قال العالم المصرى د. محمد سعد رئيس مركز تشكيل المعادن بالمملكة المتحدة إن مصر تمتلك مقومات قوية تجعلها مؤهلة للدخول بقوة فى سوق صناعة السيارات، والجامعات المصرية تتميز بوجود شباب مخترعين موهوبين، يمتلكون أفكارًا إبداعية وقدرة على الابتكار فى مجال صناعة السيارات، وعلماء من مصر انتشروا فى العالم، وأبدعوا فى هذه الصناعة.
أضاف فى حواره لـ «الجمهورية الأسبوعي» أن خطة توطين صناعة السيارات تساهم فى تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمى لصناعة السيارات، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتحقيق التنمية المستدامة، إضافة إلى أنها تخلق المزيد من فرص العمل، وتعزز مكانة مصر فى الصناعات الكبيرة.. وهذا نص ما دار معه من حوار:
علماؤنا «مهرة» .. وشباب المخترعين «موهوبون»
ربط الأبحاث العلمية بالصناعة .. أساس التنمية
بلدنا ستصبح «مركزاً إقليمياً» لصناعة السيارات
التعاون مع القطاع الخاص .. يحقق الاكتفاء الذاتى
> فى البداية هل يمكن أن تنجح مصر فى توطين صناعة السيارات؟
>> مصر تمتلك مقومات قوية تجعلها مؤهلة للدخول بقوة فى سوق صناعة السيارات العالمية، وتتمثل هذه المقومات فى خبرات أبنائها من العلماء حيث يتواجد علماء مصريون مهرة فى جميع أنحاء العالم، يمتلكون خبرات واسعة فى مختلف مجالات صناعة السيارات، بدءًا من التصميم والهندسة وصولا إلى الإنتاج والتسويق، إلى جانب ان الجامعات المصرية تتميز بوجود شباب مخترعين موهوبين، يمتلكون أفكارًا إبداعية وقدرة على الابتكار فى مجال صناعة السيارات، لكن يجب ان يتحقق ذلك من خلال خطة مرحلية.
> وكيف يمكن تنفيذ ونجاح خطة التوطين؟
>> تبدأ بتجميع السيارات المستوردة ثم تصنيع مكوناتها محليًا بشكل تدريجي، بتجميع 90٪ من مكونات السيارات فى المرحلة الأولي، ثم خفض هذه النسبة إلى 80٪ فى المرحلة الثانية، 60٪ فى المرحلة الثالثة، وهكذا حتى الوصول إلى تصنيع جميع مكونات السيارة محليًا.
> وما أهمية توطين صناعة السيارات فى مصر خاصة فى هذا التوقيت؟
>> تساهم فى خلق فرص عمل هائلة، وتعزيز الاعتماد على الذات، وتحقيق الاكتفاء الذاتى من احتياجات السوق المحلية، مما يعنى توفير العملة الصعبة وتحفيز النمو الاقتصادي، بل وفتح آفاق التصدير إلى الدول العربية والأفريقية، مما يفتح آفاقًا واسعة لتصدير السيارات المصرية وتُشجع على تطوير التكنولوجيا المحلية فى مجال صناعة السيارات الكهربائية، بالإضافة إلى انها تُساهم فى تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمى لصناعة السيارات، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتحقيق التنمية المستدامة.
> لكن هل هناك تحديات عديدة تواجه توطين صناعة السيارات؟
>> هناك تحديات بالفعل وقد تواجه مصر نقصًا فى الخبرات المتخصصة فى مجال تصنيع السيارات وارتفاع تكلفة الإنتاج، وقد تكون تكلفة تصنيع السيارات محليًا مرتفعة فى البداية، وقد تحتاج مصر إلى تطوير بنيتها التحتية لدعم صناعة السيارات، هذا ما تقوم عليه الحكومة الآن وتُجرى دراسات لتطوير البنية التحتية اللازمة لدعم صناعة السيارات، وأرى ان مصر تسعى إلى التعاون مع الشركات العالمية الرائدة فى مجال تصنيع السيارات النقل التكنولوجيا والمعرفة، وتُنفذ مصر أيضا برامج لتدريب الكوادر الوطنية على مهارات تصنيع السيارات.
