منذ اندلاع العدوان الإسرائيلى على غزة، يتزايد الضغط الدولى والإقليمى لإيجاد حلول للأزمة الإنسانية التى يعانيها الفلسطينيون. ومن بين الطروحات التى تروج لها بعض الجهات، يأتى مقترح تهجير الفلسطينيين من أراضيهم إلى مصر والأردن، وهو ما قوبل برفض قاطع من القيادة المصرية، وكذلك من مختلف القوى السياسية والشعبية فى البلاد.
أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أكثر من مناسبة أن مصر لن تكون طرفًا فى أى مخطط يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير أهلها من أراضيهم. فقد شدد على أن مصر لن تشارك فى ظلم الفلسطينيين، بل ستظل داعمًا أساسيًا لحقوقهم المشروعة. هذا الموقف لم يكن مفاجئًا، بل هو امتداد لسياسة مصرية ثابتة تقوم على دعم حل الدولتين باعتباره الطريق الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم فى المنطقة.
هذا الرفض الرسمى لم يأتِ بمعزل عن الشارع المصرى، فقد أجمعت الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والكتاب والمثقفون وكافة الأطياف السياسية فى مصر على رفض أى سيناريو يهدف إلى إفراغ فلسطين من أهلها. فالشعب المصرى يدرك تمامًا خطورة مثل هذه المخططات التى تهدد الأمن القومى المصرى بقدر ما تهدد الحقوق التاريخية للفلسطينيين.
يرى المراقبون أن مقترح التهجير لا يعدو كونه محاولة إسرائيلية للتهرب من استحقاقات الحل السياسى، إذ تسعى تل أبيب إلى فرض وقائع جديدة على الأرض من خلال تفريغ غزة من سكانها بدلاً من الالتزام بحل عادل يضمن حقوق الفلسطينيين. إن تهجير الفلسطينيين لن يؤدى إلى تحقيق الأمن والاستقرار، بل سيخلق أزمات إقليمية متفاقمة ويضع المنطقة بأسرها على صفيح ساخن.
كما أن التهجير القسرى يشكل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية وحقوق الإنسان، وهو ما تدركه مصر جيدًا، ولذلك ترفض الانخراط فى أى مخطط يهدف إلى شرعنة الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية.
فى ظل التطورات المتسارعة، تسعى مصر إلى لعب دور دبلوماسى فاعل بالتعاون مع الإدارة الأمريكية للوصول إلى حل يضمن وقف العدوان على غزة ويفتح الباب أمام مفاوضات جادة تفضى إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة. وقد أكد الرئيس السيسى أن لا سلام فى المنطقة دون حل الدولتين، وهو موقف يحظى بدعم دولى متزايد. . سوف تظل مصر دائما على عهدها فى دعم القضية الفلسطينية، رافضة أى محاولة لطمس الهوية الفلسطينية أو فرض حلول غير عادلة. فمصر تدرك أن أمنها القومى مرتبط بشكل وثيق بالقضية الفلسطينية، وأن أى تسوية لا تستند إلى العدالة لن تحقق سلامًا مستدامًا.