كانت مصر من الدول الرائدة والسباقة للدخول فى مجالات إنتاج الطاقة من مصادر الشمس والرياح والهيدروجين الأخضر والنووي.. ومواكبة التوجه العالمى لطاقة مستدامة منخفضة الكربون للحفاط على البيئة والحد من ارتفاع درجات حرارة الأرض.. لما تتمتع به من مزايا وإمكانات هائلة تؤهلها لأن تكون أحد أهم محاور الاستثمار والإنتاج والتصدير لهذه الطاقات.. وهو ما نتعرف عليه من اثنين من أهم علماء وخبراء مصر فى الطاقات النووية والمتجددة الدكتور محمد الخياط الرئيس التنفيذى لهيئة الطاقة المتجددة والدكتور أمجد الوكيل رئيس هيئة المحطات النووية لإنتاج الكهرباء.
أكد الدكتور أمجد الوكيل رئيس هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء ان الطاقة النووية ضمن الاستراتيجية الوطنية المصرية لمكافحة تغير المناخ من خلال تنفيذ سلسلة من المشروعات منخفضة الكربون تأتى فى مقدمتها محطة الضبعة وتضم هذه المشروعات الطاقة المتجددة من شمس ورياح وهيدروجين اخضر و ان مصر تهدف لتوطين التكنولوجيا النووية للاغراض السلمية ضمن الاستراتيجية المستقبلية للدولة لتنفيذ رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسى لتوطين الصناعة محليا.
تتحدث الوكيل خلال حواره مع الجمهورية عن العمل بمحطة الضبعة حيث اكد ان العمل فى محطة الضبعة يتم وفقا للبرامج المخططه والسابقه لذلك رغم الصعوبات والتحديات التى تسود العالم فى هذه التوقيت والتوترات الدولية تمهيدا لدخول اولى وحدات المحطة الاربع الخدمة عام 2028 حيث تم مؤخرا بمشاركة الرئيسين عبد الفتاح السيسى ورئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة الاولى بمحطة الضبعة النووية ومن المنتظر أن يتم تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة الثانية والثالثة فى نهاية الربع الأخير من العام الجارى وهو قبل البرنامج الزمنى المحدد سابقا، نتيجة للتعاون المستمر بين الجانبين المصرى الروسى فى مجالات مختلفة،المتعلقة بهذا المشروع والعمل لازالة اية معوقات امام تقدم العمل.
> وحول المزايا التى دقعت بمصر لاختيار روسيا كشريك استراتيجى لاقامة محطة الضبعة والمزايا المتوافرة فى التكنولوجيا الروسية فى الامان والسلامة لتوقيع تعاون مستقبلى لمدة تصل الى مابين 60 الى 100 عام قادمة.
>> اوضح الوكيل ان التعاون المصرى والروسى ممتد منذ عام 1958 مع بداية العمل لانشاء المفاعل للبحثى الاول الروسى فى انشاص والتعاون فى تنفيذ مشروع السد العالى ومحطة التوليد الملحقة به ليتم بعد ذلك التعاون بالاتفاقية الاستراتيجية بين البلدين لاقامة محطة الضبعة النووية وهذا التعاون كما يرى الجانب الروسى نفسه يفوق التعاون فى بناء محطة السد العالى خاصة وان محطة الضبعه احد اكبر المحطات النووية فى العالم وتضم اكثر المفاعلات تطورا وتقدما فى الامان النووى وهذا الجيل من المفاعلات المتطورة تم تجريبه بنجاح كبير فى روسيا وخارجها ويعمل بكفاءه عالية.
الأكثر أمانا فى العالم
ومحطة الضبعة تضم اكثر عوامل الامان المطبقه فى العالم بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبالاستفادة من كافة التجارب العالمية فى هذا المجال لتحقيق اقصى معدلات الامان كما تم الاستعانة بالتطبيقات التكنولوجية والمعلوماتية والرقمنة بما يدعم عوامل الامان والسلامة للحفاظ على البيئه وبما يؤكد ان محطة الضبعة تقام وفقا لاحدث التكنولوجيات وعوامل الامان والسلامه ويجعل منها احدى العلامات البارزه فى مستقبل التنميه فى المنطقة.
مشروع المحطة النووية فى الضبعة يوفر أكثر من 7.7 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى سنويا وهو ما يساهم فى استرجاع استثمارات المحطة خلال سنوات قليلة والعمل يسير وفقا للمخطط الزمنى المحدد له وأنه تم تجاوزه فى بعض النقاط نتيجة للمتابعه المستمرة من القيادة السياسية فى مصر وروسيا لهذا المشروع الكبير.
