معوق التنمية يتصدر المشهد دائماً وهو ما تجده فى الوظائف الدنيا بالوزارات والمصالح والهيئات الحكومية وهو أيضاً من يتولى أصغر وأقل وظيفة فى المكان ويتسبب فى إعاقة الأمور بشكل مباشر خاصة إذا كانت البداية تنطلق من عنده وللأسف تجده يختلق العراقيل ويضع العقبات ويترتب على ذلك التعطيل والتأخير وتضطر إلى التعامل معه والتفاهم بطرق شتى ليقدم إليك الحلول وإلا توقفت وتعطلت وتأخرت عن تنفيذ ما تحتاجه ومن الصعب أن تنتقل إلى مرحلة أخرى من الإجراءات أو الموافقات بدون موافقته.
فاستكمال المشروع أو المصلحة التى تريد إنجازها متوقفة على إمضائه أو توقيعه أو معاينته وفقاً للتسلسل الوظيفى ونتيجة للروتين والبيروقراطية حيث تبدأ معاناتك حينما تجد الهرم مقلوباً فى التعامل وهو أن تبدأ من أسفل إلى أعلى فى الاجراءات مما يتسبب فى زيادة معاناة المواطنين وإصابتهم بالإحباط دائماً وأدى ذلك إلى تصنيفنا فى بيئة إنجاز الأعمال بشكل سيئ لنحتل مراكز متأخرة رغم ما قامت به الحكومة من إصلاحات تشريعية متنوعة قوية ومهمة وأصدرت العديد من القوانين المحفزة والداعمة للتنمية والاستثمار ولكن نواجه معاناة فى تنفيذ وتطبيق هذه التشريعات والقوانين على أرض الواقع لوجود نماذج من معوقى التنمية وهم من صغار الموظفين الذين يقومون بإطلاق تفسيرات خاصة لهذه القوانين والتشريعات على أهوائهم بما يتوافق ويتماشى مع العراقيل والمعوقات التى يختلقونها ويضعونها أمامك فى تفسير تنفيذ وتطبيق هذه القوانين والتشريعات وهؤلاء يمكن أن يطلق عليهم «اللهو الخفي».
والحقيقة أننا نحتاج إلى هزة قوية فى الجهاز الادارى للدولة وإعادة هيكلته وتأهيله من جديد ليتواكب مع متطلبات المرحلة الحالية والقادمة فى السرعة والإنجاز لتهيئة بيئة أعمال صالحة جاذبة للاستثمار والتنمية وقد أثبتت تجربتنا السابقة والتى اطلقتها الدولة منذ سنوات وهى منظومة «الشباك الواحد» فى العديد من الجهات والمصالح الحكومية لكنها لم تحقق النجاح المطلوب والمستهدف منها بل ازدادت معاناة المتعاملين مع هذه المنظومة بسبب وجود الموظف الأدنى والأصغر المعوق للتنمية داخل هذه المنظومة لأنه غير مؤهل لمثل هذا العمل.
فالدول المتقدمة حققت تطوراً ونهضة فى بيئة إنجاز الأعمال واستطاعت ان تحدث طفرة قوية فى توفير مناخ جاذب للاستثمار وخير دليل على ذلك ما حدث فى أوروبا وماليزيا ودول شرق آسيا وأيضاً الدول العربية من نهضة اقتصادية وتحول ونقلة كبيرة فى الاجراءات والتشريعات وحرصوا على تنفيذها وتطبيقها بكل جدية ودقة لأنهم يعلمون جيداً أن نجاح هذه التشريعات والإجراءات والقوانين لن يتحقق إلا من خلال عمليات التنفيذ والتطبيق لها لتهيئة بيئة إنجاز أعمال صالحة تتضمن التيسيرات وليس التعقيدات من خلال تأهيل وإعداد موظفين على فهم ووعى بأهمية هذه التشريعات والاجراءات لتخفيف الأعباء عن المستفيدين منها.. نتمنى أن تكون مصر تستحق بالفعل أن تكون قبلة الاستثمار وقبلة بيئة إنجاز الأعمال فى ظل الطفرة والنقلة التى أحدثتها الحكومة فى إصدار التشريعات والقوانين المحفزة والإجراءات الداعمة للتنمية والاستثمار وفقاً لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة تهيئة بنية قوية فى إنجاز الأعمال ومناخ جاذب للاستثمار حتى نستطيع تحقيق منافسة كبيرة مع دول الجوار فى جذب الاستثمارات ورؤوس الأموال.