القوة ليست كلامًا أو شعارات، وإنما شعور يتملك الآخرين تجاهك، ليس معنى أنك ترى نفسك قويًا أنك بالفعل كذلك، المهم كيف يراك الآخرون، وكيف يتعاملون معك هل يخشونك لأنك قوي أم يرونك غير ذلك، هذا هو معيار القوة الحقيقي خاصة في هذا العالم الذي أصبحت الساحة فيه مكشوفة والقدرات شبه معروفة.
وعندما نجد أن الجميع، يحترمون مصر وأمنها القومي وخطوطها الحمراء التي ترسمها وتفرضها، والجميع يحذرون الدخول في مواجهة مباشرة مع مصر، فهذا ليس لأنهم لا يريدون ذلك، فكلنا نعلم أنهم لهم أطماع ومخططات يتمنون تنفيذها في مصر، لكنهم يخشون العواقب، ويهابون قدرات الردع التي تمتلكها مصر الآن بفضل جيش وطني لديه كل مقومات القوة العصرية، وأحدث أنظمة التسليح وأفضل القدرات القتالية، وفوق كل ذلك المقاتل الجسور صاحب العقيدة الثابتة والإخلاص في أداء رسالته.
هذا هو المعيار الحقيقي للقوة التي يقصدها الرئيس عبد الفتاح السيسي وتحدث عنها خلال تفقده لمركز القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، أن تمتلك ما تفرض به إرادتك وتجبر به الآخرين على احترامك في كل الأوقات والظروف، فيفكروا ألف مرة قبل أن يخوضوا معك مواجهة، القوة التي تفرض السلام وتحميه وتلزم به الجميع، وهذا ما نجحت فيه مصر طوال السنوات الماضية، أن تمتلك القوة الحامية الرادعة، لا تهدد بها أحدًا ولا تعتدى على أحد، وإنما تحمى بها أرضها وأمنها القومي ومقدرات شعبها معلوم أن هناك من لن يتورع عن مهاجمة مصر إذا شعر لحظة بضعفها أو عدم قدرتها على حماية نفسها، وهذا حدث مع دول كثيرة انكشف ضعفها، فاستباح الآخرون من المتربصين الإقليميين والدوليين أرضها، لكن هؤلاء وقفوا عاجزين أمام مصر لأنها أكدت فعليًا وواقعيًا للجميع أن من يفكر في الدخول معها في حرب أو تهديد أو يحاول المساس بأرضها فهو خاسر لا محالة، ولذلك احترم الجميع خطوطها الحمراء وحدودها وأمنها، بل ومصالحها الاستراتيجية والاقتصادية لدينا مواقع ومصالح في عرض البحر، لكنها مؤمنة بقوة الجيش الذي وهبه الله لمصر وقدراته التي لا تتوقف القيادة العامة عن تطويرها وتحديثها وفق أحدث ما توصل إليه العالم.
وقد يعتبر البعض أن الأمر ليس بهذا القدر من الخطورة، خاصة أن حملات التشويه التي تديرها ميليشيات الجماعة الإرهابية ضد مصر تحاول ترويج كذبة أن ما ينفق على تطوير قدرات الجيش رفاهية لا داعي لها.
لكن جاءت الصراعات الإقليمية وتزايد الأطماع في المنطقة ثم أحداث غزة وانكشاف المخطط الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء ليؤكد كذب الادعاءات وحملات التشويه ويثبت أن ما تفعله الدولة في دعم قدرات جيشها ليس رفاهية بل حماية واجبة للوطن لا مجال للتهاون فيها.
وقد يعتقد البعض أن حالة الأمان التي نعيش فيها والاستقرار الأمنى الحالية سببها أنه لا يوجد تهديد، وهذا خطأ كبير علينا تصحيحه، فالتهديد موجود فعلا ومن كل الاتجاهات، لكن حالة الأمان سببها وجود قوة ردع مصرية يخشى المتربصون عواقب مواجهتها، وهذه القوة تتطور بشكل دائم وبكل أدوات العصر الحديث.
وعندما تمتلك مصر مركزًا للقيادة الاستراتيجية فهذا جزء مهم من هذه القوة الرادعة التى تسهم في مزيد من الحماية للأمن القومى ومقدرات الشعب ومصالحه في ظل إقليم مضطرب وظروف دولية مرتبكة وصراعات لا أحد يعرف إلى أين تقود المنطقة والعالم، فإدارة القوات المسلحة في العالم الحديث تعتمد على العلم والتكنولوجيا وقراءة المستقبل والرؤى العميقة للأحداث وتحديد الأهداف الاستراتيجية، وميزة وجود قيادة استراتيجية للقوات المسلحة المصرية أنها تضمن كل هذا العمل بشكل علمي وباستخدام أحدث نظم التكنولوجيا الحديثة وتضمن التنسيق وتكامل التخطيط بين كل الجهات والمؤسسات المعنية بإدارة الدولة والأمن القومى وتعزز القدرات والاستعدادات التي تقوم بها الدولة لحماية أمنها على كافة الاتجاهات لتظل في حالة جاهزية كاملة لمواجهة أي تحد بفاعلية وكفاءة، وفي الوقت المناسب.
هذا هو العلم العسكري الحديث الذى يجب أن تمتلكه مصر كدولة كبيرة تؤمن بخبرتها العسكرية وحضارتها، وأن القضية لم تعد مجرد امتلاك طائرات متطورة وغواصات حديثة، وأسلحة مدمرة، رغم أهمية كل هذا، لكن الأهم هو امتلاك العقل المدبر للتخطيط الاستراتيجي، والذي يربط كل الخيوط بين الجهات المعنية بحماية الأمن القومي، ويدير برؤية وبأسلوب علمى وهذا ما تحققه القيادة الاستراتيجية.