الكويت لم تتوان عن مد يد المساعدة لأشقائها و أصدقائها لمواجهة الأزمات و الكوارث
25 مليار دولار استثمارات كويتية مباشرة في مصر و 100 اتفاقية تعاون بكافة المجالات
تعيش دولة الكويت الشقيقة هذه الايام اجواء احتفالية عامة تتواكب مع ذكريات طيبة في تاريخها في مقدمتها العيد الوطني الرابع والستين والذكري الرابعة والثلاثين للتحرير ، وهي اجواء مفعمة بالأمل والتفاؤل رغم كافة التحديات الاقليمية والدولية ، وعهد يتجدد في مسيرة ممتدة وراسخة عاشتها الكويت جيلا بعد جيل .
وتعد هذه المناسبات الوطنية فرصة للوقوف علي عدد من المحطات التي ارتبطت بالعلاقات الاخوية المتميزة بين مصر والكويت وما ينتظرها من مستقبل مشرق تسعي اليه قيادتي البلدين وتعملان سويا علي ان يأتي امتدادا لتاريخ عريق وحافل يستحق ان تعرفه الاجيال التي لم تعايش هذه المحطات المشرقة .
وإذا اردنا ان نتعرف علي افاق المستقبل فلا بد من اطلالة سريعة علي الماضي , فالتاريخ يكشف عن اتفاق تام بين البلدين علي المستوي الرسمي والشعبي وعلي مستوي النخبة ايضا ، ويؤكد ان العلاقات الثنائية تتسم بخصائص مميزة تستند على عمق الترابط الاستراتيجي بينهما وإدراك كل طرف لأهمية الطرف الأخر , فما يحدث في الكويت يؤثر في مصر وما يحدث في مصر يجد صداه علي الفور في الكويت , وهي حقيقة لا تتطلب أي برهان , ويكفي للتدليل عليها العودة للسلوك التصويتي للبلدين في المنظمات الدولية مثل الامم المتحدة والمنظمات التابعة لها وغيرها من المنتديات الاقليمية للتيقن من الاتفاق التام في المواقف والتوجهات حيال كافة القضايا المطروحة بما في ذلك العدوان الاسرائيلي الغاشم على الاشقاء في فلسطين والمشاركة الفعالة للقيادة الكويتية في فعاليات القمة العربية التي تستضيفها القاهرة هذا الاسبوع .
وقد لا يعرف البعض ان اول اتصال بين البلدين بدأ في عهد مؤسس مصر الحديثة محمد علي عام 1838 ، عندما استضافت الكويت موفدا مصريا لتوفير الامدادات اللوجستية للقوات المصرية المرابطة في شبه الجزيرة العربية انذاك ، واستمرت الاتصالات منذ ذلك الوقت على المستوى الشعبي قبل أن تبدأ على المستوى الرسمي حينما سافر طلاب العلم الكويتيون للدراسة في الازهر الشريف والجامعات الأخرى ، وانخرطوا في الحياة المصرية ثم عادوا لنشر العلم في الكويت ومنهم الشيخ محمد الفارسي والشيخ مساعد العازمي .
وفي المقابل زار الشيخ محمد رشيد رضا دولة الكويت في عام 1913 حيث استقبل بحفاوة بالغة ، وعاد الى مصر لكي ينشر سلسلة مقالات في مجلته المنار عبر فيها عن انطباعاته الايجابية عما شاهده في الكويت وكيف تفاعل مع شعبها آنذاك .
