أكد السفير أسامة عبدالخالق مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، أن مصر من أوائل الدول التى سعت لإنقاذ الشعب الفلسطينى ووقف العدوان عليه منذ السابع من أكتوبر 2023، وشرعت مع قطر والولايات المتحدة للوساطة بهدف إنهاء الحرب والحصار على قطاع غزة، كما عملت على تقديم المساعدة والدعم الإنسانى واستقبال الحالات الحرجة من خلال معبر رفح البري، وسعت الى إيجاد حل يهدف لوقف إطلاق النار .
وشدد السفير أسامة عبدالخالق فى حوار خاص لـ»الجمهورية الأسبوعي» على ان مصر تتبنى موقفا ثابتا منذ بداية الأزمة الفلسطينية فى القرن الماضي، وهى أن للفلسطينيين حقوقا ثابتة غير قابلة للتصرف، ومن ضمنها العيش بحرية وكرامة واستقلال على دولتهم المستقلة على خطوط الرابع من يونيو وعاصمتها القدس الشرقية، وبالتالى ففكرة التهجير غير مقبول مناقشتها بالأساس، كما أن القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى يحظران بشكل قاطع التهجير القسري.
قال مندوب مصر بالأمم المتحدة إن المؤتمر الدولى رفيع المستوى بشأن حل الدولتين الذى تستضيفه الأمم المتحدة بنيويورك الشهر المقبل يعد أحد مسارات دعم حل الدولتين والحل السلمى فى منطقة الشرق الأوسط وتدشين الدولة الفلسطينية المستقلة.
> كيف ترى الجهود المصرية لوقف إطلاق النار فى غزة؟
>> مصر من أوائل الدول التى سعت لإنقاذ الشعب الفلسطينى ووقف العدوان عليه منذ السابع من أكتوبر 2023، فمصر شرعت مع قطر والولايات المتحدة الأمريكية للوساطة بهدف إنهاء الحرب والحصار على قطاع غزة، كما عملت على تقديم المساعدة والدعم الإنسانى وكسر الحصار واستقبال الحالات الحرجة من خلال معبر رفح البري، فمن المعروف أن الغالبية العظمى من المساعدات قدمت ودخلت من خلال مصر، التى عملت أيضا على إيجاد حل يهدف لوقف إطلاق النار والحرب وإنقاذ المدنيين وتبادل الأسرى والرهائن، كما أنها عملت فى إطار المجموعات الإقليمية سواء جامعة الدول العربية أو منظمة التعاون الإسلامى أو اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية غير العادية بشأن التطورات فى غزة لحشد الدعم للقضية الفلسطينية، وأيضا فى مسار مجلس الأمن والجمعية العامة لإستصدار قرارات ملزمة لإيقاف هذا العدوان، ومازلنا نحاول بكافة السبل وعلى أى مسار متاح لإنقاذ الأشقاء الفلسطينيين.
> مصر ترفض تماما مقترحات تهجير الفلسطينيين من أرضهم.. كيف يتعامل العالم الأن مع هذا الموقف؟
>> مصر تتبنى موقفا ثابتا منذ بداية الأزمة الفلسطينية فى القرن الماضي، وهى أن للفلسطينيين حقوقا ثابتة غير قابلة للتصرف، ومن ضمنها العيش بحرية وكرامة واستقلال على دولتهم المستقلة على خطوط الرابع من يونيو وعاصمتها القدس الشرقية، وبالتالى ففكرة التهجير غير مقبول مناقشتها بالأساس، كما أن القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى يحظران بشكل قاطع التهجير القسري. إضافة لما سبق فقد سعت مصر للإعداد لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار وذلك من خلال ما طرحته مع دولة فلسطين والأمم المتحدة والبنك الدولى من خطة للتعافى المبكر وإعادة الإعمار اعتمدتها كل من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامى وبالتالى باتت خطة عربية إسلامية تهدف لإعادة السلطة الفلسطينية لقطاع غزة، وتعمير القطاع وتثبيت الشعب الفلسطينى على أرضه، وتدشين مرحلة جديدة نحو إطلاق الدولة الفلسطينية المستقلة بعيدا عن دعاوى التهجير غير المقبولة ليس فقط لمصر وإنما دوليا أيضا.
