اجتهد النبى صلى الله عليه وسلم فى بعض الأمور التى لم ينزل فيها نص قطعى واجتهد فى أخرى لحين نزول الوحى الشريف مصححًا أو مؤيدًا، وكان اجتهاده عليه السلام بحضرة الصحابة لتكون سُنَّة حسنة لعلماء الأمة من بعده، كما ترك عليه السلام للصحابة الكرام رضوان الله عليهم مساحة للاجتهاد ودرَّبهم تدريبًا عمليًّا على الاجتهاد حتى يستطيعوا مواجهة الحياة وتغيراتها من بعده، والعقل الفقهى عقل منفتح على كل القضايا، حيث إننا مطالبون بالاجتهاد لنضع علاجًا لكل مشكلة تقع وفق تطور المجتمعات والإنسان لتكون ملائمة للواقع وللشخصيات لأن العصر الحديث أبرز العديد من المسائل التى تحتاج إلى حلول لم تكن موجودة نصًّا فى القرآن أو السنة أو فى اجتهادات من سبقونا، ومن العسير على النفس فضلًا عن الواقع العملى التفريط بهذا التراث العلمى المتراكم عبر القرون بدعاوى حرية الرأى والتفكير، وعلى الجميع وخاصة المقللين من أهمية التراث أن يطالع هذه الكتب الفقهية من أمهات الكتب ليدرك حجم الجهد المبذول فيها، مع ضرورة الوسطية فى النقل من التراث عند التعامل مع الواقع والمستجدات فيجب أن تتم دون غلو أو تفريط، ومن العوار أن نستصحب ما كان لما هو كائن الآن وبعقل ليس فاهمًا، وكذلك من الخطأ رفض جهود الفقهاء وما تركوه لنا من ثروة فقهية بدعوى تغيُّر الزمان والمكان، فمن دعا للاستغناء عن هذا التراث جملة وتفصيلًا فقد ضاع وضيَّع غيره وضل الطريق، فلا بد من الاستفادة من هذا التراث ولكن بعقل منفتح.