منذ أن بدأت القضية الفلسطينية، ومصر تقف في القلب من هذا الصراع الدائر.. لا تحيد ولا تتبدل، مهما عصفت الرياح وتغيرت التحالفات.. إنها علاقة عضوية، ليست مجرد تضامن سياسي عابر، بل هي امتداد لجغرافيا وتاريخ ومصير مشترك.. ففلسطين ليست قضية هامشية في سجل مصر، بل هي لُبّ اهتماماتها، وجوهر رؤيتها للأمن القومي والإقليمي.
في بدايات الصراع، كانت مصر، بقيادة عروبية ثائرة، صوتًا مدويًا في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.. لم تتردد في تقديم الدعم بكل أشكاله، ماديًا ومعنويًا وسياسيًا، إيمانًا منها بأن تحرير فلسطين هو جزء أصيل من تحرير الأمة العربية وكرامتها.. وخاضت مصر حروبًا وقدمت تضحيات جسامًا دفاعًا عن هذه القضية، وظلت علي الدوام ملاذًا آمنًا وداعمًا لحركات التحرر الفلسطينية.
ومع مرور العقود وتقلب الأحداث، لم يتغير هذا الموقف المبدئي الثابت.. حتي في أحلك الظروف وأصعب التحديات، ظلت مصر ثابتة علي دعم الحق الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.. لم تنحرف عن هذا المسار رغم الضغوط والإغراءات، بل سعت بكل طاقتها للحفاظ علي القضية حية في الضمير العربي والدولي.
وقد جاءت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى الأخيرة في القمة العربية ببغداد تجسيدًا لهذا الثبات التاريخي، حيث أكد فيها بوضوح لا لبس فيه علي مركزية القضية الفلسطينية، وضرورة إيجاد حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، لم تكن مجرد كلمات دبلوماسية عابرة، بل كانت صرخة مدوية في وجه محاولات تهميش القضية أو القفز فوق الحقائق التاريخية والجغرافية.
لقد شدد الرئيس علي أن الأمن والاستقرار الإقليمي لا يمكن أن يتحققا بمعزل عن حل عادل للقضية الفلسطينية، وأشار إلي أن مصر، انطلاقًا من مسئوليتها التاريخية، ستظل تبذل كل الجهود الممكنة لدفع عملية السلام، وحماية حقوق الشعب الفلسطيني، والحفاظ علي المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
إن رؤية مصر للمستقبل تنطلق من إدراك عميق بأن السلام الشامل والعادل هو الخيار الاستراتيجي الوحيد لتحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة، وهذا السلام لا يمكن أن يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
مصر، بتاريخها العريق ودورها المحوري في المنطقة، تدرك تمامًا أن القضية الفلسطينية ليست مجرد صراع علي أرض، بل هي صراع علي هوية وكرامة وعدالة.. وستظل مصر، كما كانت دائمًا، صوت الحق وضمير الأمة في الدفاع عن هذه القضية حتي يتحقق الحل العادل والشامل الذي يتطلع إليه الشعب الفلسطيني والأمة العربية جمعاء، فمصر هي الحارس الامين للقضية الفلسطينية، إنها مسئولية تاريخية، وواجب قومي، ومقتضي أمن قومي لمصر لا يمكن التخلي عنه أو التهاون فيه.