شهدت القاهرة أمس القمة العاشرة لآلية التعاون الثلاثى بين مصر واليونان وقبرص.
القمة التى ضمت الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره القبرصى نيكوس خريستودوليدس ورئيس الوزراء اليونانى كيرياكوس ميتسوتاكيس أكدت على أهمية تعزيز التعاون الاقتصادى والتجارى وكذلك مجال الطاقة.
كما كشفت عن توافق واضح على أهمية تحقيق الاستقرار بالمنطقة ووقف إطلاق النار فى غزة وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين وتحقيق حل الدولتين.
القمة بدأت بعقد اجتماع للقادة الثلاث والوفود المرافقة، ثم توقيع عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات الثنائية والثلاثية ثم مؤتمر صحفي، وفى نهاية القمة صدر بيان مشترك أكد على ما تم التوافق عليه.
القمة ناقشت أوضاع المنطقة بملفاتها المختلفة من غزة إلى لبنان وسوريا وليبيا والسودان وقدم القادة الثلاث رؤيتهم مؤكدين ضرورة مواجهة كافة التحديات التى تؤثر على الاستقرار الذى تراجع بشدة فى المنطقة.
أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى على أهمية التعاون المشترك بين مصر وقبرص واليونان، والتنسيق بشأن التطورات والأوضاع بمنطقة الشرق الأوسط من أجل تحقيق الاستقرار ووقف التصعيد فى المنطقة.
شدد السيسى فى الكلمة الافتتاحية لأعمال القمة الثلاثية العاشرة بين مصر وقبرص واليونان والتى انطلقت اعمالها أمس بقصر الاتحادية على أهمية التعاون مع اليونان وقبرص بوصفه خطوة محورية تجاه تكامل الدول الثلاثة واستمرار التعاون الاقتصادى بشكل وثيق.
قال الرئيس أن الروابط القوية التى تجمع مصر وقبرص واليونان أصبحت نموذجا للتعاون الإقليمى المتكامل، مثمنا موقف قبرص واليونان المؤيد لحق الشعب الفلسطينى فى الحصول على استقلاله وإقامة دولته المستقلة وفقا للمرجعيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
اعرب الرئيس عن ترحيبه بضيوف مصر فى القمة العاشرة للآلية الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص مشيراً الى أنها تجسد الروابط القوية التى تجمع بين شعوبنا ودولنا، وأصبحت نموذجا رفيعا فى التعاون الإقليمى المتكامل».
أضاف أن السنوات الماضية أثبتت أن هذه الآلية ليست مجرد أداة لبحث قضايا إقليمية بل هى شراكة راسخة تهدف إلى تعزيز الاستقرار فى المنطقة والذى يعتمد بشكل أساسى على تعاون الدول الثلاثة فى مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مؤكدا أهمية التعاون والتنسيق بينها خاصة مع تطورات الأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط.
شدد الرئيس أيضا على ضرورة تكثيف الجهود والضغوط من أجل التوصل إلى التهدئة فى المنطقة والتعامل مع أزماتها، وعلى رأسها الحرب على غزة ولبنان وتحقيق الاستقرار فى سوريا وليبيا واليمن والسودان وتجنب استمرار تصعيد الصراع فى المنطقة وتحويله إلى حرب شاملة مما سوف يترتب على ذلك من تداعيات كارثية ستطال الجميع سواء كانت سياسية او اقتصادية أو أمنية.. فضلا عن موجات غير مسبوقة من النازحين الى الهجرة غير الشرعية.
وصف السيسى التعاون الاقتصادى بين مصر وقبرص واليونان بأنه «خطوة استراتيجية حيوية» ليس فقط من ناحية مساهمته فى تعزيز النمو الاقتصادى وإنما أيضا باعتباره خطوة محورية نحو تعزيز التكامل الاقتصادى الإقليمى الذى نطمح إليه.
كما رحب الرئيس بانعقاد منتدى الأعمال بين مجتمعات الأعمال بين الدول الثلاثة الذى عقد أمس على هامش القمة ليكون منصة لتبادل الرؤى والخبرات واستكشاف فرص تعزيز الاستثمارات المتبادلة التى تنعكس إيجابيا على شعوبنا.
أشاد السيسى بالتعاون القائم مع اليونان وقبرص فى مجال الطاقة، والذى أصبح عنصرا محوريًا فى الاستراتيجية المشتركة حيث يعتبر مشروع الربط الكهربائى بين مصر واليونان نقطة تحول حقيقية فى تعزيز التكامل الإقليمى فى هذا المجال بما سيوفره من إمكانية تبادل الطاقة النظيفة ومساهمة فعّالة فى تحقيق أهداف التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
أشار الرئيس الى إن التعاون مع قبرص فى مجال الغاز الطبيعى يعكس رؤية واضحة لما يمكن أن نحققه من نجاحات؛ لافتا لتطلعه إلى نقلة بشأن محطات التسييل المصرية لإعادة تصدير الغاز إلى الأسواق الأوروبية، مشيرا إلى حجم الإمكانيات المتاحة لمصر واليونان وقبرص وقدرتها على تأمين إمدادات الطاقة لأوروبا.
