يشهد مسجد «الروبي» أحد أهم ثلاثة مساجد ذات قيمة أثرية كبيرة فى المحافظة، إقبالاً كبيرا من أهالى المحافظة عموماً بمختلف مراكزها وقراها و نجوعها، ومنطقة الصوفى والمبيضة والشيخ سالم، لتأدية صلاة القيام، والبعض يصطحبون اولادهم وطعامهم للإفطار بالمكان، فى مشهد رائع يعبر عن روحانيات الشهر الفضيل.
المسجد تفوح منه رائحة وعبق التاريخ، ويقع بحى الصوفى أحد أكبر وأهم الأحياء الشعبية بمدينة الفيوم، ويتوسط أزقة و حوارى منطقة المبيضة، و رغم قدمه مازال شامخاً لم تغير الطبيعة وقسوتها من جماله، المسجد وملحقاته منطقة أثرية كاملة، يرجع تاريخها إلى أكثر من 700 سنة، و لإنشاء المسجد قصة تاريخية وحكاية شيقة ومثيرة، حيث أمر ببنائه السلطان برقوق عام 893 هجرية، تكريمًا للعابد الناسك الشيخ على الروبي، الذى استوطن الفيوم، واعترافا منه بالجميل تنبأ و بشر الشيخ السلطان برقوق، عندما كان أميراً، بانه سوف يصبح سلطانا، وقد تحققت نبوءته بالفعل، فقرر السلطان بناء المسجد للشيخ على الروبى سنة 784 هـ اعترافا بجميله ليجتمع فيه محبو العلم والشيخ.
الشيخ على الروبى، ولد فى عهد السلطان «الناصر محمد بن قلاوون»، ويتصل نسبه بالبيت العباسي، فهو من سلالة عبد اللــــه بن عباس عم الرسول «صلى الله عليه وسلم»، وكان يطلق عليه العبد الزاهد، وبعد وفاته عام 785 هـ دفن فى الضريح، ويعتبر المسجد ذا طابع خاص وأحد تحف العمارة الإسلامية القيمة بالمحافظة، ويتبع هيئة الآثار الإسلامية.
المسجد اندثرت بعض معالمه و حاليا وانشئ مكانه المسجد الحالى اما القبة والضريح فظلا كما هما وتم تجديدهما فى العصر العثماني، و يقام بالمنطقة المحيطة بالمسجد احتفال كبير ومولد سنوى فى ليلة النصف من شعبان، من كل عام ويتم خلال الاحتفال تقديم موائد الطعام و تنظم خلاله الحفلات الدينية والابتهالات ويحضرها المحبون من كافة المراكز.
وعن الوصف الدقيق للمكان كما هو مذكور فى الوثائق بهيئة الآثار الإسلامية بالفيوم، قال سيد الشورة مدير عام المنطقة الأثرية «السابق» بالفيوم، إن تخطيط المسجد بمسقطه الافقى مربع يبلغ ضلعه 8.20م بصدر كل ضلع من اضلاعه دخلة سعتها 4.70م، وتشرف كل دخلة من الدخلات على التربيع الاوسط ببائكة ذات عقدين مدببين يرتكزان على عمود فى الوسط ويعلو كل تاج عمود طبلية خشبية وبصدر كل دخلة عدا الدخلة الجنوبية الشرقية قنديله بسيطة، فى حين الاخرى بها مضاهية دخلة مسدودة يحيط بكل منها عقد ثلاثى بارز وعلى جانبى كل دخلة خزانتان، أنه لايوجد بالضريح محراب مجوف نظرا لضيق المساحة كما ان الضريح ليس مكانا للصلاة والضريح كان ملحقا بالمسجد لذا اكتفى المعمارى بتحديد القبلة بواسطة محراب رمزى صغير من الجص.
مئذنة المسجد مجاورة للطرف الجنوبى للضريح وهى عثمانية العهد مملوكية الطراز و هى من الخارج تتكون من القاعدة من شكل مكعب بنواصيه اعمدة يلى القاعدة منطقة الانتقال للوصول إلى البدن المثمن وذلك بواسطة مثلثات مقعرة يلى ذلك منطقة غائرة مثمنة،وبعد ذلك البدن المثمن وكل ضلع من ضلاعة يتوجه عقد مدبب يحيط بها اطارات رائعة مستديرة ويتوج البدن بثلاثة صفوف من المقرنصات.
الضريح من الخارج له 4 واجهات 3 منها ملاصقة لمنازل مجاورة، و الواجهة الرابعة هى الجنوبية الشرقية، بها بابان يؤديان إلى داخل الضريح احدهما بالطرف الشرقى وفى دخلة على جانبيها «مكسلتان» وهى ما تشبه المصطبة ومتوجه من اعلى بعقد مدائنى ويعلق على فتحة الباب مصراع خشبى والآخر بالطرف الجنوبى ويعلو القبة هلال.
أضاف ان المسجد، سبق ترميمه فى أبريل 1994 على نفقة المجلس الأعلى للآثار، و أيضًا بالجهود الذاتية بقرار من اللجنة الدائمة فى فبراير 1997 وفى عام 2006 تم ترميم القبة والمئذنة ترميمًا معماريًا دقيقًا وشاملاً، وهناك ساحة شاسعة تأخذك إلى قبة ومأذنة، يجاورهما من اليسار باب عتيق، وبعض الشبابيك التى صُنعت من الأرابيسك، وما إن تقترب منها تستقبلك روائح البخور الذكية التى تفوح فى كل ارجاء المكان، ومنه تصل إلى ساحة صغيرة يتوسطها سياج خشبى بطراز رائع من الأرابيسك، ويُشع نورًا من كل مكان، و بداخله قبر مُغطى برداء أخضر اللون.
أضاف الشورة، ان هناك قصيدة شعرية كتبها الإمام محمد ماضى أبو العزائم، فى ضريح وقبة الروبى خلال زيارته لهما عام 1350 هجرية، وتم وضعها فى برواز خشبى كبير، وضعت على منضدة خشبية صغيرة أمام الضريح، وعلى جانب القبة توجد غرفة صغيرة دُفن فيها الشيخ محمد أحد مساعدى الشيخ الروبي، إضافة أنّ مبنى الضريح يضم مئذنة فريدة من نوعها تضم بداخلها سُلمين.
يؤكد أحمد عبد العال مدير عام المنطقة الأثرية «الأسبق» بالفيوم، إنه تم العثور على لوحة خشبية أثرية كُتب عليها.. بسم الله الرحمن الرحيم «ألا إنّ أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون» هذا ضريح الشيخ العابد الزاهد على الروبي، و قد انتقل إلى رحمة الله تعالى فى السادس والعشرين من ذى الحجة سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة ويوافق هذا التاريخ 1391 ميلادية، وقد شيد المسجد فى العصر العثماني، وجدد المقام فى عهد الأمير أحمد كتخدا، بينما تم تجديد الضريح والمئذنة عام 1717 ميلادية.