فى عام 1999 ومع استعداد دول العالم للاحتفال بانتهاء القرن العشرين وبداية الألفية الجديدة تبارت كل دولة لتقديم أفضل ما لديها لجذب الأنظار خلال هذه المناسبة التى تتكرر كل ألف عام، وبالطبع كانت مصر فى طليعة الدول التى ينتظر العالم ما تقدمه فى هذه المناسبة المهمة، وبالفعل قدم الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة فى ذلك الوقت عن فكرة رائعة ولن أبالغ إذا قلت فكرة مجنونة حيث قرر إعداد « هريم ذهبي» لوضعه أعلى قمة الهرم الاكبر عند الساعة الثانية عشرة إلا خمس دقائق من عام ٩٩ وذلك عن طريق مجموعة متدربة وباستخدام طائرات الهليكوبتر!!
و لا أخفيكم سرا أننى لم أستوعب تلك الفكرة عندما طرحها علينا فاروق حسنى فى بداية الأمر حتى تم الانتهاء من الهريم المصنوع من المعدن المطلى بالذهب، ولكن حدثت مفاجأة غير سارة أفشلت تنفيذ الفكرة حيث رفع بعض الأثريين والكتاب دعوى قضائية وبالفعل صدر حكم بإلغاء الفكرة خوفاً على سلامة الهرم باعتبار الأهرامات أهم عجائب الدنيا السبع بل و العجيبة الوحيدة الباقية تتحدى الزمن طوال خمسة آلاف عام.
تذكرت تلك الواقعة وأنا أتابع ما يثار مؤخرا حول عملية إعادة تغليف الهرم الأصغر وفقاً لما أعلنه الصديق العزيز دكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والذى وصفه بمشروع القرن بهدف تغليف أو تكسية هرم منكاورع بطبقة من الجرانيت !!
ووفقاً لما ذكره دكتور وزيرى فإن المشروع الجديد يهدف لإعادة الهرم لحالة أقرب لحالته الأصلية عند اكتمال بنائه قبل 4550 عاما حيث ستتم الاستعانة بالخبرات والمعدات اليابانية ليتم البدء بالحفر حول الهرم لاستخراج ألواح الجرانيت الأثرية ثم إجراء مسوحات بالليزر لمطابقة الأحجار الجرانيتية المتساقطة مع كل حجر فى الهرم ليتم تركيبها بعد ذلك كقطع البازل على أن يستغرق المشروع الجديد عاماً واحداً على الأقل و ذلك ضمن المشروع القومى الذى أطلقته الوزارة فى عهد الوزير السابق الدكتور خالد العنانى بهدف ترميم الآثار المصرية من قصور ومتاحف ومساجد ومعابد يهودية وفرعونية لتحويلها إلى مزارات سياحية تدر دخلاً إضافيًا لخزانة الوزارة على رأسها قصر البارون ومعبد بن عذرا اليهودى ومسجد الظاهر بيبرس وإعادة ترميم تماثيل واجهة معبد الأقصر.
المؤكد أن مسئولى الآثار وفى القلب منهم دكتور مصطفى وزيرى اكثر دراية وخبرة بقيمة اهرامات الجيزة أهم آثار البشرية عبر القرون وكذلك الأكثر حرصاً على سلامتها وعدم تعرضها لأى مخاطر، ولكن هذا لا يمنع أننا نطالب بمزيد من الدراسات والمناقشات التى تضمن سلامة الهرم الأصغر وعدم العبث به وكذلك توضيح جدوى مشروع القرن وفقاً لدكتور وزيرى والفائدة من وراء تنفيذه، خاصة إننا لم نقرأ أو نسمع عن تعرض الهرم لأى اضرار أو سقوط بعض احجاره التى تقف شامخة تتحدى الزمن طوال خمسة آلاف عام كما ذكرت فى البداية.