> هل ترى أن توسيع الاعتراف بالدولة الفلسطينية فى إطار تنفيذ حل الدولتين أصبح أمرا ملحا فى ذلك التوقيت؟ وكيف ترى المواقف المختلفة من الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟
>> بالتأكيد هو ضرورة ملحة وهو قبل أى شيء آخر حق للشعب الفلسطينى كغيره من شعوب العالم إذا كنا نؤمن فعلا بالمساواة فى الحقوق بين الشعوب وحقوق الإنسان الدولية، ونحن الأن نعمل على ذلك من خلال المشاركة بفعالية فى المؤتمر الدولى رفيع المستوى للتسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين المقرر عقده فى يونيو المقبل، حيث نهدف لتوسيع دائرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية الموجودة بالفعل ولكنها تحت الاحتلال، لترسيخ وجودها بالمجتمع الدولى والمنظمات الدولية وذلك لحمايتها من المخططات الإسرائيلية الرامية للقضاء عليها، فالإعتراف بالدولة الفلسطينية سيكون أيضا بمثابة التزام على الدول التى اعترفت بحماية تلك الدولة والدفاع عن حقوقها.
أما بالنسبة للمواقف من الإعتراف فهى مشجعة للغاية فهناك دول اعترفت بالفعل بفلسطين مثل أسبانيا والنرويج وسلوفينيا وأيرلندا، وهناك دول أخرى أعلنت فى تصريحات رسمية عن مواقف متقدمة من الإعتراف بالدولة الفلسطينية خاصة فرنسا، ونكرر أن هذا الإعتراف ليس منحة من أحد ولكنه حق للشعب الفلسطينى ومسئولية لإنهاء الاحتلال.
> مصر تؤكد دائما على ضرورة الوقف الفورى للعدوان الاسرائيلى على قطاع غزة ولبنان وسوريا وتنفيذ القرارات الأممية الخاصة بوقف إطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية.. كيف ترى ذلك؟
>> هذا موقف ثابت لمصر وكما أوضحت سابقا مسارات الدعم التى نعمل وفقها بالنسبة لفلسطين، وأيضا بالنسبة لسوريا ولبنان فإننا نطالب فى كافة المسارات بالأمم المتحدة سواء فى مجلس الأمن أو الجمعية العامة بوقف العدوان على كافة الأراضى العربية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، فمصر دائما تنادى بإنهاء الاحتلال الإسرائيلى للجنوب اللبنانى والانسحاب منه والتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 1701، وأيضا فى الجولان السورى نطالب أيضا بإنهاء الاحتلال للجولان السورى المحتل والأراضى الأخرى التى احتلتها إسرائيل مؤخرا وتنفيذ قرارات مجلس الأمن بشأن الجولان السوري، وأيضا قرار الجولان السورى بالجمعية العامة الذى تقدمه مصر فى إطار دفاعها عن الحقوق العربية.
> هل دور الأمم المتحدة تأثر بأزمة غزة؟
>> الإجابة هنا ستنقسم لشقين، الأول متعلق بالأمم المتحدة كمنظمة، وهنا نرى جهودا إيجابية منها، فتصريحات السكرتير العام كانت واضحة من ضرورة وقف إطلاق النار، ونفاذ المساعدات دون قيود، وتنفيذ حل الدولتين، كما بذلت الكثير من المنظمات الأممية العديد من الجهود لمساعدة القطاع خاصة وكالة الأونروا التى تعرضت لاستهداف مباشر أدى لتدمير الكثير من منشآتها ومقتل أكثر من 300 موظف بها، بالإضافة إلى ما تواجهه من قيود بسبب القوانين الإسرائيلية التى تهدف لعرقلة عملها فى الأراضى الفلسطينية. وفى الشق القانونى فقد أصدرت محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة تدابير مؤقتة تهدف لحماية المدنيين فى غزة، وبالتالى فمن دواعى الإنصاف الإشارة إلى ما قامت به المنظمة الدولية من جهود. أما الشق الثانى فهو متعلق بدور الدول الأعضاء فى تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ومساعدة المنظمة وحمايتها، وهو أمر لم يتحقق بعد فهناك أربعة قرارات صادرة من مجلس الأمن لم تنفذ حتى الأن، كما أن موظفى الأونروا بل وكافة موظفى الأمم المتحدة يتعرضون للاعتداء تلو الأخر، ومازال القطاع تحت الحصار، بسبب عدم إنفاذ القانون الدولى وقرارات الأمم المتحدة.
