متغيرات كثيرة جرت فى مياه النهر السياسى العربى فى الفترة الأخيرة، عقب خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسى فى القمة العربية 34 ببغداد، وتأكيده أن الاستقرار فى الشرق الأوسط لن يحدث إلا بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية بحدود ٤ يونيو 1967.. صدى الخطاب عكسه البيان الثلاثى البريطاني- الفرنسي- الكندي، الذى أكد أهمية وقف الحرب والبحث عن أدوات السلام، وانتقد الاحتلال وممارساته وتوجه حكومة نتنياهو فى تصعيد حرب الإبادة على أبناء قطاع غزة والتهجير القسرى والأعمال المنافية للقانون الدولى الإنساني.
هذا يعنى أن هناك تغيرات كثيرة فى مواقف الدول الأوروبية تجاه الوضع المأساوى واللاإنسانى فى غزة والضفة الغربية وانتهاك حرمة المقدسات الفلسطينية فى الأرض المحتلة من مجموعة مارقة تقود دولة الاحتلال فى إسرائيل.. التغير الإيجابى الأوروبى جاء بعد فترة ونحن نقترب من عامين على حرب الإبادة التى تمارسها إسرائيل فى أطول مواجهة على الأرض المحتلة منذ احتلال فلسطين وإقامة دولة إسرائيل قبل 77 عاماً.
وجاء اتصال رئيس الوزراء البريطانى الذى تلقاه الرئيس عبدالفتاح السيسى من كير ستارمر يعكس التغير الإيجابى الكبير فى السياسة البريطانية، وفى الاتصال الذى تلقاه الرئيس من كير ستارمر أثنى على هذا التوجه وثمنه.. فى نفس الوقت استعرض الرئيس السيسى مع ستارمر أهمية الاستقرار فى المنطقة ورفض التهجير فى إشادة بريطانية بالموقف المصرى من أجل أبناء فلسطين.
الواضح للمتابعين للوضع منذ 7 أكتوبر 2023، موقف مصر فى «اللاءات» التى طرحتها «لا تهجير قسرى أو طوعى ولا حل على حساب دول الجوار ولا للإبادة ولا لتصفية القضية ولا لحرب التجويع» وأن الحل المثالى هو حل الدولتين أقصر طريق لإيقاف نزيف الحرب وقتل الأطفال والنساء.. فى الوقت نفسه أكد أبناء غزة والأرض المحتلة فى صمودهم ومقاومتهم ممارسات إسرائيل تمسكهم بأرضهم ودفاعهم عنها ورفضهم التهجير من أرض آبائهم وأجدادهم.
هذا التغير فى مواقف الدول، يؤكد تفهم العالم للدور والسياسة المصرية الثابتة على مدى الشهور الـ 21 الماضية منذ بدء عملية «طوفان الأقصي» وبربرية إسرائيل التى تمارسها بمنع نفاذ الغذاء والدواء والماء والطاقة، وفشلت كل محاولات نتنياهو فى الوصول إلى الإسرائيليين المحتجزين لدى أبناء المقاومة فى غزة، ولم يفلح إلا فى إطالة أمد الحرب.. وبالتالى مد مساحة الوقت له فى رئاسة وزراء اسرائيل، خشية اليوم التالى لإيقاف الحرب.. حيث تنتظره المحاكمة وقضايا الفساد هو وسارة زوجته، وهى قضايا تزعجه فى الشارع الإسرائيلي.. ومن هنا يعمل على تصعيد الحرب ومد أمدها فى عربدة لم يرها العالم «الصامت» أمام النازية الجديدة التى يقودها مجموعة الحرب بقيادة نتنياهو فى إسرائيل.. ويبقى سؤال مهم: إلى متى يظل العالم صامتاً أمام حرب الإبادة والتجويع التى يمارسها نتنياهو رغم فشله حتى الآن فى فك أسير واحد من أيدى المقاومة، بل ساهم فى قتل بعضهم بالقصف الهمجى الذى مارسه طيرانه فى الجو وقواته على الأرض؟!
وقد مر 15 مايو الماضى يوم تأسيس إسرائيل حزيناً وسط مظاهرات أسر الأسرى ضد نتنياهو وحكومته.
ويبقى الموقف المصرى الحامل لراية الدفاع عن القضية ثابتاً لا يتغير وسط تحديات إقليمية وعالمية خطيرة وحرب روسية- أوكرانية لها تأثيراتها على كل العالم.. إن ما يحدث فى غزة جرائم حرب وامتحان لإنسانية العالم الصامت أمام دماء أطفال فلسطين الأبرياء وتصرفات وممارسات مجموعة «مجرمة» تحكم فى إسرائيل.