مهم فى مكافحة التطرف والإرهاب، ونشر ثقافة الاعتدال والتسامح.
> برأيك ما أهم السمات التى يجب أن يتضمنها الخطاب الديني؟
>> الخطاب الدينى المعاصر يجب أن يكون عقلانياً ومتسامحاً، وأن يواكب التطورات العلمية والمعرفية، كما يجب أن يركز على قيم الإسلام السمحة، مثل الرحمة والعدل والتسامح، وأن يبين أن الإسلام دين سلام ورحمة للعالمين، كما يجب أن يكون قادراً على مخاطبة الشباب بلغة العصر، وأن يواجه التحديات التى تواجههم.
> كيف يمكن تعزيز التعاون بين المؤسسات الدينية على المستوى الدولي؟
>> تعزيز التعاون بين المؤسسات الدينية على المستوى الدولى أمر ضرورى لمواجهة التحديات المشتركة التى تواجه العالم الإسلامي، يمكن تحقيق ذلك من خلال عقد المؤتمرات والندوات الدينية، وتبادل الزيارات بين العلماء والمثقفين، وتكوين شبكات للتعاون بين المؤسسات الدينية، كما يجب علينا العمل على تطوير مناهج التعليم الديني، بحيث تشجع على الحوار والتفاهم بين الأديان والثقافات المختلفة.
> ماذا يفعل مسلمو الغرب المحافظة على هويتهم الدينية فى ظل التحديات التى يواجهونها؟
>> هناك بعض الإستراتيجيات التى يمكن للمسلمين الغربيين اتباعها للحفاظ على هويتهم الدينية أهمها التعليم الديني، والتواصل مع الجالية المسلمة، الحوار مع الآخر، والتوازن بين الهوية الدينية والثقافة الغربية.
> ما دور الإعلام فى تشكيل الرأى العام حول الإسلام والمسلمين؟
>> للإعلام دور بالغ الأهمية فى تشكيل الرأى العام حول الإسلام والمسلمين، سواء كان هذا الدور إيجابياً أو سلبياً، فالإعلام هو النافذة التى من خلالها يتعرف الناس على الثقافات والأديان المختلفة، بما فيها الإسلام، وبالتالي، فإن الطريقة التى يقدم بها الإعلام صورة الإسلام والمسلمين تؤثر بشكل كبير على نظرة الناس إليهم من خلال نشر الصورة الصحيحة عن الإسلام ونبذ التطرف بكل أشكاله.
> متى نكون حققنا رسالتنا فى تربية الشباب؟
>> إذا استطعنا تربية الشباب على مبادئ التسامح والرحمة والعدل، والإيمان بالأوطان من جهة البناء والإعمار وأن يصبحوا جزءاً من الحل، وليس جزءاً من المشكلة.