4 مواقع لمحطات نووية جديدة
> سألت رئيس الهيئة حول امكانية الاستفادة من المدارس النووية العالمية الاخرى وهل البرنامج النووى سيكون قاصراً على روسيا؟
>> التعاون النووى المصري- الروسى لا يعنى التخلى عن التكنولوجيات والمدارس العلمية العالمية فى المجال النووى وان الباب مفتوح لكافة التكنولوجيات العالمية لمشاركه مصر فى برنامجها النووى السلمى الذى يهدف لانشاء مجموعة من المحطات النووية لانتاج الكهرباء وتحلية المياه والاستخدامات السلمية الاخرى وهناك اربع مناطق اخرى تم تحديدها فى المنطقه الشرقيه لمصر لاقامة محطات نووية عليها والباب مفتوح امام دول العالم للمشاركه فى استكمال البرنامج النووى المصرى وفقا لاعتبارات يتم وضعها تركز على الامان والتكنولوجيا والسعر وغيرها من متطلبات بناء المشروعات النووية الاستراتيجيه المهمة والفرصة متاحه امام كل التكنولوجيات ودول العالم التى تمتلك هذه الخبرة للمشاركة فى هذا البرنامج الذى يهدف الى تعظيم الاستفادة من الاستخدامات السلميه للطاقة النووية لانتاج الكهرباء وتحلية المياه وتلبية متطلبات المواطن المصرى والحفاظ على البيئه وخفض انبعاثات الكربون.
> كيف يتم تأهيل الشركات المصرية للعمل فى اقامة المشروعات النووية المحلية والخارجية ورؤية الدولة لإيجاد شركات وطنية دولية ؟
>> ما تم فى شأن الوقود المطلوب لتشغيل المفاعل البحثى الثانى فى مصر من تعاون مع الجانب الروسى يؤكد الاستراتيجية المصرية لتوطين التكنولوجيا النووية محليا حيث تم بالتعاون مع روسيا تصنيع هذا الوقود الذى كان يتم استيراد من الخارج فى مصر ليصبح نموذجاً لتوطين التكنولوجيا النووية وتبادل المنفعة بين الجانبين وهذا انجاز ضخم وقيمة مضافة لسلاسل الامداد النووى ونموذج لتوطين التكنولوجيا فى المفاعل البحثى الثانى فى انشاص وان مصر لديها خطة كاملة لتوطين التكنولوجيا النووية لان محطة الضبعة ليست مشروعاً لانتاج الكهرباء لكن برنامج وطنى لتوطين هذه التكنولوجيا واكتساب المعرفة والخبرات لذلك تم مساندة الشركات المصرية بكل قوة للمشاركة فى هذا المشروع ويوجد اكثر من 250 شركة مصرية تعمل فى الضبعة بعد ان قدمت الدولة تيسيرات متعددة لها تتضمن اعفاء الشركات المصرية من الضرائب والرسوم بما يمكنها من المنافسة القوية مع الشركات الاجنبية وهذا يدل على الفهم العميق للدولة المصرية للتوطين التكنولوجي.
كما يوجد فى الهيئه موقع الكترونى لتسهيل مشاركه الشركات الراغبه فى العمل فى هذا المجال من خلال تسجيل بياناتها على هذا الموقع والتعرف على المناقصات التى يطرحها المقاول الروسى بما يساهم فى مشاركة أكبر عدد من الشركات الوطنية ويحقق التوطين التكنولوجى والمنافسة مفتوحه بين الشركات وان الهدف من هذه التيسيرات للشركات المصرية هى مساندتها وتقويتها بما يؤهلها للمشاركه فى تنفيذ محطة الضبعه والمشروعات المصرية المستقبلية والمساهمة فى كافة المناقصات النووية فى دول العالم خاصة وان شركات مصر تمتلك المقدره الفنية والمالية للفوز بأى مشروعات.