> تحدثتم عن ضرورة إنشاء مركز قومى لبحوث المعادن فى مصر.. كيف ترى أهمية هذا التحرك؟
>> حتى تبدأ مصر فى مجال تصنيع السيارات، فلابد أن تمتلك مركزًا قوميا لبحوث تشكيل المعادن، حيث سيضم المركز مختبرات أبحاث متطورة لاختبار المواد واختبارات المحاكاة، ويُقدم برامج تدريبية متخصصة للمهندسين والفنيين فى مجال تشكيل المعادن، ويُشجع على التعاون بين الجامعات ومراكز البحوث والشركات لتعزيز الابتكار، ومصانع متخصصة بتشكيل المعادن تُصنّع هذه المصانع مكونات معدنية عالية الجودة تلبى احتياجات مختلف الصناعات، وتُطبّق أحدث التقنيات فى التصنيع لتقليل التكاليف وتحسين الجودة تُساهم فى توطين صناعة تشكيل المعادن فى مصر، وشركات تصميم بكل الأبحاث الحديثة فى مجال تشكيل المعادن.
والمركز فى منتهى الأهمية لمصر لأنه سيساعد على وجود باحثين مميزين فى مجال تشكيل المعادن وهذا سيصب بدوره فى خدمة الصناعات المعدنية وبالأخص صناعة السيارات فى مصر، وأيضا لا بد من توافر التكنولوجيا الحديثة وماكينات التصنيع والاختبارات الميكانيكية للمواد ستساهم بشكل كبير فى تعزيز قدرات مصر فى مجال تشكيل المعادن وتحقيق الاكتفاء الذاتى التكنولوجي.
> وكيف يتم جذب الاستثمارات فى قطاع تشكيل المعادن خاصة صناعة السيارات؟
>> من خلال تقديم حوافز للمستثمرين، وتعزيز التعليم والتدريب، ويجب على المؤسسات التعليمية توفير برامج تعليمية وتدريبية متخصصة فى مجال تشكيل المعادن، ودعم البحث والتطوير حيث يجب على الحكومة المصرية دعم مراكز البحوث لتطوير تقنيات جديدة فى مجال تشكيل المعادن، وهناك احصائيات تشير إلى أنه خلال 10 سنوات سيكون الطلب على شراء السيارات من مصر بالملايين، ولدينا القدرة على عمل هذا وليس هذا فقط نحن نستطيع السيطرة على السوق الإفريقى كمورد إستراتيجي.
> وماذا عن اسهاماتك وتعاونك مع الحكومة والجهات المعنية فى مصر؟
>> بالتأكيد هناك تعاون مستمر، فقد عقدنا مؤخرًا اجتماعًا مثمرًا مع وزير التعليم العالي، بحضور السفير المصرى والملحق الثقافى فى لندن مع العلماء المصريين، بالمكتب الثقافى فى لندن وخلال الاجتماع، عرضنا خطة لربط الصناعة مع البحث العلمى مع الحكومة، لأن هذه المحاور هى أساس التنمية، وحاليا الحكومة المصرية تبذل جهدا كبيرا لتربط هذه المحاور ببعض وقد تم عرض كافة المقترحات المتعلقة بالتعاون، وكان هناك رغبة شديدة فى تنفيذ المقترحات المقدمة بشكل سريع وفعال.
ولاحظت مدى اهتمام وزير التعليم العالى بتعزيز التعاون فى مجال البحث العلمي، وأكد التزامه بالتواصل معنا بشكل مستمر لمتابعة الخطوات التنفيذية، أؤكد استعدادى التام للتواجد فى مصر للمشاركة فى أى اجتماعات أو فعاليات تتعلق بهذا التعاون، فأنا أدرك تمامًا أهمية هذا التعاون وأثره الإيجابى على مستقبل مصر.
مستقبل الصناعة
> ماذا عن مستقبل صناعة السيارات الكهربائية فى مصر؟
>> تُقدم السيارات الكهربائية بديلاً جيدا لمستقبل النقل، وفى ظلّ التحديات البيئية المتزايدة، تُمثّل هذه السيارات حلا يحد من الانبعاثات الضارة الناجمة عن السيارات التقليدية التى تعمل بالبنزين، وتتميّز السيارات الكهربائية بكفاءة استثنائية تصل إلى 75٪ فى تحويل الطاقة الكهربائية إلى طاقة حركية تحرك عجلاتها، بينما تقتصر كفاءة المركبات التى تعمل بمحركات الاحتراق الداخلى على 25٪ فقط، ممّا يُضاعف استهلاكها للطاقة ويُثقل كاهل البيئة بانبعاثات إضافية.