وفي عام 1924 كان نادي الأدب الكويتي يطالع الصحف المصرية ويستضيف كتابها ويناقش الحياة السياسية في مصر ويتفاعل بشكل كبير مع المشهد السياسي المصري ، وتحولت القاهرة الي قبلة ثقافية وتعليمية لكافة الاسر الكويتية ، واستمر التواصل قائما ليسجل محطة مهمة عام 1961 بالتزامن مع استكمال استقلال الكويت ، وهو محطة شكلت منطلقا جديدا لعلاقة استراتيجية تضاف الي طبيعتها الشعبية الاخوية ، وتكررت مثل هذه المحطات مرارا في مسيرة العلاقات الثنائية بدءا من العدوان الثلاثي 1956 الي نكسة 1967 ، وصولا الي انتصارات اكتوبر 1973 المجيدة التي شاركت فيها الكويت بقوة علي كافة الاصعدة ، العسكرية عبر لواء اليرموك المدرع ، والسياسية عبر الدعم المتواصل في المنتديات الدولية ، والاقتصادية من خلال قيادة جهود حظر تصدير النفط للدول المؤيدة للعدوان ، و كانت المحطة الكبرى ممثلة بالوقفة التاريخية الصلبة لمصر في مواجهة احتلال غاشم وتهديد وجودي للكويت عام 1990 .
ثم جاءت الدفعة الخاصة التي اكتسبتها علاقات البلدين عقب ثورة 2011 ومساندة الكويت لخيارات الشعب المصري وأعقبها وقفة قوية : سياسية واقتصادية بعد ثورة 2013 ، لتشهد العلاقات دفعة اضافية تخللتها محطات مهمة وزيارات رسمية على كافة المستويات كان اخرها زيارة امير الكويت الشيخ مشعل الاحمد الي القاهرة في ابريل من العام الماضي كأول زيارة من نوعها لسموه منذ تزكيته امير للكويت في ديسمبر عام 2023 ، وجرت مباحثات مهمة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي اشاد بمسار التعاون المشترك بين البلدين .
تعاون أمنى
وفي اوائل فبراير الحالي قام الشيخ فهد اليوسف النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بزيارة للقاهرة استقبله خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي ، كما التقي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول عبدالمجيد صقر ومع اللواء محمود توفيق وزير الداخلية لبحث التعاون الثنائي في هذه المجالات الحيوية ، وجرى خلال اللقاءات التي تمت بحضور سفير الكويت بالقاهرة غانم صقر الغانم وعدد من كبار المسئولين من الجانبين بحث العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين واستعراض سبل تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات بما يخدم المصالح المتبادلة ، كما تم التطرق كذلك إلى آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
وأشاد الشيخ فهد اليوسف بالعلاقات الأخوية التاريخية المميزة بين مصر والكويت ، مؤكداً حرص البلدين الدائم على تطويرها في كل المجالات ، لا سيما في الجانب الأمني ، وأشار إلى أن زيارته إلى مصر ، جاءت في إطار العلاقات الوثيقة والتشاور المستمر بين مسئولي البلدين ، لافتاً إلى أهمية الزيارات المتبادلة بين الأشقاء العرب لتعزيز العمل الأمني وتوحيد المواقف المشتركة بما يخدم الاستقرار في الدول العربية.
دائما ما كانت الكويت تنظر الي مصر باعتبارها أخاً وشقيقا وقلب الوطن العربي النابض ، ويحرص البلدان علي وصف العلاقات بينهما بأنها علاقة بين شريكين إستراتيجيين ، بما يعنى مشاركة متعددة الأبعاد منها السياسية والثقافية والإعلامية و الاقتصادية , ومنها المشاركات الرسمية وغير الرسمية على المستوى الشعبي ، وهى علاقات قامت على أسس مكنتها من تجاوز كافة التحديات لتصبح راسخة فى الجذور الدبلوماسية ، وبالتالي فان استقرار وازدهار مصر يصب تلقائيا في صالح الكويت ، ودائما ما كانت مصر حاضرة بمكانتها ودورها ليس في الكويت وحدها ولكن في منطقة الخليج والوطن العربي قاطبة , وكانت توظف استقرارها وتطورها لصالح القضايا العربية .