> لكن هناك قرارات وأحكام دولية صدرت بحق اسرائيل وقياداتها دون تنفيذ..فأين الخلل؟
>> الخلل واضح ويكمن فى غياب الإرادة الدولية فى تنفيذ القرارات وإلزام إسرائيل على الامتثال بها، فهذا ما ينقصنا لإنهاء الحرب.
> وهل يمكن أن ننتظر موقفا أو اجراء أكثر حسما من مجلس الأمن؟
>> نتمنى ذلك، وهناك محاولات ما زالت جارية فى إطار مجلس الأمن دون الخوض فى تفاصيلها، ولكن الأهم هو تنفيذ القرارات السابقة وأية قرارات لاحقة يتم إصدارها من المجلس وألا تظل حبرا على ورق.
> كيف تقيم الموقف الأوروبي؟
>> تحسن كثيرا، فالأغلبية الكاسحة من الدول الأوروبية تدعم القضية الفلسطينية وتنادى بوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب غير القانونية، والكثير منها إما اعترف بفلسطين أو يبحث هذا الأمر، وبعضها بالفعل فرض عقوبات على المستوطنين وأعلن عن مراجعة بعض جوانب العلاقة مع إسرائيل، ونأمل فى أن يكون هناك موقف أوروبى موحدا من الاعتراف بفلسطين ووقف التعامل مع المستوطنات، وفى الأمم المتحدة باتت الكثير منها داعمة لمشروعات القرارات المقدمة بشأن فلسطين
> وهل الموقف العربى الموحد له تأثير على الموقف الدولى؟
>> بالطبع، والمجموعة العربية فى الأمم المتحدة من أنشط المجموعات السياسية التى تعمل على دعم الحقوق الفلسطينية والعربية، وتدفع دائما للحفاظ على الحراك والزخم المطلوبين لدعم الحق الفلسطيني، فالتنسيق العربى مستمر ونشط للحفاظ على المصالح العربية وفى مقدمتها قضية فلسطين والموقف العربى له تأثير كبير.
> مصر أعلنت عن استضافتها بالتعاون مع الأمم المتحدة والبنك الدولى والشركاء لمؤتمر التعافى المبكر وإعادة إعمار غزة فور وقف إطلاق النار فى غزة.. فماذا عن ذلك؟
>> أعدت مصر خطة التعافى المبكر وإعادة الإعمار بالتعاون مع دولة فلسطين والأمم المتحدة والبنك الدولى بشكل احترافى نال إشادة من غالبية أعضاء المجتمع الدولي، كما اعتمدت جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامى تلك الخطة، ونحن الأن بصدد الترتيب للمؤتمر الذى سيهدف لجملة أمور من ضمنها توفير الدعم المالى للخطة وبحث سبل التنسيق والتنفيذ بشأنها، والتعرف على ما يمكن للمجتمع الدولى أن يقدمه فى هذا السياق، وسنعمل على تحديد التاريخ الأمثل لعقد هذا المؤتمر فى القريب العاجل.
