ضربة قوية جديدة تلقتها الجماعة الإرهابية في الأردن.. قرار حظر الجماعة أفسد مخططهم الملعون لنشر الفوضى وتصدير الثورة من جديد.
الضربة أربكت الجماعة وتنظيمها الدولى الذي يبدو أنه لم يستوعب الأمر حتى الآن.
قال خبراء فى ملف الإسلام السياسى وقيادات سابقة فى جماعة الإخوان إن حظر جماعة الإخوان فى الأردن خطوة قوية تسهم فى هز تنظيم الإخوان داخليا فى كثير من الدول وأيضا هز التنظيم الدولي.
أضافوا فى تصريحات لـ «الجمهورية الأسبوعي» أن هناك أسباباً كثيرة وراء كراهية الناس لجماعة الإخوان الارهابية ومن بينها التطرف والعنف والخيانة، وستار الدين الذى أتخذوه وسيلة لخدمة أجندتهم على حساب الدين والوطن بل والأرواح وأسباب أخرى قللت حضورهم فى المجتمعات العربية.
أجمعوا فى تحليلهم على أن الضربات القوية المتتالية للجماعة والتى استفادت من قوة التجربة المصرية فى إنهاء حضورهم ودورهم تعجل بنهاية دور الجماعة فى المنطقة العربية والتنظيم الدولى فى الخارج.. وهذه تفاصيل الآراء..
قال مختار نوح المحامى والعضو السابق فى جماعة الإخوان إن ما حدث فى الأردن من حظر جماعة الإخوان قرار جاء قبل الوقت الحرج.. فالدول العربية أخطأت بفتح الباب الدعائى للإخوان.
لكن الأردن انتبهت للحقيقة وحجم المؤامرات بعد أن رصدت أن المسألة أعمق من الأسلوب الدعائى الذى مهد لأسلوب البناء الاخوانى وبناء دولة التمكين أى أنهم سيحكمون كما ورد فى ميثاقهم وحركتهم وقسمهم التنظيم السرى والظاهر المعلن منه أن الحكم بالإسلام هو أقصى أمانيهم لكن الحقيقة أنهم لا يقبلون حكما إسلاميا وإنما المهم أن تحكم الجماعة حتى لو حكمت بغير الإسلام أو الشريعة الماسونية فهذا هو هدفهم ان يحكموا وليس شرطاً كيف يحكمون.
كما قال مرشدهم فى انجلترا فى اجتماع أنه لا مانع من اباحة الشذوذ بشرط أن يكون هو الذى يبيح وللاسف مازال البعض يصدق أن الاخوان وداعش أو النصرة أو طالبان وفتح الشام وتحرير العراق ودولة العراق والقاعدة كل هؤلاء لا يمتون للفكرة الإسلامية بصلة وإنما يمتطون الفكرة الإسلامية حتى يظهر حصانهم باللون الأبيض ليخدعوا الناس لكن لا علاقة لهم بالإسلام والمسألة سياسية بحتة.
قال مختار نوح إن التنظيم الدولى يتهاوى ورقة وراء الأخرى والاصل أن هناك انقساماً داخله وهو يعتمد على اللامركزية ولكن لها ما يسمى مراقب أو مفوض كما كان يعمل البعض تحت اسم نائب المرشد رغم أن المرشد ليس له نائب.. كانوا يقولون عن خيرت الشاطر نائب ثانى للمرشد بينما فى الحقيقة كان هو المرشد.. ولما كثر الانقسام داخل الجماعة أصبح خيرت الشاطر نائب المرشد المالى ومحمود عزت نائب المرشد التنظيمى فهم دائما على خلاف ست سنوات من عصر عمر التلمسانى وبعد اتحادة مع الوفد فى الانتخابات انقسم الاخوان على عمر التلمساني.. والمال والمصالح تكثر من الخلافات الداخلية.
أضاف أن العلماء دائما يخرجون وينفصلون عن الجماعة إما لاستخدام العقل أو المال وبالتالى ليس لديهم علماء فى كافة المجالات ففى القانون مثل كمال عبدالعزيز الذى تركهم لان أفكاره نضجت وادرك أنهم جماعة لا علاقة لها بالدين أو الوطن.
أشار نوح إلى التفرقة بين التنظيم فى أى دولة والفكرة فالتنظيم يوشك على التلاشى والمستفيدون منه يختفون لكن الفكرة لا يمكن أن تختفى إلا بطريقة واحدة فقط وهى ايجاد الفكرة الشعبية البديلة.. فمثلا عبدالناصر خلق فكرة القومية العربية والتى حولها الشعب بل الشعوب العربية والكفاية والعدل وكراهية الصهيونية من خلال كتاب «بروتوكولات حكماء صهيون».
