عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فَبِمَ أَدْعُو؟ قَالَ: قُولِي: اللهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّي»، سؤال الله عز وجل العفو فى كل وقت وحين أمر مرغوب وردت فيه نصوص كثيرة، حتى إِنَّ العباس بن عبد المطلب سأل رسول الله– صلى الله عليه وسلم– أكثر مِنْ مَرَّةٍ أَنْ يرشده إلى شيء يدعو الله به، فأجابه الرسول– صلى الله عليه وسلم– فى كل مَرَّةٍ بقوله: «سَلِ اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ»، الحكمة مِنْ تخصيص هذه الليلة بسؤال العفو بعد الاجتهاد فى الأعمال فيها وفى ليالى العشر أن العارفين يجتهدون فى الأعمال ثم لا يرون لأنفسهم عملاً صالحاً ولا حالاً ولا مقالاً، فيرجعون إلى سؤال العفو، كحال المذنب المقصر، فالعبد يسير إلى الله سبحانه بين مشاهدة فضله عليه ونِعَمِهِ وحقوقه، وبين رؤية عيب نفسه وعمله وتفريطه وإضاعته، فهو يعلم أَنَّ ربه لو عذبه أشد العذاب لكان قد عدل فيه، وأَنَّ أقضيته كلها عدل فيه، وأَنَّ ما فيه من الخير فمجرد فضله وصدقته عليه، ولهذا كان فى حديث سيد الاستغفار «أبوء لك بنعمتك على وأبوء بذنبي»، فالدعاء طلبا للعفو يتضمن أدباً من آداب الدعاء المهمة، وهو الثناء على الله تعالى بما هو أهله وبما يناسب مطلوب الداعي، وهذا الدعاء فيه استشعار لحسن الظن بالله تعالي، فيعمر قلب المؤمن بالرجاء.