أشاد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، بالمشاورات الناجحة والبناءة التى أجراها مع رئيس الوزراء اليونانى كيرياكوس ميتسوتاكيس، والتى عكست عمق العلاقات بين البلدين، مجددا التأكيد على اهتمام مصر الراسخ بتعزيز شراكتها الاستراتيجية مع اليونان، والتى تعد نموذجا يحتذى به فى المنطقة، إذ تستند إلى روابط تاريخية وطيدة بين الشعبين الصديقين، وتقوم على الاحترام المتبادل والرغبة المشتركة فى تطوير التعاون فى مختلف المجالات.
جاء ذلك فى كلمة الرئيس أمس خلال مؤتمر صحفى مشترك مع رئيس الوزراء اليونانى كيرياكوس ميتسوتاكيس معربا عن خالص تقديره وامتنانه لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، اللذين حظى بهما والوفد المرافق له فى اليونان.
لفت الرئيس الى إنه فى بداية الفترة الصعبة التى مرت على مصر فى 2011 و2012 و2013 وما بعدها، كانت اليونان متفهمة وقامت بدور كبير جدا فى المحفل الأوروبى لكى تشرح وتؤكد وجهة نظر مصر لدى الأوروبيين، واستطاعت بنجاح القيام بهذا الدور، لأن تلك الفترة كانت صعبة وكان الأوروبيون يحتاجون إلى شرح لما يحدث فى مصر، وهذا أمر لن ننساه، وهو ما يؤكد العلاقة التاريخية بين البلدين.
وحول الادعاء بقيام مصر بإجراء سلبى تجاه دير سانت كاترين قال الرئيس السيسي: إنه خلال العشر سنوات الماضية كنا نؤكد على نقاط محددة لدى الرأى العام وهى احترام شديد جدا للتعدد والتنوع الموجود فى النسيج الإنسانى مضيفا أن هذا لم يكن طرحا طرحناه وإنما تم عمل ممارسات تؤكد ذلك.
أشار الرئيس إلى أنه انزعج بشدة عندما تم تناول موضوع سانت كاترين وما أثير عن قيام مصر بإجراء سلبي، مؤكدا أن هذا غير وارد ليس فقط لمكانة الدير، وإنما ذلك يتعارض تماما مع ثوابت الاعتقاد والسياسة المصرية.
قال الرئيس السيسي: إنه عندما قام متطرفون بحرق 65 كنيسة فى مصر، قامت الدولة بإعادة بنائها مرة أخري، كما حرصت على إقامة دور عبادة للمسلمين والمسيحيين فى كل التجمعات السكنية الجديدة، مضيفا «لو أنا عندى مواطنين يهود هاعمل لهم معابد».
أكد الرئيس العلاقة التاريخية وحجم المودة بين الشعبين المصرى واليوناني، لافتًا إلى أنه شعر بقلق شديد بأن يتم العبث بهذه المودة من خلال موضوع حساس مثل ذلك، مشددًا على أن هذا لن يحدث وأن أى حد يسمع كلام آخر غير ذلك لا يصدقه.
وشدد الرئيس السيسى على التزام الدولة المصرية والتزامه هو شخصيًا بأن التعاقد بين دير سانت كاترين والدولة المصرية هو تعاقد أبدى لا يمكن أن يمسه أحد.. ولو أى أمر مرتبط بالدير نحن مستعدون بكل المودة أن نفعله لأن ذلك أمر يحمل بين طياته رفات قديسة منذ أكثر من ألف و500 سنة موجودة فى مصر وهذا أمر نحن سعداء به جدا».
أضاف أنه يتحدث مع كل الزائرين لمصر قائلا لهم: «تعالوا شوفوا دير سانت كاترين لقديسة عظيمة كانت مؤمنة فى وقت لم يكن فيه إيمان «.