وبالنسبة لأبناء الكويت الاشقاء فإنهم يذ كرون بكل الخير وقفة مصر عام 1961 عندما تصدت لأطماع حاكم العراق عبد الكريم قاسم من خلال الوقفة الصلبة للزعيم الراحل جمال عبد الناصر , كما يذكرون وقفتها الحاسمة عام 1990 عندما تصدت لغزو صدام حسين وشاركت قواتها المسلحة في عمليات التحرير عام 1991 , وكانت هذه مجرد علامات في سلسلة متصلة ومتبادلة من التعاون المشترك , لا تزال مستمرة في الحاضر والمستقبل , كل هذا يجعل الدور المصري قائما ومطلوبا ومرحبا به دائما ليس فيما يتعلق بأمن منطقة الخليج وحدها بل في سائر ارجاء الوطن العربي , وهو ما يؤكد عليه المسئولون في البلدين من ان امن الكويت والخليج مسألة مهمة لمصر ومرتبطة بشكل مباشر بالأمن القومي لمصر والعكس صحيح .
أول اتفاق
تاريخيا لا يمكن لأي متابع لعلاقات البلدين أن يتجاوز أول اتفاق تم توقيعه بين الطرفين في إبريل عام 1964 تلاه عدة اتفاقات أخرى منها الاتفاق الموقع بين غرفتي التجارة في يونيو 1977 واتفاق التعاون الاقتصادي والفني ، واتفاق التعاون الفني في مجال المواصفات والمقاييس ومراقبة الجودة في نفس العام تلاه العديد من الاتفاقيات , وفي عام 1998 تأسست اللجنة العليا المشتركة بين البلدين لتحقيق القدر الأكبر من التنسيق والتعاون في مجالات التعاون المختلفة , كما ترتبط الدولتان بالعديد من بروتوكولات التعاون بين المؤسسات (السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية والتعليمية والفنية والإعلامية والقضائية والأوقاف والشئون الإسلامية) والمؤسسات المناظرة في كلا البلدين.
استثمارات متزايدة
تؤمن الكويت ان التضامن الحقيقي بين الاشقاء يقوم علي معاني التساند والتوظيف للقدرات والموارد بما يخدم التنمية المشتركة ، ويسهم في تطوير مقدرات الشعوب الشقيقة ، ولأن الله قد حبا الكويت بثروة نفطية كبيرة ، فقد بادرت بتبني عددا من مشروعات وبرامج الدعم للدول الشقيقة ، وكان القرار بإنشاء الصندوق الكويتي للتنمية العربية عام 1961 ، والذي تزامن مع استكمال الكويت لاستقلالها معبرا عن هذا التوجه ومجسدا له .
وفي ضوء ذلك فإن الدعم الكويتي لمصر لم يتوقف طوال العقود الماضية , والتعاون بينهما قائم علي قدم وساق عبر ما يزيد على 100 اتفاقية مشتركة تربط بين مصر والكويت في مختلف المجالات ، إلى جانب استثمارات وبرامج تنموية , و تنظر الكويت للعلاقات الاقتصادية علي انها علاقات متطورة وتحظي بنفس القدر من الاهمية الذي تتمتع به العلاقات السياسية , حيث تشير التقديرات الي ان نسبة الاستثمارات الكويتية في مصر تبلغ نحو 25 % من حجم الاستثمارات العربية في مصر ، وهناك 1400 شركة كويتية تعمل بمصر في مجالات مختلفة ومتنوعة بشكل يعكس تطور القدرات الكويتية في قطاعات عديدة , كما زادت الاستثمارات الكويتية المباشرة في السوق المصرية في السنوات الاخيرة ليسجل اجمالي حجم الاستثمارات الكويتية الحومية والخاصة في مصر نحو 25 مليار دولار وفق تقديرات القطاع الخاص الكويتي , وهناك ترتيبات لإعطاء دفعة جديدة في هذا الصدد سوف تظهر اثارها خلال الفترة المقبلة ، علما ان الاستثمارات الخارجية الكويتية في مصر تتجه عادة نحو مشاريع وقطاعات رئيسية تنسجم مع أهداف التنمية المستدامة والاقتصادية في مصر .