فى مصر عندما تقرر صناعة سيارة كهربائية هناك شركات كبيره تسابقت فى هذا، مثل شركة النصر للسيارات واتفقوا مع شركة صينية لشراء تصميم للسيارة ويتم استيراد جميع أجزاء السيارة من الخارج ويقومون بعملية التجميع فى مصر، لكن فى رأيى ان هذا لا يسمى توطيناً لأن من لم يمتلك التصميم لا يملك التغيير، وقد تواصلت معى شركة النصر لأتنقل لهم بعض الخبرات التى امتلكها واقترحت عليهم ان يتم بالتوازى مع عملية التجميع الذى ستتم عمل بنية تحتية أولا والبدء فى التدرج فى التنفيذ بدلاً من السعى لتوطين 100٪ من التكنولوجيا دفعة واحدة، ومن الأفضل البدء بنسبة أصغر «مثل 20٪» والتدرج فى زيادة النسبة مع اكتساب الخبرة، وبعد هذا سنكون قادرين على إنتاج سيارة خاصة بنا مثلما فعلت ماليزيا والمغرب.
القطاع الخاص
> وكيف ترى دور القطاع الخاص فى تصنيع سيارات مصرية؟
>> القطاع الخاص دوره سيقتصر على تجميع السيارة فقط، ولن يتجرأ على خوض غمار التصنيع الكامل، ولكن الحكومة هى من تستطيع البدأ فى توطين صناعة السيارات، لكن هذا التوطين لا يمكن تحقيقه إلا بمشاركة حقيقية من القطاع الخاص، باعتباره شريكًا أساسيًا فى هذا المشروع، فالتعاون بين القطاعين العام والخاص هو السبيل لتحقيق الاكتفاء الذاتى المنشود فى مجال صناعة السيارات، ولذلك اقترح تشكيل لجنة متخصصة لدراسة وتحديد الإمكانيات المتاحة والاحتياجات المطلوبة لتنفيذ خطة تصنيع السيارة المصرية، وهناك بالفعل خطوات كثيرة تمت للبدأ فى هذا المشروع الضخم.
> هذا يجعلنا نتساءل عن تفاصيل إنجازك العلمى والصناعى بخفض وزن هيكل السيارة بنسبة 30٪؟
>> أدركت الحكومة البريطانية منذ عقود خطورة التلوث الناجم عن انبعاثات العوادم، خاصةً على صحة الجهاز التنفسي، وارتفعت معدلات الوفيات بسبب أمراض الصدر بشكل مقلق، وكنت أحد أعضاء الفريق الذى شارك فى تطوير تقنية جديدة للحد من انبعاثات العوادم فى السيارات، وركزت هذه التقنية على تقليل وزن السيارة، مما ساهم فى خفض استهلاك الوقود وانبعاثات الكربون، وأدت هذه الجهود إلى تحسن ملحوظ فى جودة الهواء فى المملكة المتحدة، وانخفاض معدلات الوفيات بسبب أمراض الصدر، وتدور الفكرة حول سيارات أخف وزناً وأسرع أداءً وأكثر كفاءة فى استهلاك الوقود.
> وما السر فى اختيار خام «الالمونيوم» دون غيره من المعادن فى هياكل السيارات؟
>> لأنه معدن خفيف الوزن ومُرن، يُتيح الألمنيوم تصميم سيارات بِأشكال مُبتكرة وأكثر ديناميكية ولن يقتصر استخدام الألمنيوم على صناعة السيارات فقط، بل شمل أيضًا صناعة الطائرات، ونتعاون مع شركات الطائرات، ونُجرى الأبحاث لتطوير طائرات أخف وزناً وأكثر كفاءة فى استهلاك الوقود، بالإضافة انه على مدار عامين فى اسكتلندا تم الاستفادة من خبراتى فى تطوير مركز لتشكيل المعادن ،كما شاركت فى العديد من المشاريع الضخمة، كان من أبرزها مشروع عمليّة تشكيل مع شركة رولز رويس، والذى واجهت فيه بعض التحديات كونى مسئولاً عن التدريب فى شركة إمبريان كوليج.