أوضح الرئيس أن الشراكة بين الدول الثلاثة تمتد لتشمل العلاقات الثقافية والتعليمية التى تعكس الروابط الإنسانية والتاريخية، داعيا إلى أهمية تطوير مشروعات مشتركة لتعزيز التعاون فى مجالات التعليم العالى والبحث العلمى والفنون مما يسهم فى نشر ثقافة التفاهم المتبادلة.
كما نوه الرئيس الى دور قطاع السياحة كأحد المحاور الأساسية لتعزيز التعاون الاقتصادي، وقال إن الدول الثلاثة تزخر بمصادر سياحية غنية ومذهلة، لذا فإن التعاون فى هذا المجال سواء من خلال الترويج المشترك للمقاصد السياحية، أو تعزيز السياحة الثقافية والبيئية سيعود بالفائدة الكبيرة على شعوب الدول الثلاثة ويزيد من حجم السياحة بينها.
فى ختام كلمته جدد الرئيس ترحيبه بالرئيس القبرصى نيكوس خريستودوليدس ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس فى مصر، مؤكدًا أهمية استمرار هذا التعاون العميق بين الدول الثلاثة، مشددا على الالتزام بمواصلة العمل معا لتحقيق مصالح وازدهار شعوبنا وتعزيز التعاون على كافة الأصعدة.
كان الرئيس قد استقبل أمس نظيره القبرصى نيكوس خريستودوليديس، ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس، بقصر الاتحادية، حيث انطلقت اعمال القمة العاشرة بين زعماء الدول الثلاثة، منذ تأسيس آلية التعاون الثلاثي، والتى بدأت بعقد أول قمة ثلاثية فى القاهرة عام 2014، وتوالت بعدها القمم فى عواصم الدول الثلاثة، لدعم آلية التعاون وبحث القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
تناولت القمة تطورات الأوضاع فى المنطقة، خاصة ملفات الحرب فى قطاع غزة، والتطورات فى سوريا، والأزمات فى ليبيا والسودان والصومال، وعلى الصعيد الاقتصادي، يستهدف اللقاء تعزيز التعاون فى مجال الطاقة، عبر الربط الكهربائى بين مصر واليونان ومشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، فضلا عن بحث عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
كما عقد على هامش القمة المنتدى الاقتصادى المصرى اليونانى القبرصي، بمشاركة وزراء وممثلى بعض الشركات من الدول الثلاثة، وأكثر من 70 شركة قبرصية ويونانية و200 شركة مصرية.
الرئيس القبرصى يشدد على الالتزام بالسلام والاستقرار فى «الشرق الأوسط»:
أدركنا مبكراً ضرورة مساندة الحكومة المصرية عندما أحاطت بها التحديات
دول كثيرة تؤيد مصر ودعمها لم يعد مقتصرًا على قبرص واليونان فقط
شدد رئيس جمهورية قبرص نيكوس خريستودوليدس على الالتزام بالسلام والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط كإحدى ركائز نجاح آلية التعاون المصرى القبرصى اليوناني، والذى يمثل نموذجا للتعاون الإقليمي، وقال إن المنطقة اليوم تراجع فيها الاستقرار والأمن أكثر من أى وقت مضي، وإن الوضع فى المنطقة يتسم بالكثير من التحديات التى تستلزم التآزر والتعاون، للوقوف فى وجه زعزعة الأمن والاستقرار.
أكد خريستودوليدس فى الكلمة الافتتاحية لأعمال القمة الثلاثية العاشرة بين مصر وقبرص واليونان فى قصر الاتحادية أمس أن استجابتنا المشتركة مهمة من أجل معالجة هذه التحديات بشكل يتسم بالكفاءة، «فنحن فى حاجة الآن لائتلافات إقليمية مثل ائتلافنا هذا من أجل الإسهام فى التنمية البشرية والازدهار الاقتصادي.
أضاف أن هناك سببا أساسيا أدى إلى إطلاق هذه الآلية فى عام 2014، وهو التحديات المشتركة، والحاجة الواضحة والملحة لاتخاذ خطوات مشتركة نحوها، كما رأينا أن هناك الكثير من الفرص التى تكمن فى تعاوننا الثلاثى خاصة فيما يتعلق بالسياحة والطاقة والأمن.