تبادل تجاري
ويواكب ذلك نموا في حجم التبادل التجاري بين مصر والكويت رغم كل المعوقات التي نجمت عن التطورات الاقليمية والدولية في الاونة الاخيرة وبلغ هذا التبادل اعــلى مسـتوياته قبــل هــذه التـطورات مسـجلا نـحو 3 مليارات دولار ، وهناك امكانية خلال المرحلة المقبلة على المدى المتوسط والبعيد لتحقيق زيادة الى مستوى اعلى , علاوة علي ذلك تفتح الكويت ابوابها للكوادر المصرية وهو نوع اخر من التعاون الاقتصادي والدعم غير المباشر للاقتصاد المصري حيث تعد الجالية المصرية الجالية العربية الاولي في الكويت , وفي المقابل هناك جالية كويتية في مصر من الدارسين في الجامعات المصرية فضلا عن المستثمرين وأصحاب الإعمال ، وتزيد قيمة إنفاقهم علي مليار دولار سنويا , وكلها ملامح تؤكد الاهتمام الرسمي والشعبي الكبير بتطوير العلاقات الثنائية في مجال الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة ، ويؤكد المسئولون في الكويت سعيهم لمزيد من التعاون وترحيبهم بتواجد الشركات المصرية في الكويت التي تقوم بعضها بتنفيذ بعض المشاريع حيث يتميز الاقتصاد الكويتي بتعدد الفرص والانفتاح علي كافة الاستثمارات الخارجية .
تعزيز التواصل
تؤمن الكويت ان مصر لا يمكن ان تغيب عن دورها العربي والإقليمي مهما كانت الظروف والتحديات , باعتبار انه دور مطلوب ومرحب به لأن قوة مصر قوة للعرب وقوة العرب هي بالتأكيد اضافة لقوة مصر , وهذه القاعدة محورية في مسيرة العمل العربي المشترك منذ انشاء جامعة الدول العربية , وعندما شهدت مصر تطورات داخلية حالت دون اداء هذا الدور عام 2011 ، احترمت الكويت الإرادة الشعبية في مصر ، وكان موقفها المعلن انها تساند خيارات الشعب المصري , وأصدرت الحكومة الكويتية بيانا أكدت فيه دعمها للخطوات الإيجابية للشعب المصرى وللحكومة المصرية على طريق ترسيخ دعائم الديمقراطية ، تلا ذلك الاعلان في يوليو 2013 عن تقديم حزمة مساعدات اقتصادية عاجلة لمصر بقيمة 4 مليارات دولار ، وأعقبتها بعدد من الزيارات المتبادلة على اعلى المستويات ، اضافة الي سلسلة من صور الدعم الاقتصادي التي تؤكد مساندة الكويت التامة والمستمرة لمصر .
وتتواصل مسيرة الاخوة والبناء والتعاون بين البلدين الشقيقين محققة المزيد من التقارب في سائر المجالات في ظل حرص مشترك من القيادتين الرشيدتين : الشيخ مشعل الاحمد الجابر الصباح واخيه الرئيس عبد الفتاح السيسي على توفير كل فرص النمو لهذه المسيرة لتزداد قوة ورسوخا .
الكويت تحتفل بعيد الاستقلال الرابع والستين وذكرى التحرير الرابعة والثلاثين
أجواء الفرحة تعم الكويت ومظاهر الاحتفال فى كل مكان
قامات كويتية ساهمت فى صنع التاريخ..وجهود مستمرة للحفاظ على استقرار البلاد
تحتفل الكويت خلال شهر فبراير الحالي بأعيادها الوطنية المتمثلة في عيد الاستقلال الرابع والستين والذكرى الرابعة والثلاثين للتحرير ويوافقان يومي 25 و26 فبراير من كل عام ويحلان في ظل القيادة الرشيدة لأمير الكويت الشيخ مشعل الاحمد الذي نودي به لتولي مسند الامارة في 16 ديسمبر 2023 خلفا لأخيه الشيخ نواف الاحمد طيب الله ثراه .
وتتزين الكويت وتكون في أبهى صورها خلال الاحتفالات بالأعياد الوطنية، فتزدان مبانيها وميادينها وشوارعها التي تمتليء بالمواطنين الذين يعبرون عن بالغ حبهم للوطن والتفافهم حول قيادتهم السياسية وعلى رأسها الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير البلاد والشيخ صباح خالد الحمد الصباح ولي العهد .
