فى ظل ظرف إقليمى بالغ التعقيد، لا تزال مصر تثبت قيادة وشعباً أنها صمام الأمان للأمة العربية، وركيزة رئيسية فى صون استقرارها، عبر مواقف صلبة ومبادرات مسئولة تنبع من إيمان راسخ بوحدة المصير، وبأن الأمن القومى العربى كل لا يتجزأ.
لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى بالرئيس اللبنانى العماد جوزاف عون، الذى جرى فى قصر الاتحادية، لم يكن لقاءً بروتوكولياً اعتيادياً، بل كان تتويجاً لمسار طويل من التلاحم والتكافل العربي، ورسالة واضحة بأن مصر لاتزال على عهدها: حاملة لهم أشقائها، ناصرة لقضاياهم، ورافضة لكل أشكال العدوان والغطرسة.
لقد جاءت كلمات الرئيس صريحة، حاسمة، ومباشرة: لا تنازل عن سيادة لبنان، ولا صمت عن الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة على أرضه. ومثلما كانت مصر فى الطليعة، تدعو وتضغط لوقف العدوان على غزة، وتؤكد رفضها الكامل لمحاولات التهجير أو تصفية القضية الفلسطينية، ها هى اليوم تؤكد مجدداً دعمها الكامل لسيادة لبنان وسوريا، وتطالب بانسحاب فورى وغير مشروط لإسرائيل من الأراضى العربية المحتلة.
هذا الموقف ليس جديداً، بل هو امتداد لسياسات ثابتة منذ عقود، كرست فيها مصر موقعها كقائد عربى فاعل، يؤمن بأن أمن بيروت من أمن القاهرة، وأن فلسطين ستظل قضية العرب المركزية.. إن الوقوف ضد الاحتلال والانتهاكات المتكررة لا ينفصل عن دعم عملية سياسية شاملة فى سوريا تحفظ وحدتها وتكفل عودة الاستقرار لها، وتعيد لها سيادتها الكاملة.
لكن الموقف المصرى لا يقتصر على التصريحات، بل يمتد إلى الأفعال، من دعم جهود إعادة الإعمار، إلى تقديم الخبرات المصرية فى مجالات الطاقة والبنية التحتية، ومن إرسال قوافل الإغاثة إلى غزة، إلى الدفع نحو حلول سياسية تحفظ حقوق الشعوب، كل ذلك يؤكد أن مصر لا تساوم على مبادئها ولا تنسحب من دورها القومي، مهما كانت التحديات.
الرسالة الأهم التى حملها اللقاء، أن مصر لا تدعم فقط من منطلق عروبة أو واجب، بل من رؤية استراتيجية ترى فى استقرار الاقليم شرطاً ضرورياً لتحقيق السلام والتنمية للجميع، وتحذر من خطورة استمرار السياسات العدوانية التى تمارسها إسرائيل بحق الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين، دون أى رادع دولى حاسم.
يمكن القول إن القاهرة لم تكن يوماً بعيدة عن قلب المشرق العربي، وهى اليوم فى عهد الرئيس السيسى تكرس دورها كقوة عربية عقلانية ومسئولة، تعرف متى تصمت لتمنح فرصة للحلول، ومتى تتحدث فتسمع كلمتها على امتداد العواصم الاقليمية والدولية فهنيئاً للبنان وفلسطين وسوريا بهذا الحليف الصادق، وهنيئاً بمصر، التى وأن أنهكتها التحديات، مازالت واقفة، حاملة لواء القومية والكرامة.