وصل قطار مفاوضات الهدنة فى غزة إلى محطته الأخيرة بعد أن أبلغت إسرائيل مصر أن المفاوضات الجارية حالياً الأخيرة قبل تنفيذ خطتها لغزو رفح، فى الوقت الذى زادت واشنطن الضغوط على إسرائيل، من أجل الموافقة على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وصولاً إلى حل دائم للصراع فى غزة على وقع مظاهرات حاشدة فى الجامعات لم تشهد أمريكا مثيلاً لها من قبل ما سيؤثر حتماً على شعبية الرئيس الحالى بايدن الذى يخوض الانتخابات ممثلاً للحزب الديمقراطي، جاء ذلك فى الوقت الذى قالت مصر كلمتها لإنعاش المباحثات إذ طرحت مبادرة جديدة وافقت عليها إسرائيل «من حيث المبدأ»، ما جعل القاهرة تواصل مباحثاتها مع حماس لحث الحركة على التعاطى بإيجابية من أجل عقد صفقة التبادل لتجنيب رفح هجوماً إسرائيلياً متوقعاً سيترك حتماً المزيد من الآثار المؤلمة على الجميع بعد أن وافق مجلس النواب الأمريكى أخيراً على حزمة مساعدات لإسرائيل قيمتها 26.4 مليار دولار، زاعماً أنها ستدعم «جهودها للدفاع عن نفسها ضد إيران ووكلائها، ولتعويض العمليات العسكرية الأمريكية رداً على الهجمات الأخيرة»، فيما حذرت مصر إسرائيل من عواقب غزو رفح الكارثية.
تسعى واشنطن لعدم اجتياح إسرائيل لرفح خوفاً من عواقب هذا التصرف الذى قد يسفر عن عدد كبير من الضحايا وسط مظاهرات طلابية فى الجامعات خرجت عن السيطرة بفضل وسائل التواصل الاجتماعى التى انتصرت على الميديا الأمريكية العريقة المعروفة بتأثيرها الشديد على الأمريكيين، إذ توسعت الاحتجاجات الطلابية فى الولايات المتحدة تنديداً بالحرب الإسرائيلية على غزة لتشمل العاصمة واشنطن وولايات أخري، وبينما اعتقلت السلطات مئات المحتجين، نددت منظمات حقوقية بوقوع انتهاكات ضد المتظاهرين، ما وضع الإدارة الأمريكية فى حرج بالغ قد يتزايد فى حال الهجوم على رفح، ولذا تواصل واشنطن التنسيق مع مصر وقطر فى محاولة لحث حماس على قبول المبادرة الأخيرة التى سعت مصر من خلالها إلى سد الفجوات بين الجانبين، وأفاد الإعلام الإسرائيلى بأنه من الممكن التوصل إلى اتفاق بشأن المقترح المصرى خلال أيام، إذ إن توقيع هذا الاتفاق سيوقف مخطط إسرائيل لاجتياح رفح وتالياً يقود إلى اتفاق شامل لوضع جديد فى غزة من شأنه الوصول إلى حل الدولتين إذ سيلبى الاتفاق رغبة الجانبين فى وقف إطلاق النار تمهيداً للدخول فى مرحلة جديدة لمناقشة قضايا أهم تتناول مستقبل القطاع.
وجاءت موافقة تل أبيب على المقترح المصرى من حيث المبدأ، بعد جولات مكوكية من المباحثات وافقوا على إعطاء مهلة للتوصل إلى اتفاق قبل الهجوم على رفح قد تكون «فرصة أخيرة»، قبل تنفيذ مخطط لغزو رفح برياً وسط تحذير مصرى لإسرائيل من مغبة غزو القطاع فى الوقت الذى تشهد فيه الولايات المتحدة مظاهرات طلابية صاخبة بعد أن نصب مجموعة من الطلاب خيامهم فى ساحة جامعة كولومبيا احتجاجاً على الحرب التى شنها الجيش الإسرائيلى على قطاع غزة، مطالبين إدارة الجامعة بمنع أى تعاون مع الشركات التى تدعم الحرب التى تشتعل يوماً بعد يوم وقد تصل إلى حد اجتياح رفح ووقوع المزيد من الضحايا، فيما وصف مسئولون إسرائيليون الأفكار المصرية بأنها «بناءة»، خصوصاً أن إسرائيل أبلغت مصر بأنها جادة بشأن الاستعدادات للعملية فى رفح.
وأقول لكم إن التدخل المصرى المكثف جاء فى الوقت المناسب، فيما تضغط واشنطن على إسرائيل لقبول المقترح المصري، واتهمت مظاهرات حاشدة فى إسرائيل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه لا يرغب مطلقاً فى عقد صفقة تبادل حفاظاً على مستقبله السياسى خصوصاً أنه بات من الممكن التوصل إلى اتفاق «خلال أيام قليلة» بعد أن دخلت الصفقة مرحلة حاسمة ومصيرية بفضل الجهود المصرية التى لا تتوقف حقناً لدماء الأشقاء الفلسطينيين.