وتتمثل احتفالات الكويتيين بأعيادهم الوطنية في عدد من الفعاليات والأنشطة والعروض ومنها العروض العسكرية التي تعكس انطباعا جميلا في ذاكرة الكويتيين وخصوصا المشاركة الواسعة لوحدات الجيش البرية والجوية والبحرية إلى جانب وزارة الداخلية والحرس الوطني.
العروض العسكرية
وجرت العادة أن تفتتح العروض العسكرية بتحية العلم وسط حضور كبير من المواطنين في حين تحتشد الوحدات العسكرية في تراص منظم لتبدأ عرضها المهيب الذي يتخلله عزف الفرق الموسيقية التابعة للجيش والمارش العسكري راسمين لوحة فنية تتجلى فيها القيم الوطنية والاستبسال دفاعا عن الوطن.
ويشارك في العروض مشاة من قوات المغاوير التابعة للجيش وقوات الصاعقة من الحرس الوطني وطلائع الفرسان من الشرطة وآليات وزارة الداخلية بكل قطاعاتها والسفن البرمائية ومقاتلات حربية كويتية مختلفة.
وبالإضافة إلى تلك القوات يأتي العرض الجوي الذي يضم مختلف أنواع الطائرات مثل « يوروفايتر – تايفون « و«هركليز» و«توكانو» و«الهوك» و«الأباتشي» و«إف 18» لرسم تشكيلات ثلاثية ورباعية.
مظاهر احتفالية
كما تشارك أبراج الكويت احد اهم المعالم التاريخية والسياحية في البلاد في احتفالات الكويت الوطنية باعتبارها مقصدا ووجهة سياحية مهمة، وتشارك أيضا قرية صباح الأحمد التراثية فرحة الكويت في الاحتفالات الوطينة باقامتها العديد من الفعاليات والانشطة والمتمثلة في مسابقات وتوزيع جوائز وفقرات الألعاب النارية والفرق الشعبية الغنائية وغيرها ، كما تشارك العديد من المؤسسات الاخرى مثل حديقة الشهيد التي تضم عددا من الاماكن التراثية والمتاحف ، وتحظي بزيارة حشد ضخم من المواطنين والمقيمين .
ومن أهم مظاهر احتفالات الكويت بأعيادها الوطنية انطلاق مهرجان «هلا فبراير» الذي يأتي كل عام في شهر فبراير، لتقيم فيه الكويت عددا كبيرا من الاحتفالات ، ويتميز المهرجان بتقديم مجموعة واسعة من الفعاليات والأنشطة التي تلبي اهتمامات مختلف الفئات العمرية والثقافية من خلال الحفلات الموسيقية والغنائية التي تستقطب كبار الفنانين المحليين والعرب ، مما يجعله من أهم محطات الجذب للجمهور ، كما تعد الأمسيات الشعرية والندوات الثقافية جزءاً لا يتجزأ من البرنامج ، إذ توفر منصة للشعراء والمثقفين لعرض أعمالهم ومشاركة أفكارهم ، وبالإضافة إلى الجانب الفني والثقافي، يشمل المهرجان العديد من الأنشطة الترفيهية مثل المسرحيات وعروض الأزياء التي تعكس التقاليد والحداثة في الكويت ، تُقام أيضاً مباريات رياضية ودية تجمع بين الأندية المحلية والدولية ، مما يضفي جوًا من الحماس والمنافسة.
ولا يقتصر المهرجان على الأنشطة الثقافية والترفيهية فحسب، بل يشمل أيضًا مجموعة متنوعة من الفعاليات التسويقية ، حيث يشارك عدد كبير من المحلات التجارية والسلاسل في الفعاليات بتقديم خصومات وعروض خاصة، مما يجعله وقتًا مثاليًا للتسوق والاستفادة من الصفقات الرائعة ، ويتواكب مهرجان هذا العام مع انطلاق فعاليات الكويت عاصمة للثقافة والإعلام العربي للعام 2025 التي تتواصل على مدار العام في ملمح جديد يشهد على حالة الازدهار الثقافي والزخم الاعلامي الذي تشهده الكويت في هذا العهد المبارك .
