أثبتت تطورات الأحداث بالمنطقة أن مصر دولة مبادئ وثوابت وسياسات واضحة ازاء كل القضايا العربية والإقليمية والدولية والدليل والنموذج موقفها من العدوان الصهيونى البربرى الهمجى على غزة.. اتخذت منذ اليوم الأول موقفاً ثابتاً لم يتحلحل تجاه وقف العدوان وإدخال المساعدات والإفراج عن الأسرى كمرحلة أولى تمهد لمفاوضات تؤدى إلى حوار وحل سلمى للقضية الفلسطينية يرتكز على حل الدولتين.
كانت كثير من الدول فى بداية العدوان الصهيونى تميل أو تؤيد العدوان وبعضها يكيل الاتهامات للمقاومة الفلسطينية ويصف ما قامت به يوم ٧ أكتوبر بالأعمال الإرهابية وتبنوا وجهة النظر الإسرائيلية ولكن كل هذا تغير بفضل نجاح الجهود الدبلوماسية المصرية على كافة المستويات وعلى كافة الساحات وشهدنا كثير من مواقف الدول تتبنى وجهة النظر المصرية وتطالب بما طالبت به مصر منذ اليوم الأول فى كل المؤتمرات أو فى اجتماعات الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن والمنظمات الإقليمية من ضرورة وقف العدوان وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة وإعادة الاعمار وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود ٤ يونيو 1967.
بطبيعة الحال فان تحقيق هذه التحولات والتغيرات فى المواقف لصالح القضية الفلسطينية تطلب من مصر جهوداً جباره بذلتها القيادة السياسية على مدار الساعة عبر الاتصالات والمشاورات والزيارات وحضور المؤتمرات وتقديم المبادرات والمواقف الواضحة التى تقوم على مبادئ إنسانية وثوابت سياسية والقوانين الدولية.
بالتأكيد هذه النجاحات التى حققتها مصر وأدت مؤخراً إلى اعتراف دول أوروبية بالدولة الفلسطينية ما كان لها ان تحدث لو لا اتخاذ مصر مواقف تتسم بالحكمة والمصداقية والعقلانية والواقعية.
تحالف الشر الغربى الاستعمارى تضيق الحلقات حوله وبدأ نفوذه يضيق بعد ان اقتنعت كثير من أعضائه بما طرحته مصر عن شرعية الحقوق التاريخية للشعب الفلسطينى وانه آن الآوان ان يحصل عليها بعد نحو ٧٦ عاماً من الظلم والغُبن والملاحقات والاعتقالات والترحيل وانكار الحقوق وقضم الأراضى والاستيطان.
بالطبع مواقف مصر ودورها المؤثر فى الأحداث وتحقيق نتائج إيجابية لصالح الشعب الفلسطينى لا يعجب تحالف الشر الذى يضم أمريكا وإسرائيل وذيولهما لا يتوقفون عن ترويج الأكاذيب والمعلومات المغلوطة والشائعات عن مصر وقبولها اقتراحات ومبادرات آخرها مشاركة مصر فى قوة عربية تابعة الأمم المتحدة للسيطرة على المعابر وهو ما نفته مصر لأن موقفها من معبر رفح معلن ومنذ اليوم الأول حاولت إسرائيل وأمريكا تغيير أو تليين الموقف المصرى القائم على ثوابت ومبادئ إلا أنهما فشلا وموقف مصر يحترم الاتفاقيات التى تعطى الجانب الفلسطينى الحق فى السيطرة على بوابات المعبر بالقطاع وهو ما حاولت إسرائيل على مدى ٧ شهور حلحلة الموقف المصرى إلا أنها قامت مؤخراً باختراق كل الاتفاقيات ودمرت المعبر من الجانب الفلسطينى بل واشعلت النيران لاحراق ما تبقى منه لمنع دخول أى مساعدات إغاثية وإنسانية لغزة باعتباره المعبر الأهم الذى يدخل منه الجزء الأكبر من المساعدات فى ظل عدوانها لإبادة الشعب الفلسطينى بالنار والقتل والتجويع والتهجير.
ستظل مصر تحمل على اكتافها القضية الفلسطينية حتى يحصل الشعب الفلسطينى على حقه فى دولته المستقلة مهما كانت الظروف والتحديات التى تواجهها فقد تحملت المسئولية التاريخية منذ ٧٦ عاماً ولم تتنصل أو تتراجعاً وتتوقف.
مصر دولة عريقة وشعب عظيم وقيادة سياسية تاريخية تدرك معنى حرية الإنسان وحصوله على حقوقه باعتبارها أول دولة فى التاريخ صنعت مجد الإنسانية وما زالت بفضل ما تملكه من ثراء إنسانى وفوائض تاريخ ومؤسسات وطنية فى مقدمتها جيشنا العظيم حماة الوطن وحدوده ومقدراته والحافظون لأمنه واستقراره.