> وما هى مقترحاتك لتوطين صناعة السيارات بشكل حقيقى فى مصر؟
>> يجب الاستفادة من خبرات العلماء المصريين حيث تمتلك مصر كفاءات علمية عالية فى مختلف المجالات، ويمكن الاستفادة من خبراتهم فى تطوير تقنيات تشكيل المعادن، وتوطين التكنولوجيا بدلاً من الاعتماد الكلى على الاستيراد، ويمكن تركيز الجهود على توطين تقنيات تشكيل المعادن محليًا، وإنشاء بنية تحتية مناسبة، مثل مراكز أبحاث متطورة وورش عمل مجهزة، ويجب توفير برامج تدريبية مكثفة للعاملين فى مجال تشكيل المعادن لضمان مواكبتهم لأحدث التقنيات، ومن المهم التعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث والشركات لضمان مشاركة جميع أصحاب المصلحة فى المبادرة، أيضا من المهم تحديد المجالات ذات الأولوية التى تتماشى مع احتياجات الصناعة المصرية وتركيز الجهود البحثية عليها، وربط البحث العلمى بالتطبيق العملى لضمان تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع.
> ما هى الأنشطة التى قمت بها خلال تواجدك فى الفترة الأخيرة فى مصر؟
>> شاركت فى المؤتمر الدولى العلمى للكلية الفنية العسكرية، وقمت بإلقاء محاضرات فى جامعات فى مصر منها الجامعة البريطانية، بهدف مشاركة خبراتى ومعرفتى مع الطلاب والباحثين المصريين، كما شاركت فى مؤتمر جامعة الجلالة حول توطين صناعة السيارات فى مصر. . وقدت تجربتى كرئيس البحوث والتطوير بشركة Impression Technologies Ltd التابعة للكلية الملكية بلندن، ورئيس المشاريع الكبرى بها مثالاً ملهماً للباحثين والمخترعين المصريين، وما قدمته من من خلال أبحاث فى مجال تشكيل المعادن، فى تحقيق إنجاز هائل بتقليل وزن هيكل السيارة.
د.سعد
حصل د. محمد سعد على شهادة الدكتوراه من الكلية الملكية فى لندن عن بحثه المبتكر فى مجال تشكيل المعادن، والذى نتج عنه براءة اختراع، وتمثّل إنجازه فى تطوير تقنية جديدة لتصنيع مكونات هيكل السيارة من الألومنيوم، ما أدى إلى تخفيف وزنها بشكل كبير، وواصل مسيرته الإبداعية بالتعاون مع نخبة من الباحثين لإحداث ثورة حقيقية فى صناعة السيارات، حيث لفتت إمكانياته المميزة انتباه الحكومة البريطانية، فاستعانت به وبفريقه البحثى فى مشروع ضخم لتخفيف وزن السيارات، بالتعاون مع كلية Imperial College، وأثمرت جهوده وفريقه عن تأسيس شركة Impression Technologies لصناعة السيارات، والتى تدرج بها حتى وصل إلى منصب رئيس البحوث والتطوير، وتُعدّ هذه الشركة نموذجًا رائدًا فى مجال تصنيع السيارات خفيفة الوزن، وتُساهم بشكل كبير فى دفع عجلة التقدم فى هذا القطاع الحيوي، وحاليا يعمل على تطوير أجزاء المعقدة فى الطائرات، ومؤخرا تم اختياره ليكون رئيسا لمركز تشكيل المعادن بالمملكة المتحدة.
إسهامات د.سعد:
خفض
وزن السيارات
تقليل
استهلاك الوقود
تحسين
جودة الهواء
خفض
إصابات
أمراض الصدر
يعمل حالياً على إنتاج طائرات «أقل وزناً».. وأكثر كفاءة
لماذا تصنيع السيارات محلياً؟
جذب استثمارات
توفير
فرص عمل
فتح
آفاق التصدير
خفض الاستيراد