من حق كل دولة أن تتخذ ما تراه من تدابير لحماية أمنها ومصالحها دون معقب، ودون أن تكون مضطرة لتقديم مبررات لما تقرره من إجراءات فى ضوء ما لديها من معلومات.
ويعد حق الدولة فى حماية أمنها حقًا أساسيًا فى النظام القانونى الدولى، ويشمل اتخاذ التدابير لحماية الأمن القومى والوطنى بما فى ذلك الدفاع عن أراضيها والحفاظ على الأمن الداخلى.
>>>
نزور دول العالم فنمتثل لقوانينها وضوابطها بدءًا من مرحلة التقدم للحصول على التأشيرة، مرورًا بدخول مطاراتها، وصولًا إلى التحرك على أراضيها حتى مغادرتها.
لم نسمع يومًا أن مواطنًا أمريكيًا أو أوروبيًا أو خليجيًا دعا إلى عدم احترام قواعد دخول حدود بلده مهما كان المبرر. ولم نر مواطنًا لديه الحد الأدنى من «الوطنية» يستخف بحق بلده فى حماية أرضها، غير أنه من أسف أن نجد بعض ممن يعيشون بيننا لا يخجلون من أن يتم استخدامهم أو يستخدمون هم أنفسهم بإرادتهم ووعيهم ليكونوا خناجر مسمومة فى جسد الوطن وحناجر للمزايدة عليه.
رأينا ذلك منذ اليوم الأول لأحداث «طوفان الأقصى»، حيث لم تتوقف مساع خبيثة لتوريط الوطن فى صراع إقليمى كبير لا علاقة له بمصالح وحقوق الشعب الفلسطيني. معركة اتخذ قرارها فى «طهران» ونفذته أياد محسوبة على الفلسطينيين، وجرى تغذيتها بدماء الشعب الفلسطينى التى تسيل كل يوم بلا وازع من ضمير على يد الآلة العسكرية الصهيونية المجرمة.
وتتكرر المحاولات بلا يأس مع ما يقال عن «قافلة الصمود» تحت مبرر دعم ونصرة أبناء الشعب الفلسطينى، دون التزام بألف باء القواعد المنظمة لدخول أراضى أى دولة وحقها فى الرفض أو القبول.
>>>
قافلة تقف وراءها دعوات مشبوهة وتحركها أهداف تثير الريبة فى توقيتها، وكأنهم تذكروا فجأة أن هناك شعبا فلسطينيا يتعرض لـ«محرقة يومية» على مدار أكثر من 620 يومًا. والعجيب أمر تلك العناصر التى وصلت مطار القاهرة ترفع شعارات وتتحدث بلسان لا تخطئه فطنة أى إنسان، وكان بالأولى على هؤلاء أن يتوجهوا إلى مطار «بن جوريون» فى تل أبيب، فالمعركة تديرها إسرائيل وليس مصر، والأولى بالإحراج هو سلطات تل أبيب، والمؤكد أن صوتهم هناك سيصبح مسموعًا بشكل أكثر وربما ينضم إليهم حشد غير قليل من أسر وعائلات المحتجزين الإسرائيليين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية مما سيمنح تحركهم فاعلية أكبر بالداخل الإسرائيلي. كنت أتمنى أن تنطلق تلك الرحلات إلى «تل أبيب».. معركتكم هناك وليست فى القاهرة.. أما الأكثر عجبًا وريبة هى تلك العناصر- وبعضها يكتب فى صحافتنا- التى لا تتورع عن دس السم فى العسل وطرح أفكارها بمداد من الغل وكأن استقرار وطنهم لا يعنيهم فى شئ.
>>>
تذكروا أن مصر وليس غيرها هى التى دخلت فى 5 مواجهات عسكرية مع إسرائيل منذ حرب 1948 حتى عبور أكتوبر 1973.
تذكروا أن مصر وليس غيرها هى التى وقفت تمد يد العون الحقيقى للشعب الفلسطينى فى كل مواجهاته السابقة مع الاحتلال أعوام: 2008، و2012، و2014 و2021.
تذكروا أن مصر وليس غيرها أول من بادرت بعقد قمة القاهرة للسلام فى 24 أكتوبر 2023، وأن مصر وليس غيرها هى من تصدت لكل المخططات الخبيثة التى تستهدف تصفية القضية الفلسطينية.
مصر تمارس دورها بتوازن شديد بين حقها فى الحفاظ على مصالحها دون التورط فى صراعات إقليمية مكشوفة ومفضوحة، وبين مسئوليتها القومية فى الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى ومواجهة مؤامرات تصفية قضيته وما أكثرها.
مصر وحدها.. وليس غيرها التى تفعل كل ذلك، وليخرس المزايدون والمتاجرون.