على مدار السنوات الأخيرة، أظهرت مصر قدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية المتعاقبة من خلال سياسات إصلاحية مكنت الاقتصاد من تحقيق استقرار نسبى ونمو إيجابي، حتى فى ظل أزمات عالمية شديدة التعقيد. فبينما تكافح العديد من الدول لتجاوز تأثيرات التضخم العالمى والتوترات الجيوسياسية، تمكنت مصر من جذب استثمارات مباشرة كبيرة، ما يعكس ثقة المؤسسات المالية الدولية فى إمكانياتها الاقتصادية.
أرقام تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر إلى مصر تمثل دليلاً واضحًا على نجاح الاستراتيجية الاقتصادية للحكومة. فقد ارتفع صافى هذه الاستثمارات من 5.2 مليار دولار فى العام المالى 2021 – 2022 إلى 10 مليارات دولار فى 2022 – 2023، كما أصبحت مصر الوجهة الأكبر للاستثمار الأجنبى المباشر فى شمال إفريقيا بنسبة 75.8٪ من إجمالى التدفقات الإقليمية.
ورغم الظروف القاسية التى يواجهها الاقتصاد العالمى نتيجة الأزمات المتتالية، بدءًا من تداعيات جائحة كورونا ووصولا إلى الصراع الروسى – الأوكرانى وأزمة التضخم العالمية، تمكن الاقتصاد المصرى من الحفاظ على استقراره.
هذا النجاح لم يأت صدفة، بل نتيجة خطة مدروسة لتهيئة بيئة جاذبة للاستثمار، تضمنت تطوير البنية التحتية وتوسيعها فى قطاعات استراتيجية مثل الصناعة والزراعة والصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية.
التصنيفات الدولية المحدثة تؤكد أن الاقتصاد المصرى يسير فى الاتجاه الصحيح. آخر هذه التقييمات جاء من وكالة «ستاندرد أند بورز»، التى عدلت نظرتها المستقبلية لمصر إلى «إيجابية» على المدى القصير والطويل. هذه الثقة الدولية لا تعكس فقط نجاح الحكومة فى احتواء الأزمات، بل أيضا قدرتها على تعزيز مرونة الاقتصاد لمواجهة تقلبات السوق العالمية.
وعلى الرغم من أن التحديات الحالية صعبة على جميع دول المنطقة، خصوصا تلك القريبة من النزاعات، فإن الحكومة المصرية أظهرت مهارة فى إدارة الأزمات. تمكنت مصر من الحفاظ على توازن الاقتصاد، واستمرار السياسات الداعمة للنمو، والعمل على تقليل آثار الصدمات الخارجية على مواردها من النقد الأجنبي.
اليوم، ينظر إلى مصر كحالة استثنائية وسط هذه الفوضى الاقتصادية العالمية السياسات المرنة التى تتبناها الحكومة، بما فى ذلك تعزيز التعاون مع المستثمرين الأجانب، تؤكد قدرة البلاد على التكيف مع المتغيرات والاستمرار فى تحقيق نمو مستدام.
فى النهاية، التحديات التى تواجه الاقتصاد المصرى اليوم قد تكون صعبة، لكنها ليست مستحيلة بإصرار على الإصلاح ودعم مستمر للبنية التحتية، وتوجه استراتيجى نحو القطاعات الأكثر تنافسية، تستعد مصر للعب دور محورى فى خارطة الاقتصاد الإقليمى والعالمي، ما يجعلها نموذجا للتعافى والنمو وسط أوقات الأزمات.