قال الرئيس إنه يحب أن نذكر هذه النقطة لشعبنا فى مصر واليونان لافتا الى انه يذكر شعبنا ويقول شعبنا لأن الاثنين شعب واحد ويسمعوا ذلك منه وهو كلام مؤكد لا أحد يستمع لأقاويل ومواقع التواصل تتحدث عن أشياء لا يمكن أن تكون موجودة».
قال الرئيس: إنه سعيد بالتوقيع مع رئيس الوزراء اليونانى على الإعلان المشترك حول الشراكة الاستراتيجية بين مصر واليونان، والذى يرسخ العلاقات العميقة والمتميزة بين البلدين الصديقين، ويؤسس لمرحلة جديدة للتعاون الوثيق على الأصعدة كافة.
أضاف أن انعقاد الاجتماع الأول لمجلس التعاون رفيع المستوى بين البلدين الصديقين يمثل محطة فارقة ونقلة نوعية فى مسار العلاقات المصرية واليونانية ويجسد الإرادة السياسية المشتركة للارتقاء بمستوى التنسيق والتعاون الثنائي، معربا عن سروره بما أسفر عنه اجتماع المجلس من نتائج ملموسة لا سيما التوافق على توسيع نطاق التعاون ليشمل مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والسياحة والتكنولوجيا وريادة الأعمال فضلا عن قضايا الطاقة والأمن والهجرة.
أكد الرئيس السيسي، الأهمية البالغة التى توليها مصر لمشروع الربط الكهربائى مع اليونان «GREGY»، فهو ليس مجرد مشروع ثنائى وأنما استراتيجية ذات أبعاد إقليمية ودولية باعتباره أول ربط مباشر للطاقة النظيفة القادمة من مصر إلى أوروبا عبر اليونان، متطلعا إلى استمرار دعم الاتحاد الأوربى لهذا المشروع الطموح وتسريع خطوات تنفيذه.
أعرب عن اهتمامه بمواصلة التعاون مع اليونان فى مجال الغاز الطبيعى وبتسريع وتيرة تنفيذ اتفاق استقدام العمالة الموسمية المصرية للعمل فى القطاعات التى ترغب اليونان فى استقدام عمالة لها وليس القطاع الزراعى فقط، وكذا توسيع نطاق الاتفاق ليشمل قطاعات أخري، فضلا عن تكثيف التعاون المشترك بين البلدين فى مجالى مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية استنادا إلى التجربة المصرية الناجحة فى هذين المجالين.
أكد الرئيس أن المباحثات مع الجانب اليونانى تناولت عددًا من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها التطورات الخطيرة فى منطقة الشرق الأوسط نتيجة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والكارثة الإنسانية المستمرة منذ ما يزيد على 18 شهرًا.
أوضح الرئيس السيسى أن مصر تواصل التأكيد على موقفها الثابت بضرورة استئناف تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الأسرى والرهائن، وضمان دخول المساعدات الإنسانية بكميات كافية، مشددًا على رفض استخدام التجويع والحرمان من الخدمات الطبية كسلاح ضد المدنيين.
قال الرئيس السيسي: إن الوضع الإنسانى فى غزة متدهور منذ 18 شهرًا، والدمار الذى لحق بالبنية الأساسية فى القطاع شامل، سواء فى التعليم أو الصحة أو الكهرباء أو المياه أو الصرف الصحي، أكثر من 300 ألف مبنى تم تدميرها، وهو حجم كفيل بتحفيز المجتمع الدولى على التحرك العاجل لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات، والإفراج عن الرهائن».
جدد الرئيس السيسى تأكيده على أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع المستمر منذ أكثر من 70 عامًا، مشيرًا إلى أن مصر ترفض وتدين أى محاولات لتهجير الفلسطينيين قسرًا من أراضيهم تحت أى ذريعة، وتدعو إلى تسوية عادلة على أساس قرارات الشرعية الدولية، مع التأكيد على أن الحقوق الفلسطينية لا تسقط بالتقادم، ولا يمكن تهميشها أو تفتيتها.