> ماذا عن التحضيرات الخاصة بعقد المؤتمر الدولى رفيع المستوى بشأن حل الدولتين الذى تستضيفه الأمم المتحدة بنيويورك الشهر المقبل؟
>> هذا المؤتمر أحد مسارات دعم حل الدولتين والحل السلمى فى منطقة الشرق الأوسط وتدشين الدولة الفلسطينية المستقلة، وذلك تنفيذا لقرارى الجمعية العامة 24-10 وأيضا 81-79، والمؤتمر يعمل من خلال ثمانى مجموعات عمل معنية بعدة أهداف سياسية واقتصادية وأمنية وإنسانية وقانونية وفكرية لدعم حل الدولتين وتحقيق السلام فى الشرق الأوسط، ومصر تترأس مع المملكة المتحدة المجموعة الخامسة المعنية بالعمل الإنسانى والإعمار. أما بالنسبة للمستجدات فقد عقد المؤتمر أولى اجتماعاته التحضيرية على مستوى كبار المسئولين فى 23 مايو الجاري، ومن المنتظر عقد جلسات المؤتمر فى الفترة من 17-20 يونيو المقبل، ونحن الأن فى مرحلة تلقى المساهمات من الدول بشأن كيفية دعمها لحل الدولتين، حتى تستطيع رئاسات مجموعات العمل صياغة تلك الاسهامات بشكل نهائى ورفعها لرئاسة المؤتمر.
> القضايا العربية توليها مصر أهمية كبيرة.. فماذا عن دور الأمم المتحدة للعمل على حلها كفلسطين وليبيا ولبنان وسوريا والسودان واليمن؟
>> تحدثنا مسبقا عن فلسطين وسوريا ولبنان، أما فى السودان فمصر تسعى بالتعاون مع الأمم المتحدة إلى تحقيق وقف لإطلاق النار، ووقف التدفق غير المشروع للسلاح فى السودان، والحد من التدخلات الخارجية فى الأزمة وزيادة نفاذ المساعدات الانسانية وبما يهدف إلى سرعة إنهاء الصراع وحقن الدماء والحد من موجات النزوح واللجوء، كما يعمل المبعوث الخاص للسكرتير العام «رمطان لعمامرة» على بذل الجهد اللازم فى التنسيق بين المبادرات المختلفة فى سبيل إحلال السلام فى السودان.
وبالنسبة لليمن، تقوم الأمم المتحدة- من خلال المبعوث الخاص للسكرتير العام للأمم المتحدة إلى اليمن- بمساع حميدة لخفض التصعيد، وتحقيق الوساطة، وضمان التسوية السياسية للأزمة اليمنية بما ينهى المعاناة التى يمر بها الشعب اليمنى الشقيق منذ سنوات، ويفضى إلى عملية سياسية شاملة يقودها اليمنيون. وتظل مصر ملتزمة بدعم المساعى الأممية لتسوية الأزمة وفق مرجعيات الحل الرئيسية ومن بينها قرار مجلس الأمن 2216.
أما فى الشأن الليبي، فتتبنى مصر موقفاً ثابتاً فى دعم حلول ليبية خالصة وتستند للمرجعيات الوطنية المتفق عليها لتجاوز الأزمة السياسية الممتدة التى تشهدها هذه الدولة الجارة الشقيقة بدعم من الأمم المتحدة وبالتنسيق مع الاتحاد الأفريقى وجامعة الدول العربية ووصولاً لعقد انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة طال انتظارها. ولن نكف عن المطالبة بوقف التدخلات الخارجية فى الشأن الليبى وبالانسحاب الكامل والفورى لكافة القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة
> بصراحة.. هل نحن أمام عجز دولى فى مواجهة إجرام اسرائيل؟
>> الإجابة هى لا، فالمجتمع الدولى يمتلك الأدوات السياسية سواء من خلال مجلس الأمن والجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان، أو القانونية من خلال محكمة العدل الدولية التى تنظر بالفعل عددا من القضايا وأصدرت أوامر مؤقتة وآراء استشارية، وأيضا المحكمة الجنائية الدولية، ولكن ما يمكن وصفه بدقة هو غياب الإرادة الدولية الموحدة لإنفاذ القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى وقرارات الأمم المتحدة، وهو بالطبع أمر خطير سيشكل سابقة فى باقى النزاعات الأخرى فى المستقبل، وهو ما نحذر منه فى كافة الاجتماعات، وهنا أشدد على خطورة الوقوف ساكنين أمام ما يتعرض له الشعب الفلسطينى الأعزل وإزاء الجرائم المرتكبة بحقه وبحق الأمم المتحدة والعاملين فى المجال الإنساني، فهذا الشلل الدولى سيضر بمصداقية المنظومة الدولية ككل وسيشجع على تكرار تلك الجرائم فى نزاعات أخري.
