نحن على أبواب نهضة زراعية كبرى
> تعاملت مصر بحكمة وصبر.. وما زالت.. مع المراوغات الأثيوبية فى موضوع السد الأثيوبي.. تجاه الاضرار المحتملة علينا فى مرحلتى الملء والتشغيل.. واستمرت مصر فى المفاوضات سنوات.. كانت كلها مراوغات واصراراً على عدم الالتزام باتفاق قانونى يحكم مصالح الجميع.. وكان موقف مصر دائماً أنها لا تعارض فى التنمية.. ولكن لابد من حماية حقوق مصر فى حصتها من المياه.
> أنا اتابع دائماً ما يكتبه فى هذا الشأن د.نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية واستصلاح الأراضى فى جامعة القاهرة.. وقد نشرت «الجمهورية» مؤخراً حواراً مطولاً معه أجرته الزميله سماح عبدالفتاح تناول فيه ثلاثة موضوعات.. أولها السد الأثيوبي.. وثانيهما الشح المائي.. وثالثهما استصلاح الأراضى وزيادة الرقعة الزراعية فى مصر وتغيير التركيبة الزراعية.
> وفى حديث د.نادر فى هذه الموضوعات ما يمنحنا الكثير من التفاؤل والأمل فى مستقبل أفضل بإذن الله.. وما قاله د.نادر عن السد الأثيوبى يظهر ان الله كان دائماً مع مصر.. وأن مصر محروسة بعناية الله.
> فقد بشرنا د.نادر باننا بفضل الله سبحانه وتعالى قد اجتزنا ما كان يمكن أن يترتب على مرحله ملء السد من مشاكل.. فقد كان الله كريما معنا ويسر هذا الملء دون أن تحدث مشاكل لمصر.. وفى هذا يقول د.نادر نور الدين إن المرحلة الصعبة فى السد الأثيوبى قد مرت بسلام.. والحمد لله.. فقد جاء الملء فى السنوات السمان.. حيث كان الفيضان عالياً.. ولم نشعر بهذا الملء.. لأنهم اخذوا من مياه الفيضان.. وهكذا نكون بفضل الله قد تجاوزنا المرحلة الأهم والصعبة بالنسبة لمصر.. ولم تتأثر كمية المياه الواردة لنا.
> المرحلة القادمة كما يوضحها د. نادر نور الدين هى أيضاً ستكون خيراً وبركه لمصر إذا تم تشغيل توربينات السد بأكملها وهى 13 توربينا.. فمياه التشغيل ستمر من السد وتنساب إلى السودان ثم مصر.. ولكن المشكلة التى تقتضى اتفاقا هى طريقة التشغيل.. فلا مشكلة إذا تم تشغيل كل التوربينات بمعدلات التشغيل العالمية .. وهى 12 ساعة يوميا لمدة 300 يوم سنويا.. فهذا كما يقول د.نادر : كفيل بتوصيل نفس كمية المياه التى كانت تصل مصر قبل وجود السد..
> أين المشكلة إذن؟.. المشكلة هى إذا لم يلتزموا بتشغيل كل التوربينات وشغلوا نصفها على سبل المثال.. فهذا يمثل خطراً لن تقبله مصر.. وما الحل إذن؟.. يقول د.نادر نور الدين نحن نحاول فى هذه النقطة كثيراً.. ومن الممكن أن نقترح فتح المخارج أو المفيضات من آن لآخر حتى تصل الينا المياه.. وهذه كانت فلسفة التفاوض على التشغيل وليس الملء فقط.. وأياً كانت المراوغات الأثيوبية ، فمصر تعرف كيف تحمى حقوقها.. والقيادة السياسية تدير هذا الملف بخبرة وحكمة وحسم.
> خلاصة ما يقول د.نادر نور الدين.. اننا اجتزنا أصعب مرحلة.. وأن الله كان رحيما بمصر وحامياً لها.. فجاءت مرحلة الملء مع فيضانات مرتفعة جنبت مصر ما كان الجميع يخشونه من نقص حاد فى حصتها التاريخية من المياه خلال هذه المرحلة.. يبقى هنا أن نتوصل إلى حل لعملية التشغيل للسد الأثيوبي.
> فى حوار د.نادر نور الدين مجموعة من الأرقام عن الشح المائى يجب ان نتابعها.. فطبقا لتقديرات الأمم المتحدة لا يجب أن يقل استهلاك المياه للفرد عن ألف متر مكعب فى السنة.. ومعنى هذا أننا طبقاً لتعداد سكان مصر 107 ملايين نسمة نحتاج إلى 107 مليارات متر مكعب سنوياً.. وحصتنا من النيل 55.5 مليار متر مكعب و5.5 مليار متر مكعب من المياه الجوفية و1.3 متر مكعب أمطار تسقط شتاء فوق الدلتا أى أن ايرادنا من الميــاه يصـــل إلى نحـــو 62 مليار متر مكعب.. وبذلك يكون لدينا نحو 45 مليار متر مكعب عجزا فى احتياجاتنا المائية.. وهذا الرقم يزيد مع زيادة السكان بنحو ثلاثة ملايين نسمة سنوياً.
> كيف ندبر هذا العجز؟.. بإعادة استخدام حوالى 21 مليار متر مكعب من مياه المخلفات من الصرف الزراعى والصحي، ثم بزيادة الموارد المائية وإعادة استخدام المياه وتحلية مياه البحر وترشيد استخدام المياه فى الزراعة وتحجيم مساحة الزراعات المستهلكة للمياه مثل الأرز والموز واستخدام الصوب الزراعية.. وبتبطين الترع وتطوير الرى فى الحقول والرى بالتنقيط فى المزارع الصحراوية.. وبذلك تقل نسبة الشح المائى إلى 22 مليار متر مكعب يمكن التعايش معها.
> هناك فاقد يصل إلى 3.3 مليار متر مكعب من جملة عشرة مليارات متر مكعب من المياه للاستهلاك المنزلى وغيره.. ومن هنا أهمية التوعية بعدم الهدر فى استهلام المياه.
>>>
> نحن على أبواب نهضة زراعية كبرى تضيف إلى مساحتنا المزروعة الآن وهى 9 ونصف مليون فدان.. نحو أربعة ملايين فدان أخرى أى ما يقترب من نصف المزروع الآن.. وهى المساحة التى يجرى استصلاحها وزراعتها..
> خلاصة ما يقوله د.نادر نور الدين عن الاكتفاء الذاتى من القمح إننا يمكننا من خلال الزراعات فى المساحات الجديدة ورفع إنتاجية الفدان ان نصل إلى تقليل الاستيراد من 12 مليون طن إلى خمسة ملايين طن.. وهذا يؤدى إلى توفير عملة صعبة.. ورفع قيمة الجنية المصرى أمام العملات الأجنبية بفضل الاقتصاد الزراعي.. ومن هنا تبدو اهمية توجه الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ البداية إلى الاهتمام بمشروعات استصلاح الأراضي.. وزيادة الرقعة الزراعية.. وزيادة مساحات الصوب الزراعية.. والعمل على تقليل فجوة الشح المائي.
> هذا الحوار الهام مع شخصية علمية قديرة هو جزء مهم من دور تنويرى هام تقوم به «الجمهورية» على صفحاتها.. وهو جدير بالتحية والتقدير.