لا توجد مفردات أو عبارات فى كل اللغات يمكن أن تعبر عن مدى الإجرام والبلطجة الإسرائيلية، مما ترتكبه من مذابح ومجازر بشرية وإبادة جماعية، ومداهمات تحرق الأخضر واليابس فى قطاع غزة، وممارسات تخطت أوصاف الوحشية والدموية والنذالة والخسة، وسط تأييد أميركى مستمر، وخرس دولي، ومناشدات لا تسمن ولا تغنى من جوع، لم تتعد ـ على مدى عشرة أشهر متواصلة ـ البيانات والتصريحات الإعلامية والمناشدات، بينما جثث الأطفال والنساء والمرضى والجرحى على الطرقات، كثير منها ممزق أو بلا رءوس أو دون معالم، فى مشاهد لا نجدها حتى عند الحيوانات المفترسة فى أبشع صورها.
وواصلت الدولة الصهيونية إرهابها فى خارج الحدود والذى عرفت به من اغتيالات للشخصيات التى لا تروق لها من قيادات فلسطينية وعلماء عرب، وآخرهم اسماعيل هنية، لكن الفضيحة الكبرى أن الجريمة تمت على أرض إيران التى لم نعد نعرف لها هوية، هل هى مع القضية الفلسطينية، ام أنها مع أميركا وإسرائيل وتدعى «العداوة» بمجرد الكلام الساخن والتصريحات الملتهبة فى مسرحية هزلية من الإخراج والتمثيل، تتلقى الضربات ويتم غتيال العديد من المسئولين الإيرانيين وتدمير قنصلياتها ومبانيها فى الداخل الإيرانى أو فى الخارج دون أى رد فعل.
كل ذلك زاد من أطماع إسرائيل فى إيران وجعلها تتمادى فى التعدى عليها بكل السبل المهينة ـ رغم التنسيق بينهما ـ، لكن المفاجأة الأكبر ما ذكرته صحيفة التلجراف بأن الموساد استخدم أفراد أمن إيرانيين من وحدة «أنصار المهدي» فى اغتيال هنية، واستأجر عملاء من «الحرس الثوري» لزرع قنابل فى ثلاث غرف فى دار ضيافة «الحرس الثوري» التى كان يقيم فيها هنية، وقال مسئول فى قوات النخبة العسكرية التابعة للحرس الثورى للصحيفة «هذا إذلال لإيران وخرق أمنى كبير».
وأفادت صحيفة «نيويورك تايمز» بأنه تم اعتقال أكثر من 20 شخصاً فى إيران ذوى صلة باغتيال هنية، من بينهم ضباط كبار فى المخابرات ومسئولون عسكريون.
وكالمعتاد أصدر الحرس الثورى بيانا، يتوعد فيه إسرائيل وقال إن الكيان الصهيونى الإرهابى سيتلقى الرد على هذه الجريمة وهو العقاب الشديد فى الزمان والمكان والطريقة المناسبة، والثأر لدماء هنية أمر حتمي، والكيان الصهيونى سيعاقب على هذه المقامرة والجريمة عقاباً شديداً، وستكون التداعيات على الكيان والولايات المتحدة الداعمة له مدمرة.
وقد اعتدنا من أميركا، معرفتها ببواطن الأمور حول العالم وعندما تحذر رعاياها فى بلد أو منطقة ما فإنها يكون لديها معلومات بأن هناك أمرا جللا يتم التخطيط له، ومن ثم فإنها تدق ناقوس الخطر وتحذر رعاياها فى لبنان وقالت «احجزوا أى تذكرة متاحة» بما يعنى أن الخطر شديد وعاجل، فى الوقت الذى يواصل فيه نتنياهو تصلبه بمنع التوصل إلى اتفاق هدنة وكلما اقتربت المفاوضات من التوافق يخرج بأسباب مفتعلة ويفسدها وتعود إلى نقطة الصفر.
ومازال نتنياهو يعيش فى الوهم ويبحث عن البطولة ويزعم أنه لا بد من ممارسة الضغوط على يحيى السنوار، بدعوى أن الضغوط هى التى ستجبره على إطلاق سراح المحتجزين، ليواصل إشعال المنطقة ويريد أن يحقق هدفه بتوسيع رقعة الصراع.
وأمام تلك الجرائم، طالب بيان المقررين الخاصين للأمم المتحدة، أنه يجب على دول العالم إعادة النظر بعلاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل وفقا لقرار محكمة العدل الدولية حول عدم شرعية إقامة المستوطنات، وفرض حظر على توريد الأسلحة ووقف أى تجارة يمكن أن تضر بالفلسطينيين، وفرض عقوبات وتجميد الأصول ضد الأفراد والكيانات الإسرائيلية المتورطة فى الاحتلال وسياسات الفصل العنصري.
والله أعلم بما ستسير إليه الأمور.