> كيف ترى دور مجلس الأمن وهل ستظل الدول الدائمة العضوية المتحكمة فى مصير كافة القضايا من خلال «الفيتو»؟
>> لم يعد مجلس الأمن فى صيغته الحالية يعكس الواقع الدولى المعاصر، حيث أن النظام الدولى الذى تأسس فى أعقاب الحرب العالمية الثانية فى أربعينيات القرن الماضى بات يواجه تحديًا حقيقيًا فى الحفاظ على مصداقيته وفعاليته، خصوصًا فى ظل الاستخدام المتكرر وغير المتوازن لحق النقض (الفيتو) من قبل الدول دائمة العضوية، والتى تنظر إلى الفيتو كحق أصيل لها بوصفها الدول المهيمنة على القرار الدولي، كما أن تباين التوجهات والأولويات بين هذه الدول نتج عنه مجلس يعانى من الشلل وعدم القدرة على اتخاذ القرارات التى أُسس من أجلها. من هنا، فإن إصلاح المجلس بات ضرورة ملحّة، ليس فقط لتوسيع عضويته بما يعكس التوازن الجغرافى والتمثيل العادل، بل أيضًا لضمان أن يكون أكثر خضوعًا للمساءلة وأكثر قدرة على التصرف الجماعى فى مواجهة الأزمات. وقد كانت مصر فى طليعة الدول التى نادت منذ وقت مبكر بضرورة التنبه لهذا الخلل البنيوى وأهمية إصلاحه، وتقوم فى الوقت الراهن بالمشاركة بفاعلية فى هذا الجهد لضمات حصول القارة الأفريقية على مقعدين دائمين بحق الفيتو وهو الحد الأدنى الذى اتفقت عليه الدول الأفريقية، وهو الأمر الذى أصبحت الكثير من الدول مقتنعة به، ولكن لاتزال الإرادة السياسية من الدول دائمة العضوية غائبة.
> مكافحة الإرهاب دائما توليها مصر أهمية كبيرة وتطرح هذه القضية فى كافة المحافل، فما هو دور الأمم المتحدة والتعاون بين الجانبين فى هذا الأمر؟
>> تتعاون مصر مع جميع الأجهزة الأممية المعنية بمكافحة الإرهاب، بما فى ذلك مكتب مكافحة الإرهاب ولجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن ومكتبها التنفيذي، بالإضافة إلى مجموعة العمل المعنية ببلورة اتفاقية دولية شاملة لمكافحة الإرهاب.
وتولى مصر ملف الإرهاب أهمية خاصة فى علاقتها مع الأمم المتحدة انطلاقا من ادراكها للخطر المستمر الذى تمثله الجماعات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة فى المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية لمصر، وأهمها الشرق الأوسط وكذلك فى مناطق مختلفة من القارة الإفريقية لعل أهمها منطقة الساحل الأفريقى والقرن الافريقى التى شهدت انتشارا ملحوظا ونموا مقلقا لنفوذ الجماعات المنتمية لتنظيم داعش او المنضوية تحت رايته، حيث تضطلع مصر بدور المهم فى التعاون مع أجهزة الأمم المتحدة لرصد ومتابعة نشاط هذه الجماعات الإرهابية وبلورة الاستراتيجيات لمجابهتها.