قال نوح إن القضاء على الاخوان يحتاج فهماً مضاداً وخطة وتربية للشعوب مختلفة بجانب أن تترك للباحثين حرية رصد وتحليل الفكرة لإفادة الجيل الجديد والتركيز على أن العدو هو الصهيونى وافساح المجال للقوة الناعمة من ثقافة وسينما ومسرح لتبصير الشعوب بدور الاخوان فى علاقتهم بإسرائيل لانهم يحملون نفس الفكرة الماسونية الاممية التى لا تؤمن بوطن نفس الافكار مشتركة.
أضاف أن مستقبل جماعة الاخوان فى المجتمعات العربية مرهون بادراكنا لايجاد الحل لمواجهة الفكر فالمستقبل لاستنساخ جماعة الاخوان فى شكل الدعاة الجدد وبريطانيا لديها مصنع لذلك ومصدر كل استنساخ لجماعة الإخوان.
غسيل السمعة
قال طارق البشبيشى الباحث السياسى والقيادى الاخوانى السابق:
إن الدول تتأثر ببعضها وتنظيم جماعة الاخوان يتعامل كتلة واحدة دولية احد افرعه فى الأردن.
يستغل القضية الفلسطينية فى محاولة لغسيل سمعة الجماعة من ممارساتها الارهاب ونبذ الشعوب لها.. ويحاول تدوير نفسه مرة أخرى بعد ما حدث له فى مصر عام 2013.
أضاف أن الاردن دولة لها خصوصيتها وحساسيتها ووضع خاص بسبب تاريخه وقربه جغرافياً من إسرائيل والتركيبة الديموجرافية ولذلك لم يقبل أن تستخدم أراضيه لخدمة أغراض الجماعة وإعادة تدويرها مرة أخرى بسبب القضية الفلسطينية واتخذ إجراء حل الجماعة.
ما حدث فى الأردن صدمة نزلت كالمطرقة على رأس الجماعة والتنظيم الدولى للإخوان لأنها كانت تعيش كجماعة شبه قانونية وشرعية وفجأة انكشف أمرها مما أدى لاتخاذ الأمن الأردنى إجراءات ضدها بحظرها رغم اعتقادها بتشابكها مع القبائل والعشائر الاردنية.
وأضاف البشبيشى انه لا يجب أن نغفل التأثير السلبى لما قامت به الاردن ضد الجماعة على باقى الافرع التى مازالت موجودة فى المنطقة العربية وسقوط المبرر الكاذب بأن الجماعة لا تمثل خطراً على الدول والمثال انها متعايشة فى الاردن مع النظام ولا تمثل أى خطر عليه ويجب ان تحذو الدول العربية حذو المملكة الأردنية فى تعاملها مع جماعة الاخوان لافتاً إلى أن ادراك الامن الاردنى خطورة الإخوان وهدم آخر حجة أو ورقة يمكن ان يلعبوا بها فى المنطقة العربية لانهم غدروا بالدولة التى تعاملت معهم وطعنوها فى ظهرها وثبت انه لا أمان لهذه الجماعة وهنا تظهر العبرة بأن أى دولة تقوم باحتواء جماعة الاخوان وتدعى السيطرة على خطرهم واهمة ستعرض مستقبلها السياسى ووجودها للخطر.
أضاف البشبيشى ان جماعة الاخوان جماعة وظيفية معتمدة على مساندة القوى الاقليمية والدولية وخاصة بريطانيا وامريكا والتى لا تسمح بانهاء تنظيم جماعة الإخوان لاستخدامها حين الحاجة لتنفيذ أغراضهم ضد دول المنطقة.
قال انه يجب الا نبنى خططنا على انهاء الجماعة لان الجماعات التى سبقتها سواء الخوارج وغيرهم موجودون وتكونوا فى صدر الاسلام وما يهمنا شل فاعليتهم وقدرتهم على تجنيد الأنصار الجدد من أبناء الشعب لان الجماعة قائمة على فكرة متسترة بالدين والشعوب العربية بطبيعتها متعلقة بالدين.
اشار إلى أنه يجب ان نفرق بين وجودهم فى بعض الدول كجماعة أو ميلشيات مسلحة تابعة لدول اقليمية ودولية وهذه اشد خطورة لان الغرض هو تقسيم الدول الموجود بها هذه الميلشيات ولكن الاجراء الاردنى الأخير ضدهم احدث زلزالاً للتنظيم الدولى الذى يتلقى العديد من الضربات خلال السنوات الأخيرة ويجب ان تتواصل هذه الضربات.
