الوقت غير مناسب لإنتقاد الأوضاع فى المنطقة والصراعات الطائفية التى شهدتها خلال العقدين الماضيين وأعطت الفرصة للبلطجة الإسرائيلية تجاه الأشقاء، فكلنا ضد الاحتلال ، وكلنا كعرب مع وقف الدماء التى تسيل كل يوم فى فلسطين ولبنان.. لامجال حاليا لتفنيد الأخطاء، مئات الآلاف من الفلسطينيين استشهدوا وأصيبوا جراء الهجمات الوحشية لإسرائيل فى غزة والضفة ولا وجود وغياب القانون الدولي، وعشرات الآلاف من اللبنانيين استشهدوا واصيبوا أيضا دون أن يتحرك أحد فى أوروبا أو أمريكا.. فما تمارسه إسرائيل من إجرام «حق» لضمان أمنها وسلامتها من وجهة نظر الغرب، أما ما يغضب المجتمع الدولى والعرب بسبب حروب الإبادة الإسرائيلية والتهجير القسرى والاغتيالات فلا يستحق ثمن «المداد»
كان العقدان الماضيان هما الأسوأ فى تاريخ العرب الحديث، فقد شكل الغزو الأمريكى للعراق عام 2003 بداية جديدة للاستعمار فى المنطقة، وتسببت مشاركة إيران فى المشهد ثم انتشارها فى أكثر من بلد عربي، فى إيجاد مبرر للغرب لإستهداف دول المنطقة بحجة محاربة الارهاب، و«زاد الطين بلة «عندما شارك كل من يكره العرب فى صناعة التنظيمات المسلحة ومنحها الفرصة لهدم بعض الدول والجيوش العربية ، أيضا عندما تم دعم جماعة الإخوان الإرهابية للوصول الى الحكم فى مصر، هذه المؤامرة التى انتهت بعناية الله ثم بإشتعال ثورة 30 يونيو وإزاحة الجماعة الارهابية عن المشهد تماما وعودة الأمن والاستقرار.
لقد مثلت ثورة 30 يونيو البداية والأمل فى أشياء عديدة : فى استعادة البلاد من مختطفيها ، وفى تبنى عهد جديد باختيار الرئيس عبد الفتاح السيسى لقيادة الدولة وانقاذها من الفوضى والارهاب ونجح الرئيس فى اطلاق المشروع التنموى العملاق ، وفى تأسيس سياسة خارجية مستقلة وواعدة ظهرت بوادرها فى إفشال مخطط تقسيم المنطقة ومنع سقوط دول شقيقة والحفاظ على القضية الفلسطينية وهو ما بدا واضحا بعد العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة ، والجهود التى بذلتها مصر ومازالت تبذلها لإدخال المساعدات ومنع التهجير القسرى ومنع تصفية القضية الفلسطينية، كذلك ما تبذله مصر الآن لإعادة الهدوء إلى لبنان ووقف هجوم إسرائيل على الجنوب اللبناني، إضافة إلى تقديم المساعدات العاجلة إلى الأشقاء اللبنانيين، وقبل ذلك كان موقف مصر المشرف من الصراع فى ليبيا والأزمة فى السودان .
هذه القراءة السريعة لأحوال المنطقة حاليا، تكشف إلى حد كبير لماذا حرص الرئيس السيسي، خلال الاحتفال بتخريج دفعة جديدة بكلية الشرطة على طمأنة المواطنين فى ظل هذه الأوضاع، وعلى اطلاعهم على سياسة بلادهم تجاه ما يجرى فى المنطقة وبالقرب من الحدود المصرية ، الرئيس السيسى قال فى كلمته بالاحتفال: إن مصر تدير الامور بشكل يحفظها والمنطقة دون التورط فى أمور قد تؤثر على الأمن والاستقرار ، مطمئنا الشعب المصرى بأن مصر بخير وستظل قوية ما دمنا ثابتين ومتحدين ومتماسكين ، متحملين مسئولياتنا رغم ما تشهد المنطقة من توترات. الرئيس ذكر أيضا : أن المنطقة والعالم يمران بظروف صعبة للغاية ومصر تحرص على أن تكون سياستها متوازنة فى ظل هذا الاضطراب الخطير، محذرا من أن هذا الإضطراب سيؤدى إلى عواقب وخيمة فى منطقتنا والعالم.
وهنا نتوقف قليلا عند كلمات الرئيس التى تؤكد بداية أن مصر بخيروقوية ما دمنا ثابتين ومتماسكين ، فى إشارة إلى ضرورة استمرار توحد المصريين على قلب رجل واحد خاصة فى ظل الظروف الإقليمية المعقدة الحالية، وعدم الانصياع لحملات التشكيك التى تنفذها عناصر من جماعة الإخوان الإرهابية وغيرها من الجهات المعادية التى تريد توريط مصر فى حرب بغرض تعطيل المشروع التنموى العملاق ووقف عمليات الإصلاح التى بدأت منذ عام 2014 ومستمرة حتى الآن، كذلك فإن حرص الرئيس على توضيح السياسة «المتوازنة» التى تتبعها مصر فى ظل الاضطراب الخطير فى المنطقة ، يكشف احترام الرئيس للشعب و إدراكه لمكانة مصر وقدرتها على الحفاظ على سيادتها واستقلالية قرارها ، رغم كل الظروف الخطيرة والمضطربة التى يمر بها الإقليم والعالم.
وأخيرا لابد وأن نعترف أن الرئيس السيسى منذ توليه المسئولية عام 2014 وحتى الآن، وهو يواجه العديد من التحديات والأزمات الخطيرة والمعقدة، وإنه دائما ما ينجح فى الحفاظ على مصر وشعبها والإبحار بالسفينة إلى بر الأمان