تحركت صباح أحد أيام الأسبوع الماضى من مدينة نصر إلى السويس لزيارة بعض المواقع العلمية والصناعية بمدينة السويس التى تمتلك قدرات صناعية وتكنولوجية عالمية ومتنوعة.. ثم توجهنا إلى شركة النصر للبترول عملاقة صناعات تكرير البترول المصرية وإنتاج المنتجات البترولية المتعددة واستقبلنا المهندس محمد عبدالله رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب ذلك الرجل الوطنى والمخلص وهذا تلمسه من أول مقابلة له وعند مصافحة أياديه ذات الصفات البيضاء على كل العاملين بالشركة.. نرى فى المهندس محمد عبدالله رجلاً مصرياً وطنياً مخلصاً لوطنه من خلال إخلاصه للشركة التى يقودها وكل العاملين.. يلاحظ كل السوايسة التغيرات والتطويرات التى حدثت فى الشركة بشرياً وإنشائياً وإنتاجياً ومعمارياً وزيادة حب وانتماء كل العاملين للشركة وإخلاصهم المتفانى لكى تستمر الشركة فى ريادتها لمصانع تكرير البترول ومشتقاته داخل مصر.. تنبهر عندما تلاحظ مبانى ووحدات الإنتاج بالمصنع الآن ومنذ خمس سنوات لقد تحولت الشركة إلى شركة عالمية بمعنى الكلمة واستطاعت تصدير منتجات بترولية سنوية فى حدود واحد مليار دولار وتلبية نسبة عالية من السوق المحلى من مشتقات البترول المتعددة وبالتالى تقليل الاستيراد وتوفير لا يقل عن (2) مليار دولار سنوياً.. تأسست الشركة عام 1911 تحت اسم «المعمل» والذى مازال يتردد حتى الآن بين السوايسة الشجعان الأبطال الذين واجهوا العدو الإسرائيلى يوم 24 أكتوبر 1973 ومنع القوات الإسرائيلية من اقتحام السويس وإخلائها وتدمير عشرات الدبابات فى السويس عامة وفى ميدان الأربعين خاصة وانسحابهم من مدينة السويس، وبدأ الإنتاج بالشركة عام 1913 بطاقة 100 ألف طن سنوياً وكانت أول شركة تعمل فى مجال التكرير فى مصر وتم تأميمها عام 1964 تحت اسم شركة «النصر للبترول» ووصلت طاقتها الإنتاجية إلى 4.7 مليون طن سنوياً واستمراراً لاهتمام الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بالصناعة تم التخطيط لإقامة مشروعات جديدة بالشركة عام 1966 وتم شراء المعدات وبدأت العمل فى التطوير ولكنه توقف بسبب عدوان 1967 واستمرار القوات الإسرائيلية بتنفيذ حرب والقصف المدفعى والطيران اليومى لمصانع البترول والأسمدة بالسويس كوسيلة للتأثير السلبى على مطالب القوات المسلحة المصرية والشعب المصرى من المنتجات البترولية ومشتقاته وبالتالى تم تفكيك وحدات المصنع ونقلها إلى الإسكندرية وتشغيلها بواسطة رجال البترول الأبطال الذين لا يقل دورهم فى حماية الوطن المصرى الغالى فى ذلك الوقت وما يزالون من الناحية الاقتصادية عن دور أبطال القوات المسلحة والسهر ليلاً ونهاراً لفك وحدات الإنتاج ونقلها إلى الإسكندرية تحت القصف المدفعى الإسرائيلى اليومى وتركيبها بالإسكندرية وتشغيلها وتحقيق مطالب القوات المسلحة المصرية والشعب المصرى من مشتقات البترول ثم إعادة تركيب وحدات جديدة بالمصنع منذ عام 1974وتشغيلها وتطويرها باستمرار حتى الوصول للتطوير الأخير الذى تم خلال السنوات الخمس الماضية بمجهودات المهندس محمد عبدالله الذى يحبه ويعشقه أهالى السويس «وأنا أيضاً».. حيث استطاع بإشراف مباشر من المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية وتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى المستمرة للاهتمام بالصناعة المصرية وبمعاونة كل العاملين بالشركة إلى إحداث تطوير ملحوظ فى كل شيء داخل الشركة.. حيث تم تطوير عدد (٤) وحدات تقطير جوى بطاقة كلية 6.5 مليون طن سنوياً وإنشاء وحدات استرجاع الغازات لإنتاج البوتاجاز بطاقة 90 ألف طن سنوياً كوسيلة لتحقيق أهداف تخفيض كميات البوتاجاز المستوردة وتطوير ثلاث وحدات تقطير تفريغى لإنتاج الأسفلت بطاقة إنتاجية 300 ألف طن سنوياً وعدة وحدات لمعالجة البوتاجاز ووحدات معالجة النافثا بطاقة واحد مليون طن سنوياً ووحدة إنتاج النفاثات وعامة تنتج الشركة جزءاً كبيراً من مطالب السوق المحلى من البوتاجاز والنافثا والبنزين 92 ووقود النفاثات والسولار والمازوت والأسفلت والرائع والمبهر تصنيع معظم وحدات التقطير وأبراجها داخل مصر وبمجهودات مصرية وإمكانيات إنتاجية مصرية حيث تم لأول مرة تصميم وتصنيع مكونات أبراج التقطير العملاقة داخل شركات بتروجت وإنبى وشركات محلية أخري.. بصراحة لا يمكن أن نصدق أن هذه المكونات تم تصنيعها داخل مصر نظراً لضخامتها وروعتها التصميمية والهندسية.. إن هذا المثال التصنيعى يجعلنا نؤكد أن «مصر تستطيع بالصناعة» فعلاً.
وتوجت الزيارة بمقابلة اللواء أ.ح عبدالمجيد صقر محافظ السويس واندهشت وانبهرت عند وصولى مبنى المحافظة الجديد بالنسبة للمستوى المعمارى والإنشائى الرائع والجميل والذى يعتبر واجهة مضيئة لشعب السويس كله وزاد انبهارى عندما عرفت أنه تم إعادة تصميم المبنى وإنشاؤه بنفس القيمة المالية التى كانت مخصصة لإنشاء مركز تكنولوجى حديث للمحافظة.. وانتهز الفرصة لتقديم الشكر إلى الله سبحانه وتعالى لنجاح العملية الجراحية التى تمت لأخى وحبيبى اللواء أ.ح عبدالمجيد صقر محافظ السويس وشفائه وعودته للعمل بروح الشباب.. لقد تحولت مدينة السويس إلى مدينة مصرية وعالمية مثالية خلال السنوات الخمس الماضية.