كثيرا ما تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن وتعصف بسفن أحلامنا فى الحياة فتبحر فى اتجاه آخر ربما يكون هو الأفضل لكن وقتها لا نستوعب هذا وتتملكنا الحسرة على ضياع آمال وأحلام طالما رسمت طريقنا فى الحياة وعزفت معها على أوتار الأمنيات.
ومثل الكثيرين كنت واحدة من ضمن هؤلاء الذين عصفت الرياح بسفينة أحلامهم فى الالتحاق بكلية من كليات المجموعة الطبية بسبب نصف درجة فقدته فى الثانوية العامة لأجد نفسى أبحر فى كلية الإعلام التى أزعم أنى وجدت فيها ضالتى فى الحياة لكن هذا قد لا يتحقق للآخرين فى كليات آخرى وتظل الحسرة على ضياع الحلم ظلاً يرافقهم .
تلك التجربة التى عايشتها وجدتها تتشابه فى تفاصيلها مع تجربة تلك الفتاة التى جذبنى إليها لباقتها فى الحديث وقدرتها على التأثير فى مجموعة من الصغار كانت هى المدرب لهم ضمن برنامج أطلقته وزارة الشباب والرياضة لتدريب هذه الفئة العمرية على التحول من مهارات التعلم إلى مهارات الكسب فى الحياة من خلال تمكينهم من اكتشاف شخصيتهم الحياتية وإعادة توظيفها.
فاطمة وليد الفتاة التى عرفت نفسها لى أنها سفيرة برنامج مشوارى أحد البرامج التنموية التى أطلقتها وزارة الشباب والرياضة بالتعاون مع الأمم المتحدة هى واحدة من خريجى هذا البرنامج الذى نجح فى إعادة توظيف أحلامها فى الحياة بعد فشلها فى الإلتحاق بكلية الصيدلة مع إصرار أسرتها على تسفيرها للخارج لتحقيق هذه الرغبة لكنها رفضت واتخذت قرارها بدراسة التربية الخاصة لذوى الاحتياجات الخاصة لتعيد الإبحار ورسم أحلام جديدة فى الحياة كانت كفيلة بسفرها لكن هذه المرة لتمثيل بلدها فى مؤتمر مهارات التحول من التعليم إلى الكسب الذى أقيم فى الأردن.
ليست هى وحدها التى استفادت من هذا البرنامج ولكن شاركتها زميلتها التى أخفقت فى تحقيق حلم دراسة الفنون الجميلة لتبدأ فى ممارسة فن أجمل وهو تعليم الغير ثقافة اكتشاف ذاته ومن ثم اكتشاف جمال الحياة فى مناطق آخرى تجعلك قادراً على الإبحار لرسم مستقبل أفضل .
هكذا نجح برنامج مشوارى ليس فقط فى إعادة اكتشاف الشباب لشخصيتهم ولكن فى مساعدتهم لغيرهم على اكتساب مهارات جديدة تجعلهم أكثر قدرة على الوعى والإدراك واكتساب صفات جديدة وقيم مجتمعية غاب عنا الكثير منها واليوم تعود من خلال ما يقدمه هذا البرنامج من برامج تدريبية للنشء الصغير قادرة على إعلان بداية مشوار فى تصحيح المفاهيم.
الكثير منا قد يفقد ضالته فى الحياة وقد يؤدى ذلك إلى كارثة يضيع معها كل شيء لذا كان من المجدى إطلاق مثل هذه البرامج التى تساهم بشكل فعال فى التأهيل النفسى لشبابنا فما أصعب ضياع الأحلام على عتبة الحياة الجامعية وما أروع أن يقف المرء لالتقاط أنفاسه لإعادة تصحيح المسار قبل أن يجرفه التيار ويجد نفسه يصارع أمواج الحياة لذا كان حسن الأداء أن نجد مثل هذه البرامج التدريبية التى أثبت الواقع أنها قادرة على تعديل بوصلة الحياة للكثيرين لكن يبقى ضرورة الإعلان عنها بشكل أكبر لتتسع قاعدة المستفيدين منها وهذا ما أتمنى أن تفعله وزارة الشباب والرياضة التى تزخر بالكثير من الأنشطة جميعنا فى حاجة ماسة لمعرفتها علها تكون نقطة انطلاق لمشوار جديد فى الحياة.