أضاف: أن التعاون الثلاثى بيننا تأسس فى القاهرة فى عام 2014، بينما يعد الاجتماع الحالى اجتماعًا مهمًا للغاية وتزيد أهميته عن أول اجتماع عقدناه فى 2014.
قال الرئيس القبرصى إنهم مع اليونان أدركوا أنه لابد من دعم الحكومة المصرية فى وقت كان فيه الكثير من التحديات تحيط بسلامة مصر، لافتا إلى أن قبرص واليونان كانتا فى مقدمة الدول التى دعمت مصر منذ يونيو 2014، مضيفا «لقد قمنا بخطوات ملموسة لدعم الحكومة المصرية ضمن إطار الاتحاد الأوروبي، من أجل توفير دعم واضح».
وانه يشعر بالسعادة لأن دعم مصر لم يعد مقتصرًا على قبرص واليونان فقط، بل انضمت إليهما دول عديدة أخري.. فالعناصر التى تجمعنا مستمرة وتزداد أهمية خاصة فى ظل الأوضاع الحالية فى غزة وليبيا وسوريا، وفى ضوء الأدوار التى تحاول بعض الدول القيام بها».
دعا رئيس جمهورية قبرص فى ختام كلمته – إلى استغلال فرصة القمة الثلاثية لتعزيز التعاون بين الدول المعنية، قائلا «علينا أن نعزز آلية التعاون هذه لتحقيق المزيد من التقدم».
رئيس وزراء اليونان:
الأوضاع فى المنطقة أصبحت أقل استقراراً وأمناً
يجب وقف إطلاق النار فى غزة وإطلاق سراح الرهائن وتحقيق حل الدولتين
مشروع الربط الكهربائى مع مصر يمثل قيمة إستراتيجية كبيرة
قال رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس «إن المنطقة أصبحت للأسف أقل استقرارا وأمنا، وهذا يتطلب المزيد من جهود التعاون الجيوسياسية من أجل معالجة التحديات خاصة فيما يتعلق بسوريا، والحاجة إلى ضمان سلامة البلاد وحماية الأقليات الدينية واحترامها وأن يكون هناك عملية انتقالية ويكون هناك خط زمنى متفق عليه فيما يتعلق بالفترة الانتقالية وذلك من أجل ضمان عدم خروج الأمور عن السيطرة».
أضاف أنه تم مناقشة المسائل المتعلقة بالشأن الليبي، معربا عن اعتقاده أن هناك ارتباطا واضحا بين تطورات الأوضاع فى سوريا وغياب الاستقرار الجارى فى ليبيا.
وشدد فى الكلمة التى ألقاها خلال القمة على ضرورة العودة مرة أخرى إلى الوضع الجارى فى غزة الأمر الذى تم مناقشته كثيرا من قبل فى المجلس الأوروبي، لذلك يجب العمل نحو وقف إطلاق النار فى غزة وإطلاق سراح الرهائن وأن نصل إلى تحقيق حل الدولتين.
أشار إلى أن التحديات الجيوسياسية التى نواجهها كثيرة ولكن الأمر الإيجابى هو أننا لدينا وجهة نظر مشتركة فيما يتعلق بجميع المسائل ولدينا الكثير من الشركاء الإقليميين الذين يتفقون معنا فى مواقفنا الساعية نحو استقرار الشرق الأوسط من أجل عدم تصدير المزيد من التحديات والمشاكل إلى دول المنطقة.
أعرب رئيس وزراء اليونان عن تطلع بلاده فى تعزيز الأواصر الاقتصادية والتجارية مع مصر خاصة فى مجال الطاقة، مثمنا فى الوقت نفسه التعاون البناء بين مصر واليونان القائم فى إطار مشروع الربط الكهربائى الذى يرى الاتحاد الأوروبى أنه ذو قيمة إستراتيجية كبيرة، مؤكدا أن اليونان تبذل قصارى الجهد من أجل دفع هذا المشروع قدما بين البلدين، مشيرا إلى الجهود التى بذلت خلال منتدى شرق المتوسط بين مصر واليونان والذى ساهمت بشكل كبير فى تعزيز التعاون بين البلدين.
شدد على أهمية المضى قدما فى التعاون مع مصر فى مجال التقاط وتخزين الكربون، لافتا إلى حاجة الصناعة اليونانية والأوروبية إلى تصدير ثانى أكسيد الكربون، مما يمثل سوقا جيدا بالنسبة لمصر.
وأكد رئيس وزراء اليونان على أهمية العلاقة التاريخية والإستراتيجية الشاملة التى تجمع بين مصر والاتحاد الأوروبي، معربا عن رغبة أوروبا فى ترجمة هذه الشراكة مع مصر إلى تعزيز المزيد من التعاون فى مختلف المجالات.