ولعل أحد أهم أوجه التعاون بين مصر والأمم المتحدة فى هذا المجال يتمثل فيه أنشطة بناء القدرات والتدريب وتبادل الخبرات فى مجالات تنفيذ القانون وتبادل المعلومات والبيانات ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، حيث نظمت مصر واستضافت عددا كبيرا من الدورات التدريبية الإقليمية بالتعاون مع مكتب مكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة، كما تعمل وزارة الخارجية من خلال بعثتها فى نيويورك على نقل الدروس المستفادة للدول الأخرى وكذلك للمنظومة الأممية فى مجال مكافحة الإرهاب، بما فى ذلك أحدث التطورات التكنولوجية التى تساعد جهات إنفاذ القانون على القيام بمهامها على هذا الصعيد.
> ماذا عن الجهود المصرية للعمل على إصلاح نظام الأمم المتحدة.. وهل اصبحنا فى احتياج حقيقى لذلك؟
>> مصر كانت من أوائل الدول التى نادت بإصلاح شامل لمنظومة الأمم المتحدة، ليس فقط على مستوى مجلس الأمن، ولكن أيضًا على مستوى أجهزة التنمية، وتمويل المنظمة، ومراجعة أساليب العمل. الإصلاح لم يعد خيارًا بل أصبح ضرورة حتمية لضمان بقاء المنظمة ذات صلة وفعالية فى مواجهة التحديات. ولعل مبادرة السكرتير العام الأخيرة للإصلاح الإدارى وخفض النفقات للمنظمة تعد خطوة هامة على هذا الصعيد، وهى المبادرة التى تدعمها مصر وتعمل بالتنسيق مع كافة الدول على ضمان خروجها بنتائج حقيقية تساهم فى تعزيز دور المنظمة ليس فقط هنا فى نيويورك ولكن فى كافة أماكن تواجدها على مستوى العالم.
> ماذا عن تنمية أفريقيا والتنسيق الفعال لجهود المساعدات الإنسانية؟
>> تنمية أفريقيا تحتل أولوية قصوى فى السياسة الخارجية المصرية، وتعمل مصر على الدفع بقوة نحو تنفيذ أجندة الاتحاد الأفريقى 2063، وتعزيز الشراكات الدولية مع القارة. كما تدعو مصر إلى تنسيق أكثر فاعلية بين الجهات المانحة والمنظمات الإنسانية لضمان وصول المساعدات لمستحقيها، وبناء قدرات الدول الأفريقية على مواجهة الأزمات، بما فى ذلك التغيرات المناخية، والأوبئة، والنزاعات المسلحة. مصر تؤمن بأن التنمية هى خط الدفاع الأول ضد عدم الاستقرار، كما تدعم مصر بقوة جهود بناء السلام فى القارة، ربما ليس أدل على ذلك من تولى السيد رئيس الجمهورية مسئولية ريادة جهود إعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات فى إطار الاتحاد الأفريقي.
أما فيما يتعلق بإتاحة المساعدات الإنسانية، تلعب مصر دوراً محورياً فى دفع الأنشطة الإنسانية للأمم المتحدة وضمان أن يتم إتاحتها بصورة حيادية وغير مسيسة وأن تتم وفق مبادئ العمل الإنسانى وهي: الإنسانية، والحياد، والاستقلال، وكذلك موافقة الدولة المعنية على تلقيها على المساعدات الإنسانية مسبقاً. وتواصل مصر الدفع بأهمية تعظيم إسهامات الجهات الدولية المانحة لتعزيز المساعدات الإنسانية فى حالات الطوارئ والأزمات الإنسانية على أن يتم ذلك بصورة تقوم بتلبية احتياجات المتضررين من الأزمات الإنسانية بالتوازى مع الاستثمار فى مؤسسات الدولة الوطنية بما يضمن استدامة الجهود، وبناء الصمود المؤسسي، وتيسير عملية تحول الدولة المعنية من مرحلة الإغاثة إلى مرحلة التنمية. كما تتعاون مصر مع هيئات ومكاتب الأمم المتحدة فى هذا السياق، خاصة من خلال استضافتها المكتب الإقليمى لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى القاهرة.