تاريخ حافل
ولم تأت مظاهر الاحتفال بالأعياد الوطنية الكويتية من فراغ، بل صنعها تاريخ حافل بالأحداث ، فالكويت دخلت مرحلة جديدة من تاريخها يوم 19 يونيو 1961 حين وقعّ الامير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح وثيقة الاستقلال مع المندوب البريطاني بالخليج العربي نيابة عن حكومته.
وبموجب هذه الوثيقة الغيت اتفاقية 23 يناير 1899 التي وقعها الشيخ مبارك الصباح مع بريطانيا في ذلك الوقت لحماية الكويت من الاطماع الخارجية ، وبإلغاء تلك الوثيقة أعلنت الكويت دولة مستقلة ذات سيادة .
والقي المغفور له الشيخ عبدالله السالم في هذه المناسبة كلمة قال فيها « في هذا اليوم الذي ننتقل فيه من مرحلة الى مرحلة اخرى من مراحل التاريخ ونطوي مع انبلاج صبحه صفحة من الماضي بكل ما تحمله وما انطوت عليه نفتح صفحة جديدة تتمثل في هذه الاتفاقية التي نالت بموجبها الكويت استقلالها التام وسيادتها الكاملة «.
ونصت المذكرة البريطانية على ان حكومة الكويت تنفرد بمسؤولية ادارة شؤون الكويت الداخلية والخارجية على ان تظل العلاقات بين البلدين وطيدة تسودها روح الصداقة المتينة.
ولم يكن النجاح في اصدار مثل هذه المذكرة البريطانية عملا سهلا على الاطلاق بل كان عملا شاقا لا يقدر عليه الا رجل محنك متمكن سياسيا ويستند الى دعم شعبي غير عادي ، وكلها كانت بعض صفات أمير الاستقلال الشيخ عبدالله السالم الصباح.
وإذا كانت معاهدة الحماية بداية للعلاقات الكويتية البريطانية وخطوة من خطوات الحماية للكويت ضد القوى الخارجية فان عهد الشيخ عبدالله السالم «1950 – 1965» هو عهد الغاء هذه المعاهدة واعلان دولة الاستقلال على يد «أبو الاستقلال».
وفي 25 فبراير 1950 أعلن الشيخ عبدالله السالم فور توليه الحكم عن عزمه على اتباع سياسية ترمي الى تحقيق الوحدة الوطنية او اشاعة جو ديمقراطي ومقاومة أي تدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، وهو التاريخ الذي اختير عيدا وطنيا للكويت يحتفل به المواطنون كل عام.
وقام الامير الراحل بإجراء اصلاحات جوهرية ضمن مخططه للتنمية الاقتصادية ودخل في مفاوضات شاقة طويلة مع شركة نفط الكويت نتج عنها في أواخر عام 1951 الاتفاق على رفع نسبة العوائد النفطية الى 50 في المئة من الارباح الصافية.
مساهمات عربية ودولية
وبمجرد أن نالت الكويت استقلالها وسيادتها سارعت الى الانضمام الى الجامعة العربية في 20 يوليو 1961 وسعى الامير الراحل الى دعم الدول العربية والخطوة الثانية انشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية ليكون دعما وعونا للدول العربية في بناء مشاريعها المختلفة ، وزاد ارتباط الكويت بشقيقاتها العربيات بل وأصبحت تعيش كل قضايا العرب قولا وفعلا على المستويين الرسمي والشعبي.
وأكملت الكويت وجودها السياسي بالانضمام الى الامم المتحدة في 14 مايو 1963 والمنظمات التابعة لها لتكون بذلك عضوا فاعلا في المجتمع الدولي تسعى نحو السلام مع الدول المحبة للسلام والاستقرار.
السياسة الخارجية
ولتعزيز دور الكويت وسياستها صدر المرسوم الاميري في 19 أغسطس عام 1961 الذي يقضي بانشاء «دائرة الخارجية» على أن تختص دون غيرها بالشؤون الخارجية للدولة وتعمل على تعزيز الروابط مع دول العالم المختلفة.
