تكشفت أكذوبة المجتمع الدولى وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، وكل هذه المهاترات غير الطبيعية التى يحاول أن يشيعها بين الدول فيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على غزة من أجل تصفية القضية الفلسطينية. وعندما قلت إن المجتمع الدولى يعانى من «شيزوفرينيا» كنت أعنى التعبير تماماً، فهذا المجتمع الذى اتخذ مساندة الإرهاب طريقاً له لا يمكن أن يحقق شيئاً على الإطلاق أمام صلابة ووحدة وقوة الفلسيطينيين ودور مصر الفاعل فى وقف الحرب الإسرائيلية.
وستظل إسرائيل تمارس جرائمها القذرة، طالما أن الغرب وأمريكا سيظلان يعملان لصالحها.
ومن هنا جاء التربص بمصر، وبالتالى لا يمكن تجاهل مكر هؤلاء الذين لا يعرفون سوى طريق الإرهاب والقتل وخلافه. فلا يمكن أبداً أن ينخدع المصريون فى مكر هؤلاء، فهم – الغرب وأمريكا لا يزالون جميعاً يتجرعون صدمة ثورة المصريين فى 30 يونيه التى وجهت لطمة كبرى لهم، وهم ما بين الحين والآخر يتربصون بالبلاد، خاصة أن حلم النيل من مصر وتمزيقها لم يضع أو يزل حتى الآن. تقسيم ليبيا أو تفتيت سوريا أو تجزئة اليمن والعراق أو الفوضى فى السودان لا يرضى المخطط الغربى الأمريكي، فكل هذه الدول لا تشفى غليل هؤلاء الأوباش، بل إن الهدف الرئيسى هو مصر التى تستعصى عليهم.. الهدف الأسمى هو سقوط مصر، ورغم أن هذه الدول العربية التى سقطت فى مستنقع التمزيق والنعرات الطائفية، إلا أن ذلك لا يرضى أصحاب المخططات الإجرامية، العين مفتوحة على مصر وهى المراد الرئيسي، وجماعة الإخوان ومن على شاكلتها بدورهم أداة ستظل بين الحين والآخر تمارس نشر الأكاذيب فى محاولات مستميتة من أجل نشر الفوضى والاضطراب باعتبار أن ذلك هو المفتاح لسقوط مصر.
التربص قائم والخطر مستمر والأعداء يتحينون الفرصة فى الخارج والداخل، فلابد من تفويت الفرصة على كل هؤلاء المتربصين الذين لا هم لهم سوى إسقاط الدولة أو على الأقل إهدار تماسكها وقوتها فى هذه المهاترات ومنع عودتها قوية متينة.. وهذا يقتضى من الجميع أن يفيق ويتخلى عن أى فرقة أو أى فرصة لأى متربص يساعد فى تحقيق هدف الغرب وأمريكا وأدواته من الإخوان الإرهابية. على الجميع أن يتخلى عن أى شيء يبث الخلاف بين الأمة المصرية وعلى النخبة بالبلاد أن تنتبه لهذه الكارثة قبل فوات الأوان.
احذروا المتربصين بمصر قبل الوقوع فى مستنقع الفوضى والتشرذم.
لا تركنوا إلى الشائعات، ولا تستأنسوا آراء المغرضين الذين يتعمدون إصابة الناس باليأس والإحباط، هناك محترفون لديهم القدرة على بث الشائعات بين الناس التى تعد أفتك الأسلحة والتى يطلق عليها حروب الجيل الرابع، ولأن هناك متربصين بالدولة الجديدة، نجدهم يتفننون فى بث ونشر الأكاذيب سواء مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة، وسرعان ما تنتشر الشائعة بسرعة البرق، وتتناولها الميديا على الفور، ونجد بعدها حالة تذمر ويأس وإحباط، بهدف تضليل الناس وإحداث نوع من العداء للمشروع الوطنى الجديد للبلاد.
قيام المغرضين بإطلاق السراح للشائعات، على شاكلة (ولا تقربوا الصلاة) وتعمدوا إخفاء (وأنتم سكاري)، مما يجعل الحكومة تعيش فى حالة يرثى لها، فى حين أن إعمال العقل فى هذا الأمر يؤكد أن مروجى الشائعات يهدفون إلى إرباك الدولة لأن الشائعة تسرى كالهشيم فى النار، وتصيب الناس باليأس والإحباط ويتملكهم الخوف الشديد! نشر الشائعات سلاح فتاك أقل ضررا لها هو التعطيل، فلماذا نستجيب لها ونعمل لها حساباً؟!.. المفروض على هذا الشعب العظيم صاحب الوعى السياسى الناضج أن يدرك أن هذه حرب شعواء، ويجب عليه التصدى لها، بدلاً من الاستجابة لأى شائعة، ولقد مرّ زمن عدم المصارحة إلى غير رجعة، ولا يمكن بعد ثورة 30 يونيه أن يُقدم أى مسئول على تطبيق سياسة خداع الناس والمفروض أن يحذر الجميع من العواقب الوخيمة التى تنتج عن الشائعات.