قال البشبيشي: هنا لابد ان تلجأ الدول العربية إلى بيت الخبرة المصرية للتعامل مع ملف الاخوان لان التجربة المصرية عريقة فى تعاملها مع هذا الملف منذ نشأة الجماعة فى عشرينات القرن الماضى رغم قدرتهم على التلون والملاحظ ان دول الغرب بدأت تشعر بخطورة وجودهم مع تصاعد اليمن الاوروبى ففرنسا والدول الاسكندنافية والمانيا وامريكا بدأت فى تحجيمهم وهذا سيؤثر سلباً على الاسلام السياسى ولكن يجب ألا نراهن على هذا الوضع لان الراعى البريطانى الرسمى لهم لن يسمح بزوال هذا التيار بل سيعيد تدويره لخدمة اهدافه فى المنطقة والسيطرة على مستعمراته القديمة فى المنطقة والهند وشرق اسيا والشرق الاوسط وللسيطرة على الثروات واجهاض خطط التنمية وتحريض الشعوب على حكامها ونشر الشائعات فمعروف ان الجماعة الإرهابية سرطان المجتمعات والحليف للمشروع الصهيونى وطالما اسرائيل موجودة ستظل جماعة الاخوان فى المنطقة بمساندة غربية صهيونية.
أحداث غزة
وقال ماهر فرغلى الباحث فى الإسلام السياسي، إن ما حدث فى المملكة الأردنية الهاشمية من إجراءات بشأن جماعة الإخوان «فرع الأردن» يأتى فى سياق الخطة الممنهجة من قبل الجماعة باستغلال أحداث غزة وعملية طوفان الأقصى لإعادة نظام إقليمى داخل المنطقة وبعث ما يسمى بثورات الربيع العربى من جديد من خلال استراتيجية عمل تحالف ما بين الجماعة وشعوب المنطقة.. وإنشاء جماعات للقيام بخلخلة فى الوضع الإقليمى وإعادة ما يسمى بالحراك الثورى من خلال إقامة تنظيمات عسكرية إقليمية وتوحيد الخطاب الثورى وما يطلق عليه توحيد الساحات وهذا ما كانت تنادى به كتائب العراق وسوريا ولبنان.. وهنا تأتى جماعة الإخوان كلاعب رئيسى وتحاول استغلال الفرصة لما يحدث فى غزة وهنا تقوم بإعادة تشكيل والمشاركة بمجموعات مسلحة وأثمر هذا عن إنشاء ما يسمى بطلائع طوفان الأقصى فى لبنان.. حماس العراق.. والمجلس العسكرى المقاوم فى العراق أيضاً.. وأعادوا ما يسمى بقوات الفجر فى لبنان وهو الجناح العسكرى للجماعات العسكرية فى لبنان- الإخوان- وكتائب العز الإسلامية التى دربت إخوان الأردن.. وهنا تتوزع هذه الكيانات على الدول ففى مصر تيار التغيير- الكماليون- وتحدثوا فى الأيام الماضية عن امكانية عودتهم للعمل الثورى المسلح عن طريق الانتفاضة وانتهاز الفرصة الراهنة لتفكيك النظام الإقليمى الحالى عن طريق مجموعات مسلحة.
أضاف فرغلى ان الأمن الأردنى كان متابعاً لتحركاتهم ووصل إلى عدة مجموعات كل مجموعة مكونة من 16 فرداً وكان هدفها إطلاق الحراك الثورى وإعادة الزخم فى العالم العربى لربيع عربى جديد خاصة ان لديهم نموذجاً مسلحاً نجح وأصبح ملهماً للعديد من هذه المجموعات بجانب المساندة الدولية والإقليمية وقبلها السلاح.. ولذا كان هدف المجموعة التى حيدتها الأردن هو إحداث فوضى لخلخلة الأوضاع الداخلية ووقتها تأتى المساندة الإقليمية والغربية لإنجاح مخططهم والسيطرة على الشارع ومن ثم على الحكم وهو ما كان مستهدفاً للأردن كمرحلة أولي.
ويرى ماهر فرغلى ان ما قامت به قوات الأمن الأردنية سيؤثر على حركة جماعة الإخوان فى المحيط العربى لأن الضربة التى تلقتها الجماعة فى الأردن قوية خاصة ان فرع الأردن قوى ومؤثر لأنه أكبر فروع الإخوان فى العالم العربى بعد «فرع مصر».
يضيف فرغلى أنه فى مصر تم التعامل مع الجماعة وتحييدها والقضاء عليها وفى المغرب تم إقصاؤهم وفى تونس ثار الشعب ضدهم والأردن تم حظرهم ما يعنى أنه تم القضاء على اهم ثلاثة فروع فى المنطقة وهذا يؤثر على التنظيم الدولي.
مضيفاً أن ما أقدمت عليه الأردن فى نجاة الجماعة أثر سلبياً على التنظيم الدولى وكذلك على باقى فروع الجماعة فى الدول العربية وأضعفهم ولكن سيتم تعاملهم مع هذه الحالة تحت الضغط والمراقبة.
