فى زمن السوشيال ميديا انتعش فن صناعة الكذب والشائعات، وباتت حروب الهاشتاج أكثر فعالية وتأثيرا بفعل التكنولوجيا فائقة التطور التى خلقت سيولة فى المعلومات يصعب التحقق منها أو حصارها فى فضاء إلكترونى يمكنه أن ينشئ وعيًا كاذبًا يدمر المجتمعات ويقضى على استقرارها وأمنها؛ الأمر الذى يعيد قضية الوعى وصناعته إلى صدارة المشهد من جديد، وهو ما تجلى فى حديث الرئيس السيسى أخيرًا الذى أعاد التأكيد مجددًا على أن الظروف الحالية برهنت على أن وعى الشعب المصرى وتكاتفه هو الضمانة الأساسية لتجاوز الأزمات الإقليمية والتهديدات المحيطة.
معركة الوعى أولوية قصوى للدولة المصرية الآن فى ظل ما تشهده المنطقة من تحولات جيوسياسية خطيرة ينبغى الحذر منها وأخذ الحيطة من تداعياتها واليقظة فى مواجهتها؛ فهى مخططات قديمة تتحين الفرصة لتفكيك دول المنطقة لحساب مشروعات خبيثة.
أما الوعى المطلوب اليوم، فهو الوعى الرشيد الذى يضمن إدراك المواطن بواجباته ودوره تجاه ما يحدث حوله، وهذا ما تنادى به كل أجهزة الدولة ومكوناتها من إعلام ومؤسسات ثقافية ودينية وشبابية، لإدارة معركة وعى تستهدف تمتين جبهتنا الداخلية فى مواجهة مخططات أهل الشر، فالحروب الراهنة تبدأ بحروب المعلومات لتزييف الوعى أملاً فى زعزعة ثقة المواطن وتشكيكه فى دولته وقيادته كخطوة لازمة لهدم الدولة..وهو ما يفسر لنا لماذا يطالبنا الرئيس السيسى فى كل مناسبة بضرورة وجود إعلام مهنى ملتزم بقضايا أمته وشواغل دولته الحقيقية، إعلام حريص على خلق وعى جاد وحقيقى لدى شعبنا.
للوعى مقومات لا غنى عنها؛ وأهمها العلم والمعلومة الصحيحة والدراما الهادفة والقيم الأصيلة التى تبنى صروح الوعى وتهدم أوهام التزييف والشائعات والأراجيف فإذا امتلكنا وعياً حقيقياً صلباً أمكننا خوض المعارك بجبهة موحدة وعزيمة لا تلين ولا تهادن.. والوعى لا يقتصر فقط على معرفة المعلومة والحقيقة بل معرفة كيف يفكر الأعداء وكيف يسعون للهدم والتخريب، الوعى بأهمية تحصيل العلم والعمل والبناء والتعمير.
خوض معركة بناء الوعى بات فرضًا على كل مؤسسة وكل مواطن ومسئول ومثقف، كما أنه مسئولية على المعلم والفن والإعلام؛ ومن ثم وكعادته دائما فقد نبهنا الرئيس السيسى مرارا وتكرارا لخطورة انتشار وعى زائف يمكنه إذا ما استشرى أن يمهد الأرض أمام دعاة الفوضى وقبول الشائعات والوقوع فى شرك إعلام معادٍ يستهدف نشر الإحباط وتوهين عزيمة جبهتنا الداخلية.
رأس الحربة فى معركة الوعى هو الإعلام والصحافة، وفى القلب منهما صحافتنا القومية رمانة الميزان فى صون العقل الجمعى من رياح الحرب النفسية وأهل الشر ومحاولات الاستهداف التى لا تكاد تتوقف حتى تشتعل من جديد .
إعلامنا وصحافتنا والدراما بوجه خاص تواصل دورها فى تحصين الرأى العام من رياح الفتن التى تهب من الفضائيات والمواقع الكارهة لمصر..ومن الكارهين لها هنا وخارج هنا، لخلقه ظهير شعبى قوى مساند للدولة فى تحولاتها الكبرى مع التنبيه لأوجه القصور متى وجدت، ونشر الرأى والرأى الآخر كسباً للمصداقية وتحقيقاً للموثوقية فليس يقنع إلا المقنع فى النهاية، ومن ثم فإنهما-أى الإعلام والصحافة- بهذا المعنى ليسا سلعة ولا ينبغى أن ينتظر منهما الربح والمكسب المادى فما ينفق عليهما أقل بكثير من الفائدة المرجوة حال وجود رأى عام مستنير وداعم ومتفاعل مع قضايا أمته وشواغل دولته..وإلا فإن ثمن غياب مثل هذا الرأى العام فادح وفادح جداً.. ولن يملأ فراغهما إلا أبواق الإفك والضلال والشائعات وهشاشة العقول وقابليتها لتصديق ما يلقى إليها دونما تمحيص ولا تحقق.
الإعلام والصحافة قوتهما وحيويتهما من قوة الدولة وهذا ما تؤكد خلال السنوات الماضية والدور الكبير الذى لعبه الإعلام المصرى فى بناء الوعى، إذ يقومان بدور خطير فى تشكيل وعى أى شعب وإلا ما نبهنا الرئيس السيسى مرارا وتكراراً لخطورة أدوارهما لدرجة أنه جعلهما محوراً رئيسياً فى كل زياراته ومؤتمراته، ويشتبك مع قضايا حقيقية وأولويات واجبة لتوصيل صحيح المعلومات و تبيان ما تبذله الحكومة من جهد كبير فى مشروعات قومية عملاقة لتحسين جودة الحياة ليعرف المواطن كيف كنا ..وأين أصبحنا..وأين نذهب فى الغد القريب.
إعلامنا مستمر فى التطوير والإصلاح لمواكبة ما يستجد من متغيرات وتحديات، بناء على علم ورؤية وموهبة ورسالة أخلاقية تسعى نقابتا الصحفيين والإعلاميين ومن قبلهما الهيئات والمجالس المختصة إلى توفير مناخ يسمح بأداء تلك الرسالة ويخدم أهداف التنمية الشاملة والمستدامة ويحصن الوطن ضد رياح أهل الشر كما يطالب الرئيس السيسى دائمًا وفق منهج علمى رصين ويتحقق ذلك بوحدتنا جميعاً على كلمة سواء.. ولست أقول ذلك من باب النقد لكنها الغيرة على مهنة غالية قضيت فيها أكثر عمرى ولا رجاء لى إلا عودتها لأبهى صورها وأعز أدوارها ..حفظ الله مصر.. حفظ الله الوطن.