أضاف الرئيس السيسى أن مصر ملتزمة بالقانون الدولى، وهناك قرار واضح بدولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967، ويجب أن نعمل على تنفيذ هذا القرار، وألا نسمح بتدهور الأوضاع أكثر من ذلك».
أشار إلى أن المباحثات مع رئيس الوزراء اليونانى تناولت تطورات الأوضاع فى منطقة شرق المتوسط، مع الترحيب بجهود التهدئة، معربًا عن أمله فى استثمار الأجواء الإيجابية لحل الخلافات بين الدول المتشاطئة.
قال الرئيس ان المباحثات تناولت كذلك الأوضاع فى سوريا ولبنان وليبيا والسودان، بالإضافة إلى أمن الملاحة فى البحر الأحمر والأزمة الروسية الأوكرانية، حيث أكد الرئيس وجود رؤى متطابقة بين مصر واليونان بشأن أهمية تسوية النزاعات بالوسائل السلمية، بما يحفظ وحدة وسيادة الدول ويصون حقوق شعوبها.
فى ختام المؤتمر الصحفي.. أكد الرئيس السيسى التزام مصر الراسخ بتعزيز التعاون مع اليونان، معربًا عن ثقته فى أن مجلس التعاون بين البلدين سيكون منصة فاعلة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية، بما يعود بالنفع على الشعبين المصرى واليوناني.
من جانبه أكد رئيس الوزراء اليونانى كيرياكوس ميتسوتاكيس على عمق العلاقات الثنائية بين مصر واليونان، مشيراً إلى أن التعاون بين البلدين يشمل مجالات متعددة، من الملاحة والتعليم إلى التبادل الثقافى والتجاري.
كما أكد رئيس الوزراء اليونانى أهمية البناء على الاتفاقيات الثنائية، خاصة فى ضوء التحديات المتزايدة التى تواجه منطقة شرق المتوسط، موضحاً أن «الطريق أمامنا مفتوح لتعزيز هذه العلاقات فى مختلف المجالات، لتصبح أكثر قوة وتأثيراً»، لافتا إلى أن تعاوننا مع مصر «استراتيجى ومثمر» .
أشار ميتسوتاكيس إلى اتفاقية ترسيم المناطق البحرية التى وقعتها اليونان ومصر قبل خمس سنوات، واصفاً إياها بـ «النموذج المثالي» الذى أثمر عن نتائج إيجابية للطرفين وأسهم فى تحقيق الاستقرار الإقليمي.
فى سياق الحديث عن الروابط التاريخية والثقافية بين البلدين، أعرب رئيس الوزراء اليونانى «عن تقديره لجهود مصر فى تطوير وحماية دير القديسة كاترين فى سيناء»، قائلاً إن هذا المعلم الدينى يمثل رمزاً نادراً للعلاقة الروحية والثقافية بين الشعبين، مؤكداً الطابع الأرثوذكسى العريق لهذا الدير.
كما تطرق رئيس الوزراء اليونانى إلى القضايا الإقليمية الحساسة، مشدداً على أن التعاون بين مصر واليونان يستند إلى مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، لاسيما فى ظل السعى المشترك للتوصل إلى حل عادل ودائم لقضية قبرص، ضمن قرارات مجلس الأمن الدولي.
وجه ميتسوتاكيس الشكر لمصر على دعمها المتواصل والتاريخى لليونان، مشيراً إلى أن هذا التعاون لا يخدم فقط مصالح البلدين، بل يعزز استقرار شرق المتوسط بأسره.
قال إنه تم مناقشة الدور الإيجابى الذى تقوم به مصر فيما يتعلق بالهدنة فى غزة مع الرئيس السيسي»، مؤكدا أن أهم شيء حاليا هو توقف أعمال العداء وإيصال المساعدات الإنسانية من خلال التعامل فيما بيننا وأن تكون هناك إجراءات صريحة حول القضية الفلسطينية، مشددا على أن الحل الوحيد الذى نتفق عليه هو حل الدولتين.
