أتوقف كثيراً عند تلك العلاقة الفريدة بين يقظة «مؤسسات الوعي» فى أى مجتمع وبين قدرة «المجتمع» على المشاركة الفعالة فى الحفاظ على «أمنه القومي».. فكلما كانت مؤسسات الوعى على درجة عالية من «الإدراك» لطبيعة التحديات التى تواجه «الدولة أو الأمة» كان المجتمع بكافة مكوناته أكثر قدرة وإسهاماً فى «التعامل الواجب» مع أى هجمات تشنها «قوى الإستهداف» سواء كانت هذه الهجمات «خشنة» أو «ناعمة» وفقا لنوع وشكل «الحرب» التى اختارتها هذه القوى لتنفيذ قائمة أهدافها «الطويلة».
واستنادا إلى ذلك.. فإننى أرى أن مؤسسات الوعى فى عالمنا العربى مازالت مطالبة ببذل «المزيد» خاصة فى ظل «التحديات غير المسبوقة» التى يواجهها الأمن القومى العربى «الآن» بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة وتداعياتها الإقليمية والعالمية.. «مؤسسات الوعي» العربية عليها أن تدرك بدرجة أكبر حجم وعدد «مشاريع وخرائط الخطر» التى أعدتها واعتمدتها «الصهيونية العالمية» ورعاتها الرسميون.. وهم يأملون فى تنفيذها بعد انتهاء الحرب على غزة!!.. إن كثيرا مما يدور ويجرى فى الجانب الآخر من «مسرح الأحداث الفسيح» وداخل «الغرف المظلمة» تبوح ببعضه أحيانا «زلات اللسان» أو تشير إليه دون قصد خوارزمية «عناوين الأخبار»!!.
من أخطر «هذه المشاريع».. مشروع ترعاه بعناية «الولايات المتحدة الأمريكية» وهدفه الرئيسى هو إعادة إسرائيل إلى «موقعها» التى كانت تشغله فى الإقليم وفى العالم «قبل السابع من أكتوبر».. فعلى الرغم من الإخفاقات والفشل الذريع والهزات العنيفة التى صدعت كثيراً من أركان وبنيان «إسرائيل» منذ السابع من أكتوبر الماضى وحتى الآن سواء فيما يتعلق بمجريات الحرب «على الأرض» فى غزة أو ما يتصل بتداعياتها وانعكاساتها الدولية على «دولة الاحتلال».. على الرغم من هذه الهزات والتصدعات العنيفة التى تعرضت لها إسرائيل إلا أن الولايات المتحدة تسعى بكل قوتها لكى تخرج إسرائيل «المهزومة والمأزومة» من المعركة وقد حصلت على «مكاسب» تجعلها قادرة على «ترميم صورتها» بعد سلسلة «الانكسارات المدوية» التى تعرضت لها هى وجيشها «فى شوارع غزة» وكذلك «فى ساحات المنظمات الدولية والأممية».
«المشروع الأمريكي» لانتشال «وكيلها المعتمد» من «كابوس غزة».. هذا المشروع متشعب وعناصره يجرى تنفيذها فى أكثر من ساحة من ساحات المواجهة والاحتكاك و»الاحتواء».. الولايات المتحدة ترى فى جرائم الإبادة والمجازر اليومية التى ترتكبها إسرائيل «كل ساعة» فى غزة.. ترى فيها شكلاً من أشكال «استرداد الصورة الذهنية» لجيش إسرائيل والتى فقدها بمذلة ومهانة و»عار» فى يوم «السابع من أكتوبر» وطوال جولات الحرب بعد ذلك.. الولايات المتحدة هددت محاكم دولية وشخصيات أممية بفرض عقوبات عليها من أجل أن تفرض «واشنطن» حماية قهرية لإسرائيل وجرائمها.. الولايات المتحدة تفعل كل شيء «من أجل إسرائيل» حتى أنها عندما تتخذ موقفا «غير تقليدي» فى لحظات «الاندفاع والتهور الإسرائيلي» فإنها حينئذ تكون أسست موقفها على قاعدة «الحفاظ على إسرائيل من جنون إسرائيل»!!
«الموت للعرب».. هو الشعار الأبرز فى كل مسيرة أو محاولة اقتحام يقوم بها «المستوطنون» للمسجد الأقصى المبارك.. أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى حبيبنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.. لم نسمع ذات مرة أن المستوطنين اختصوا بشعارهم هذا «الفلسطينيين» وحدهم.. لقد جعلوا شعار الموت موجهاً إلى العرب «جميعهم» وهذه عقيدة صهيونية متجذرة فى العقل والوجدان الإسرائيلى «برعاية أمريكية» أيضا.. من هنا أعود وأقول إن «مؤسسات الوعي» العربية عليها أن تبعث فى نفوس الشعوب تحديات ومتطلبات هذه المرحلة والمراحل المقبلة مع إحاطة «العامة والخاصة» بالمشاريع و»الخرائط» المعدة والمجهزة لمنطقتنا «من الخليج إلى المحيط».. مؤسسات الوعى العربية يجب عليها نشر «الإدراك التام» بأن إسرائيل تعيش أسوأ مراحل تاريخها وأن محاولات الولايات المتحدة ترميم «الصورة القديمة» أو منح «تل أبيب» إنجازا يقوم على «الوهم» كل هذا مصيره الفشل بإذن الله.. لم يعد خفيا أن كل الرسائل و»الإشارات» القادمة من الشرق والغرب تقول بوضوح إن «مؤسسات الوعي» فى العالم العربى ستساهم بشكل كبير فى تقرير مصير «مشروعات الخطر» التى وضعها «رعاة الصهيونية» أملا فى إعادة رسم خريطة المنطقة فى حقبة «ما بعد الحرب على غزة»!!
من خرج فى طلب العلم كان فى سبيل الله حتى يرجع.. صدق حبيبنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.. اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين انك حميد مجيد..اللهم بارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين انك حميد مجيد.. وصلى الله على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
فلسطين.. أرض الأقصى.. أرض المحشر.. أرض المسرى.. مسرى حبيبنا وسيدنا محمد رسول الرحمة والإنسانية.. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.