والحقيقة أن مصر فى حالة حرب حقيقية، ولكنها حرب ليست كالحروب المعتادة أمام عدو ظاهر وواضح، إنما العدو هو سياسات لدول لا تريد خيرا للبلاد، وهى أخطر التنظيمات الموجودة على الساحة العالمية.. ولها طبيعة خاصة فى الحرب.. العدو المستتر المتخفى بين أهالينا وأحبائنا يعد فى حد ذاته كارثة، والتعامل مع هذا العدو يحتاج إلى تكتيك خاص. خاصة أنها عصابات تصر على التخريب وتدمير الاقتصاد الوطني.
من حق مصر أن تتخذ من الإجراءات ما يكفل لها القضاء على هذه العصابات السرية التى تحارب الدولة بكل ما أوتيت ومدعومة من دول كبرى بالخارج بهدف إحباط مصر ومنع وتعطيل خطواتها نحو بناء الدولة الحديثة وعودة الريادة لها عربيًا وإقليميًا ودوليًا.
وأوضح ألا نعير اهتمامًا أبدًا لمن يتشدقون بحقوق الإنسان سواء فى الداخل أو الخارج. هم عملاء فى الأصل للمخططات التى تهدف فى الأساس إلى تنفيذ جرائمها ضد الأمة العربية خاصة فى مصر.. وتعول على تدمير المصريين ليسهل تدمير الأمة العربية جمعاء، فلم يكفها ما فعلته فى دول مجاورة. لكن عيونهم ما زالت مفتوحة على مصر، لأن سقوطها هو السقوط الذريع للأمة العربية جمعاء!
أليس ما يفعله المجتمع الدولى وأمريكا يحتاج إلى أن تكون الأمة العربية على قلب رجل واحد وتستخدم ما تملكه من أسلحة لوقف وتعطيل المصالح الأمريكية رداً على كل مواقفها المخزية فى ظل ما يحدث للشعب الفلسطينى الأعزل الذى يواجه الأمرين حالياً.
الحقيقة أن مصر تكاد تكون هى الدولة الوحيدة التى تحمل على كاهلها عبء القضية الفلسطينية، ليس الآن فقط ولكن منذ تشكيل العصابات الصهيونية التى كانت تحارب مع بريطانيا، وعينها على فلسطين، ومروراً بوعد بلفور الذى مكّن الصهاينة من فلسطين، وحتى إقامة الدولة العبرية عام 1948. فالدور المصرى لم ينته أو يضعف تجاه الأشقاء العرب جميعاً وعلى رأسهم الفلسطينيون، فمصر لديها إصرار شديد على إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تفعيلاً لحل الدولتين وتنفيذاً للشرعية والمواثيق الدولية، وهذا الموقف المصرى لم ولن يتغير أبداً، فهذه عقيدة مصر، ولا يمكن أبداً أن تتخلى عن القضية الفلسطينية كما يشيع أهل الشر وعلى رأسهم الاحتلال الصهيونى الذى ينسج الشائعات والأكاذيب فيما يتعلق بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. والمعروف أن أكثر من ثمانين فى المائة من المساعدات الإنسانية مصدرها مصر، والباقى من كل دول العالم، وبالتالى تكون مصر عند موقفها الداعم لفلسطين وليس كما يروج أهل الشر والاحتلال الصهيوني.
وكل التصريحات الصادرة عن الرئيس عبدالفتاح السيسى والحكومة المصرية منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية وحتى الآن تؤكد على حتمية وقف إطلاق النار فى غزة وإنهاء إسرائيل لأعمالها العدائية، وضرورة إدخال المساعدات الإنسانية، وضمان عدم تعرض الاحتلال الصهيونى لها أو استخدامها فى ارتكاب مجازر ضد الجوعي. وما زالت مصر تحذر شديد التحذير من شن عملية عسكرية برية فى رفح الفلسطينية، لأن هذا يشعل المنطقة ويؤثر تأثيراً سلبياً ليس فقط على دول المنطقة وإنما على الإقليم بأسره ودول العالم أجمع. ولذلك فإن الموقف المصرى ثابت ولا يمكن أن يتغير، وهو ما أعلنته أمس مصر وإسبانيا بالتحذير من أى عمليات عسكرية فى رفح ورفض كل إجراءات تصفية القضية الفلسطينية خارج أرضهم.