أضاف أن اليونان تحيى القرار العربى الخاص بخطة إعادة إعمار غزة، حيث تلعب مصر دورا هاما وحكيما فى هذا القرار، موضحا أنها مبادرة قوية وأساسية من أجل حل هذه المشكلة، مشددا على أن اليونان فى هذا الشهر ستتولى رئاسة مجلس الأمن، ونحن على استعداد لتقديم أى مبادرة مساعدة تعمل على تعزيز الاستقرار الإقليمي.
تابع أن موقفنا واضح حول التطورات فى سوريا، فنحن إلى جانب دولة ثابتة موحدة لصالح جميع السوريين الذين يعملون من أجل القانون الدولى وقانون البحار، وعلى القيادة السورية أن تثبت وبشكل واضح أنها ستسير نحو هذا الاتجاه، مشددا على ضرورة الحفاظ على حقوق المواطنين وجميع الطوائف السورية.
أشار إلى أن المباحثات تناولت أيضا الأوضاع فى ليبيا وضرورة إحياء إجراءات سلمية بها، بالإضافة إلى ملف الهجرة غير الشرعية، معربا عن شكره للرئيس السيسى على إصراره وموقفه من الاتفاق المتعلق بجذب العمالة المصرية إلى اليونان فى العديد من المجالات، وقال رئيس الوزراء اليونانى: نريد فى إطار العلاقة بين البلدين أن يأتى الشباب المصريون إلى اليونان للعمل، وهو أفضل جواب على الذين يدعون بأن السياسة اليونانية والسياسية الأوروبية تتحدث فقط فى موضوع الهجرة ولكننا لسنا كذلك.
شدد على ضرورة أن يكون هناك قرار جماعى من الاتحاد الأوروبى ومن خلال التعاون الوثيق بين الجميع بشأن تنظيم دخول العمالة إلى الدول الأوروبية.
شدد رئيس الوزراء اليونانى كيرياكوس ميتسوتاكيس على الأهمية الكبيرة لحرية وأمن الملاحة، منوها بما يحدث فى البحر الأحمر، موضحا أن «بلاده تولى اهتمامًا كبيرًا بملف أمن الملاحة، لذلك من المقرر فى الـ 20 من مايو وخلال رئاسته لمجلس الأمن أن تكون هناك جلسة خاصة بشأن موضوع حرية وأمن الملاحة فى البحر الأحمر وهو الملف الذى يتطابق مع مصالحنا».
أضاف أن اليونان شريك وحليف رئيسى مع مصر، وأيضا مع الاتحاد الأوروبى من أجل مصر، حيث لعبت دورا كبيرا داخل الأروقة الأوروبية من أجل توقيع الاتحاد الأوروبى لاتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع مصر والتى يمكن من خلالها تمويل مشروعات كبيرة بين الأطراف مثل مشروع الربط الكهربائى بين اليونان ومصر الذى سيعطى الفرصة لليونان ومصر لاستيراد الطاقة بتكلفة بسيطة ويمكن تصدير هذه الطاقة إلى أوروبا.
أوضح أن هناك مشروعات كبيرة للطاقة تأتى ضمن الاهتمام المشترك بين مصر واليونان مثل تخزين ونقل ثانى أكسيد الكربون ومجالات أخرى كثيرة يمكن القيام بها، حيث أن اليونان تبدى اهتماما كبيرا بموضوعات البحث والتنقيب، خاصة للغاز الطبيعى فى جنوب تكريت ونعمل على تطوير تلك المشروعات فى أسرع وقت.
وجه ميتسوتاكيس فى ختام كلمته التهنئة للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسى بقرب افتتاح المتحف المصرى الكبير، حيث من المقرر افتتاحه فى 3 يوليو القادم، منوها بأنه سيتواجد يوم الافتتاح إذا أتيحت له الفرصة للتواجد.