وصدر مرسوم اميري بتعيين أول رئيس لدائرة الخارجية في تاريخ الكويت وذلك في 3 أكتوبر 1961 حيث تم تعيين الشيخ صباح السالم الصباح رئيسا لدائرة لخارجية وأعقبه الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح الذي اصبح وزيرا للخارجية بالتشكيل الوزاري الثاني الصادر في 28 يناير 1963 واستمر في منصبه لمدة اربعة عقود استحق خلاها لقب عميد الدبلوماسيين في العالم .
واعتمدت السياسة الخارجية للكويت على أساس من الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والاعتراف بحق كل شعب في اختيار نظامه الاساسي ، وانتهجت كويت بعد الاستقلال سياسة خارجية فذة يشهد لرجاحتها وحنكتها العدو قبل الصديق.
قامات كويتية
وفي ذكرى يوم الاستقلال فان ذاكرة الكويتيين تحفظ بكل تقدير عطاء ودور عدد من القامات الكويتية ، في مقدمتهم «ابو الاستقلال» الشيخ عبدالله السالم الذي استن خطا واضحا يراعي دوما مصالح الكويت ومصالح الشعب الكويتي في كل عمل او إجراء وكان أهمها إلغاء اتفاقية 1899 واعلان الاستقلال .
وفي ديسمبر 1965 تقلد الشيخ صباح السالم مقاليد الحكم في البلاد حيث واصل دوره في خدمة الكويت ، فافتتحت في عهده أول جامعة بالكويت وتطورت الخدمات الصحية والاسكانية والتعليمية ، وشُكلت في عهده أربع وزارات برئاسة الشيخ جابر الاحمد الذي كان وليا للعهد ورئيسا لمجلس الوزراء قبل ان يتولي منصب امير البلاد في 31 ديسمبر 1977 .
وواصلت الكويت دورها التنموي والسياسي كدولة على الصعيد الداخلي والخارجي وافتتحت عدة مشاريع داخل الكويت وخارجها أعطتها بعدا حضاريا وتقدما على كل الاصعدة .
أبطال التحرير
ولعل ذكرى تحرير الكويت التي تمر عليها هذا العام اربعة وثلاثين سنة تذكرنا بالأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح أمير الذي قاد نهضة الكويت لتكون مركز اشعاع الخليج في جميع المجالات ، وقاد أيضا وبنفس الروح تحرير الكويت وعودتها الى أحضان أبنائها شامخة عزيزة عام 1991 .
وداخل أروقة الأمم المتحدة وأمام العالم أجمع ، وقف الشيخ جابر الاحمد يخاطب الجميع حول قضية بلاده قائلا: « لقد جئت اليوم حاملا رسالة شعب أحب السلام وعمل من أجله ومد يد العون لكل من استحقها وسعى للخير والصلح بين من تنازعوا ايمانا منه برسالة نبيلة أمرنا بها ديننا الاسلامي وتحثنا عليها المواثيق والعهود وتلزمنا بها الأخلاق».
وأضاف «جئتكم برسالة شعب كانت أرضه بالأمس القريب منارة للتعايش السلمي والإخاء بين الأمم وكانت داره ملتقى الشعوب الآمنة التي لا تنشد سوى العيش الكريم والعمل ، وها هو شعبها اليوم بين شريد هائم يحتضن الأمل في مأواه وبين سجين ومناضل يرفض بدمه وروحه أن يستسلم ويستكين للاحتلال مهما بلغ عنفوانه وبطشه».
ومن أبسط الكلمات تظهر أقوى المواقف فكان الالتفاف العالمي حول هذا القائد تصفيقا وتأييدا حتى عاد وطنه محررا وعاد هو أميرا معززا كريما.
كما لا تنسى الكويت أيضا رجلا استحق بالفعل أن يطلق عليه «بطل التحرير» وهو الأمير الوالد المغفور له الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح ، فمنذ اللحظة الأولى التي بدأ فيها الاحتلال الآثم استشعر الشيخ سعد نوايا المحتل في الإطاحة برأس الشرعية في الكويت المتمثل في أمير البلاد آنذاك الشيخ جابر الأحمد فاتجه الى قصر دسمان مصرا على رفيق دربه بالخروج الى السعودية.
