شهدت الساعات الماضية الجولة الثانية من الانتخابات الايرانية التى فاز فيها المرشح الإصلاحى مسعود بزشكيان، على منافسه المتشدد سعيد جليلي، فى تحول يمكن أن ينظر إليه بأنه اتجاه نحو الاعتدال، وبداية للتغيير فى حكم الجمهورية الإسلامية الإيرانية فيما يشبة جراحة سياسية فى قلب النظام الإيرانى من خلال منصب الرئاسة وهو ما أكدته تصريحاته الأولى التى قال فيها إنه «سيمد يد الصداقة للجميع»، كما أضاف فى كلمه له فى التليفزيون الرسمي، أنه يجب الاستعانة بالجميع من أجل تقدّم البلد.
دعا بزشكيان إلى خفض التوترات الدولية واستعادة الدبلوماسية النشطة والمشاركة البنّاءة مع العالم، لكن على الرغم من أن هذا التصريح يمكن أن يعطى تفاؤلاً بشأن السياسة الإيرانية المقبلة فيما يخص البرنامج النووى ودعم طهران لمجموعات «الميليشيات» المنتشرة فى عدد من أنحاء الشرق الأوسط، إلا أن المسئولية الأولى فى حكم البلاد تقع على عاتق المرشد الأعلى ،الذى يضع الخطوط السياسية العريضة للدولة، بينما صلاحيات الرئيس تقتصر على تقديم الاقتراحات والتنفيذ فقط.
ويرى عدد من الخبراء السياسيين أنه من المستبعد أن يدخل الرئيس الجديد أى تحول فى السياسة بشأن برنامج إيران النووى أو تغيير فى دعم الحلفاء، فمهمته تقتصر فقط على ادارة المهام اليومية للحكومة، لكن يمكن التنبؤ بحدوث تغير فى لهجة طهران فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والداخلية.
وكان قد تعهد بزشكيان قبل فوزه فى الانتخابات بتحريك المياه الراكدة فى المحادثات المتوقفة الآن مع القوى الكبرى لإحياء الاتفاق النووى لعام 2015 ، فضلاً عن تحسين آفاق الحريات الاجتماعية والتعددية السياسية.
الجدير بالذكر أن الاقتراع الإيرانى جاء فى وقت تتصاعد فيه التوترات فى الشرق الأوسط بسبب الحرب فى غزة، وتتزايد الضربات بين حزب الله فى لبنان واسرائيل، فضلاً عن تكثيف الضغوط الغربية على إيران بسبب برنامجها لتخصيب اليورانيوم.
وعلى الصعيد المحلي، تعهد بزشكيان، الذى شغل منصب وزير الصحة سابقاً، بإصلاح النظام الصحي، وتحسين جودة الخدمات الطبية، وتقليل تكاليف العلاج، كما أكد على ضرورة تحسين الظروف التعليمية وزيادة جودة المدارس والجامعات، فضلاً عن رغبته فى أن تلعب النساء أدوارًا نشطة ومتساوية فى جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
يرى منافسو بزشكيان المحافظون أنه يهدف إلى مواصلة سياسات إدارة حسن روحانى التى يصفونها بالفاشلة، فيما شكك العديد من الناخبين فى قدرته على الوفاء بوعود حملته الانتخابية.
من جانبه أوصى المرشد الإيرانى على خامنئي، الرئيس الإيرانى المنتخب بمواصلة مسيرة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، والاستفادة من الموارد البشرية والثورية المخلصة، من أجل تقدم الوطن.
وفى وقت سابق، أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية فوز بزشكيان، فى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية بعد أن نجح فى حصد 54٪ من أصوات الناخبين أمام المرشح المتشدد سعيد جليلي.
وبحسب البيانات الرسمية الإيرانية، بلغت نسبة المشاركة فى الانتخابات 49.8٪ بعد أن تم تمديد التصويت إلى 6 ساعات.
وأحصى مسئولو الانتخابات أكثر من 30 مليون صوت، حصل بزشكيان منها على ما يزيد على 17 مليون صوت، بينما حصل جليلى على حوالى 13 مليون صوت، وفقاً للنتائج التى نشرتها وزارة الداخلية.
وأظهرت مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعى احتفال أنصار بزشكيان فى الشوارع فى عدد من المدن، حيث قام السكان فى مدينة أروميه فى شمال غرب البلاد، مسقط رأس بزشكيان، بتوزيع الحلوى على الناس.
يذكر أن بزشكيان كان قد نال 42,4٪ من الأصوات فى الجولة الأولى من الانتخابات مقابل 38,6٪ لجليلي، بينما حل ثالثاً مرشح محافظ آخر هو محمد باقر قاليباف، رئيس مجلس الشوري.
وشهدت الجولة الأولى التى أجريت فى 28 يونيو الماضي، إقبالاً منخفضاً غير مسبوق، إذ أحجم أكثر من 60٪ من الناخبين عن التصويت فى الانتخابات المبكرة لاختيار رئيس خلفاً لإبراهيم رئيسى بعد وفاته فى تحطم طائرة هليكوبتر، فى مايو الماضي.
تهئنة بالفوز
فى ذات السياق، بعث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، برقية تهنئة إلى بزشكيان بمناسبة فوزه فى الانتخابات، كما هنأ الملك سلمان بن عبد العزيز، وولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، الرئيس الإيرانى المنتخب بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية.
وفى موسكو، هنّأ الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أمس بزشكيان قائلا:»آمل أن تسهم ولايتكم الرئاسية فى تعزيز مستقبليّ لتعاون ثنائى بنّاء وشامل لصالح شعبينا الصديقَين».
كما بعث الرئيس السورى بشار الأسد ببرقية تهنئة لبزشكيان مشيراً فيها بحرص بلاده على تعزيز العلاقة الاستراتيجية مع طهران.
بزشكيان فى سطور:
> ولد مسعود بزشكيان فى 29 سبتمبر 1954 فى مدينة مهاباد بمحافظة أذربيجان الغربية.
> عمل بزشكيان طبيباً متخصصاً فى الجراحة وتولى منصب وزير الصحة خلال الفترة من 2001 – 2005 فى الحكومة الثانية لمحمد خاتمي.
> يعد من أكبر المرشحين سناً والوحيد المنتمى للتيار الإصلاحي.
> كان عضواً فى البرلمان عن منطقة تبريز لخمس دورات متتالية حيث تولى نائب رئيس البرلمان خلال الفترة من 2016 – 2020.
> استبعد من خوض الانتخابات الرئاسية الثالثة عشرة فى 2021 بسبب ان مجلس صيانة الدستور لم يوافق عليه.
> انتقد موقف السلطات الايرانية بشأن وفاة الشابة مهسا أمينى فى 2022 على يد شرطة الأخلاق التى تتبع الحكومة.