توطين التكنولوجيا النووية
> البرنامج المصرى لتوطين التكنولوجيا النووية ليس لاغراض الكهرباء فقط لكن له ابعاد اخرى فى مقدمتها امتلاك المعرفة والصناعة فما مساهمة الصناعة الوطنية فى محطة الضبعة ورؤيتكم لمستقبل ذلك؟
>> الخطوات التى تجرى لتوطين صناعة التكنولوجيا النووية فى مصر طبقا لخطة كاملة للتوطين ليس فى مجال الإنشاءات ومواد البناء فقط تمثل عملية الانشاءات البنائية من 30 إلى 35٪ بينما هناك أعمال التصميم والمسح الهندسى وبنفس النسبة لعملية توريد المواد الخام بينما تمثل نسبة تصنيع المعدات والآلات.حوالى 25٪ وهناك بعض الشركات المصرية ستشارك فى بناء الجزيرة النووية وهى خطوة تعبر عن ثقة الجانب الروسى فى الشركات المصرية انه سيتم زيادة نسبة المكون للمحلى فى تنفيذ المحطة النووية الاولى بالضبعة تدريجيا حيث ان نسبة المكون المحلى تبلغ ما بين 20 الى 25٪ للوحدة الاولى ترتفع الى 30 و 35٪ للوحدة الثانية وتتزايد فى الوحدات الثالثه والرابعة.
تأمين وقود الضبعة
والتخلص الآمن من المستنفد
> تأمين الوقود لتشغيل الضبعة والتخلص الآمن منه بعد استنفاده والحفاظ على البيئة قضايا مهمة كيف تعاملت معها مصر ممثلة فى الهيئة؟
>> هناك تعاقد واتفاق مع الجانب الروسى لتوفير متطلبات محطة الضبعة من الوقود النووى طوال فترات التشغيل ولا توجد عقبات أو مشاكل فى هذا المجال خاصة وان روسيا من كبرى دول العالم المنتجة للوقود النووى كما ان هناك اتفاق بشان التخلص الآمن من الوقود المستنفد وذلك من خلال طرق امان وسلامه شديدة الصرامه حيث يتم وضع هذا الوقود فى اوعية خرسانية وحديدية يصل عمر التخزين بها ما بين 60 إلى 80 عاماً والوقود عقب استنفاده من المحطة النووية يتم وضعه فى احواض مائية للتبريد لمده تتراوح ما بين ثلاث إلى ست سنوات لخفض درجات حرارته ثم يتم وضعه فى الاوعية الخرسانية الحديدية لمدة تصل إلى 80 عاماً وخلال هذه الفترة بالتأكيد ستصل التكنولوجيا العالمية الى تقدم كبير للتعامل مع هذا الامر خاصة وان هذا الوقود غنى جدا وثمين ويمكن الاستفادة منه واستخلاص ما تصل نسبته إلى 96٪ من قبل التخلص منه والنسبة المتبقية وهى 4٪ يتم دفنها فى اوعية واعماق كبيرة جدا مؤكدا ان الثراء الكبير فى قيمة الوقود المستنفدة يجعل العلماء لا يفكرون فى التخلص منه ودفنه مباشرة لكن هناك دراسات عميقة للاستفادة من الامكانات المتوفرة فى هذا الوقود ونحن ننتظر التكنولوجيا وما تقدمه لنا للتعامل معه والحلول فى هذا المجال لاعادة استخدام الوقود مرة اخري.
المفاعلات السريعة
> التكنولوجيا النووية تتطور والمفاعلات السريعة تنتشر فى العالم وهناك توقعات بوجود اقبال كبير قادم عليها فكيف تتعامل مصر مع ذلك؟
>> المفاعلات السريعة الصغيرة فى مراحلها المبكرة والاستفادة من الجيل الرابع وتكنولوجيا الجيل الرابع يمثل تقدماً تكنولوجياً كبيراً فى عوامل الامان والسلامة وهو ما تم تطبيقه فى مشروع الضبعة والهيئه تدرس وتتابع امكانيات المفاعلات الصغيرة السريعة للتأكد من الجدوى الاقتصادية والفنية والامان بها بما يمكن من الاستفادة منها فى المستقبل إلى جانب المحطات الكبرى خاصة وان البرنامج النووى المصرى منفتح على الاثنين وننتظر استقرار التكنولوجيا لاختيار الافضل والانسب لمصر منها.
التعاون مع الوكالة الدولية
وهنا لابد أن نتحدث عن التعاون المصرى مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية فهناك برنامج مخطط للتعاون المتكامل طبقا لدراسة الاحتياجات يتم عمل تحديث له سنويا للتعاون مع الوكالة باعتبار مصر أحد أقدم المؤسسين لها وهناك تعاون وثيق بين الجانبين حيث يتم تنظيم زيارات علمية وتدريبية، كما يتم إيفاد عدد من العاملين فى فعاليات مختلفة للتعاون فى مشروع إقامة محطة الضبعة كما أن هيئة الرقابة النووية لديها خطة تعاون شاملة مع الوكالة الدولية وهناك بعض الفعاليات تتم بمشاركة الهيئتين يتم تحديدها سنويا.