ولولا هذا الموقف الحكيم والشجاع من الأمير الوالد لذهبت الشرعية التي توحد الشعب الكويتي تحت رايتها سواء من كان منهم في الداخل أو الخارج والتي كان لها الأثر الكبير في إصرار المجتمع الدولي على الانسحاب العراقي وتحرير الكويت.
وبعد أن اطمأن الشيخ سعد علي سلامة رأس الشرعية شرع في الاهتمام بتنظيم أوضاع الحكومة الكويتية في المنفى وتحديد أولوياتها ، وعلى رأسها تأمين الحياة الكريمة للكويتيين في الخارج ورفع الروح المعنوية ، وتأمين حياة المواطنين في الداخل ، ودعم المقاومة الكويتية الى جانب التحرك الدبلوماسي المستمر باتجاه الدول الشقيقة والصديقة لدعم مواقفهم تجاه الحق الكويتي.
صولات الشيخ صباح
اما المغفور له الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح “ طيب الله ثراه “ فكانت وما زالت له صولات وجولات في الحفاظ على استقرار وأمن الكويت وتحقيق نهضتها السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والثقافية، فكان الشيخ صباح الأحمد وزيرا للخارجية في وقت الاحتلال ، ووقتها قاد جهودا دبلوماسية كبيرة على مستوى العالم لانهاء احتلال نظام صدام حسين للكويت، وهو أيضا الذي رفع علم الكويت في الأمم المتحدة ، وهو من حفظ الكويت من المؤامرات والفتن، وامتدت جهوده للوطن العربي والاسلامي أجمع ، فقاد جهودا للمصالحة بين الفرقاء، وحرص على وحدة الدول العربية وعلى كيان مجلس التعاون الخليجي من أي محاولات لتصدعه، ولم يكف عن مبادرات هنا وهناك لإغاثة الشعوب العربية ومتابعة قضايا وهموم الوطن العربي.
عطاء الشيخ نواف
ولد المغفور له الشيخ نواف الاحمد الجابر الصباح في 25 يونيو عام 1937، وكان الابن السادس من الأبناء الذكور للأمير الراحل الشيخ أحمد الجابر ، وكان له منذ استقلال البلاد بصمة واضحة في العمل السياسي. ففي 12 فبراير عام 1962، عينه الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم محافظاً لحولي ، وظل في هذا المنصب حتى 19 مارس عام 1978، عندما عين وزيراً للداخلية في عهد الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد ، حتى 26 يناير 1988 عندما تولى وزارة الدفاع.
وبعد تحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم عام 1991 تولى حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في 20 أبريل 1991، واستمر في ذلك المنصب حتى 17 أكتوبر 1992، وفي 16 أكتوبر 1994 تولى منصب نائب رئيس الحرس الوطني، واستمر فيه حتى 13 يوليو 2003، عندما تولى وزارة الداخلية، ثم صدر مرسوم أميري في 16 أكتوبر من العام ذاته بتعيينه نائباً أول لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخلية، وبقي في هذا المنصب حتى تعيينه ولياً للعهد في عام 2006.
تولى مقاليد الحكم في البلاد في 29 سبتمبر عام 2020، خلفا لأخيه الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد ، ليصبح الحاكم السادس عشر للبلاد ، حيث توج أميراً للكويت بعد نحو 58 عاماً من العطاء في مناصب عدة خدم خلالها الكويت ، وخلال الأعوام الثلاثة التي امضاها في الحكم ، شهدت الكويت ، إكمالاً لمسيرة البناء والعطاء التي بدأها أسلافه ، كما شهدت خططاً جديدة في إدارتها تعتمد فيها على معطيات الحاضر لبناء مستقبل زاهر، تواكب فيه مستجدات العصر وتطوراته وتتبوأ المكانة التي تستحقها عربياً وإقليمياً وعالمياً.
وهكذا تتواصل مسيرة حكام الكويت في مسيرة متتابعة من العطاء والانجازات من اجل رفعتها وازدهارها وفي ظل التفاف وتلاحم الشعب مع القيادة .