وأكد فرغلي، أن الخطورة فى الرءوس الموجودة خارج حدود الأقطار العربية لأن الجزء الكبير منهم طالب بالوقوف أيام قرار الأردن بقوة.
هنا يأتى دور الشعوب الواعية لصد ومواجهة خطورة تحركات الإخوان وكشفهم أمام الرأى العام واستلهام التجربة المصرية فى تعاملها مع جماعة الإخوان.
قراءة إقليمية
طارق أبوالسعد الباحث فى الإسلام السياسى يرى أن كشف الأردن للخلية المسلحة التابعة لجماعة الإخوان يأتى فى إطار القراءة الإقليمية ودور الإخوان فى اشعال الحرائق فى المنطقة لأن الصواريخ التى تم ضبطها قصيرة المدى لا تتجاوز 3 كيلو مما يعنى ان المقصود بها كان أهدافاً داخلية وليس أهداف خارجية كما يزعمون، ورصد نشاط هذه الخلية تم ابتداء من عام 2021 أى فى وقت كانت الأمور مستقرة أو تبدو على السطح مستقرة، ما يعنى أن التخطيط لاشعال المنطقة كانت تشارك فيه الإخوان بشكل كبير فهذه هى القراءة الإقليمية مع الاصرار بأن الإخوان كجماعة متواطئة مع إسرائيل والإدارة الأمريكية وكل من له يد فى اشعال المنطقة سواء فى الحروب الداخلية أو اشعال الداخل لأن جماعة الإخوان ليست جماعة وطنية ولا تعترف بالوطن وحق الشعوب ولكنها تعترف فقط بدورها الوظيفى وما تمليه عليها المخابرات البريطانية أمها الرؤم.
وتعليقاً على إدعاء التنظيم الدولى للإخوان أن هذه المجموعة مرتبطة بحماس قال أبوالسعد إنها محاولة لاثارة عواطف التابعين والقاء التهم على السلطات الأردنية، وكأنها تحارب الحمساويين الموجودين على أراضيها وهذا باطل، ومحاولات التشويه لاشعال الضفة الغربية على الحدود مع إسرائيل، فإذا كانت قاربت غزة على الانتهاء فلابد أن تكون هناك ساحة جديدة مثلما حدث فى لبنان وبقدوم نظام جديد فى سوريا لم تعد الجولان مهددة ولكن مرشحة لأن تكون ساحة حرب.. والحرب التى كان يتم الإعداد لها كان مقرراً لها الساحة المصرية من خلال شبه جزيرة سيناء ولكن موقف القيادة السياسية المصرية الحاسم والقصرى القوى أفشل هذا المخطط.. فانتقلوا إلى المخطط «باء» وهو تحويل الساحة الأردنية لساحة معركة بحيث لا تنتهى المعارك حول فلسطين إلا بتصفية القضية وانهائها.
ويرى طارق أبو السعد أن ما ستقوم به الأردن سوف يشجع بعض الدول الأخرى على اعادة النظر فى وجود الإخوان داخل أراضيها وتنظيماتها السرية وارتباطهم بالجهاد والأجهزة الإقليمية والدولية وهل مازالت لديهم القدرة على افشال الدولة الوطنية.
قال: علينا الاعتراف بأن جماعة الإخوان فى الأردن تمثل نقطة مهمة لأن مراقب الجماعة فى الأردن كان يتولى مهمة المراقب بالنيابة عن إخوان فلسطين، وكان هناك ما يعرف بتنظيم الشام الذى يضم سوريا والأردن وفلسطين ــ الضفة الغربية وقطاع غزة ــ وكان مراقب جماعة الإخوان فى الأردن هو من يقوم بهذا الدور فى هذه الدول.
ويرى أبو السعد أنه لابد أن ننظر إلى ما قامت به مصر من إجراءات شاملة وحاسمة لايقاف دائرة التواصل الإخوانية وعدم اكمال مخططهم ولابد من العمل بالتوازى بين المواجهة الأمنية والفكرية حتى نصنع الحاجز المانع لتقليل أفكارهم داخل المجتمع وحمايته منهم حتى لا يتم إعادة تدوير أفكارهم مع الأخذ فى الاعتبار أن جماعة الإخوان منذ نشأتها عام 1928 حتى الآن مرت بثلاث دورات حياة الأولى بعد أحداث عام 1948 والثانية فى الخمسينيات والثالثة فى الستينيات وبالتالى ليس غريباً أن تأتى دورة حياة جديدة ما لم يتم مواجهة الأفكار مع عدم التقليل من الجهود التى بذلت فى مواجهة جماعة الإخوان فى مصر وعلينا استكمال مهمة المواجهة الفكرية حتى لا تطرح الأرض الطيبة عناصر منتمية لهذه الجماعة مرة أخري.