صورة جديدة من البلطجة الإسرائيلية، والضرب عرض الحائط بكل القيم الدبلوماسية والإنسانية والأخلاقية، فى تصرف وزير خارجيتها يسرائيل كاتس، بعد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتعديل وضع الفلسطينيين فى المنظمة، ووصفه القرار بأنه «سخيف»، وعلى نفس الشاكلة، قام مندوب «الاحتلال» بالأمم المتحدة جلعاد إردان بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة، بوضعه فى ماكينة فرم الأوراق، اعتراضا على القرار الأممي، وصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، تمزيق جلعاد للميثاق بـ»الوقاحة على الطريقة الصهيونية».
وتأتى التصرفات الإسرائيلية المتغطرسة والخارجة عن الأدب واللياقة، كالمعتاد ، امتدادا لما تفعله طوال تاريخها الدموى الفاضح، وهى تخرج لسانها للقوانين الدولية والإنسانية وتمنع الطعام والشراب عن الفلسطينيين وتعلن التحدى بمنع جميع مسئولى المنظمات الدولية من دخول غزة منذ بداية الحرب على القطاع وفى مقدمة من تم منعهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش وجميع مسئولى المنظمات الدولية.
وفى نفس «مدرسة الوقاحة المشتركة»، لم تخجل أمريكا من عرقلة محاولات منح الفلسطينيين حقوقهم فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأعلن المتحدث باسم البعثة الأمريكية لدى المنظمة، أن بلاده ستستخدم حق النقض مرة أخرى كما فعلت فى 18 أبريل، وقال روبرت وود، ممثل الولايات المتحدة فى الجمعية العامة، إن «النتيجة لن تتغير» إذا عُرض طلب حصول فلسطين على العضوية الكاملة مجدداً أمام مجلس الأمن، و»لا يغير من وضع الفلسطينيين كبعثة مراقبة غير عضو، ولا يمنحها حق التصويت».
الولايات المتحدة التى تصدت لرعاية المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل وتحاول أن تفرض التطبيع بين تل أبيب والدول العربية، لم تكن يوما وسيطا نزيها ولا معتدلا، بل دائما تميل كل الميل نحو «ربيبتها» غير الشرعية، وهى أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل، مع ألمانيا وإيطاليا، الذين يقدمون المساعدات والطائرات المقاتلة الأكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية على الإطلاق، والصواريخ الاعتراضية والمعدات الدفاعية والهجومية والذخائر والمسيرات، التى تقوم بإبادة الشعب الفلسطيني.
الممارسات الإسرائيلية البشعة فى الأراضى الفلسطينية، بداية من احتلال الأرض العربية والتهجير القسرى منذ العام 1948، وجرائم القتل والاضطهاد والعنف، وصولا إلى الإبادة الجماعية والمجازر اليومية فى غزة، لا تنفصل بحال عن المواقف الأمريكية، بل هى منبثقة عنها وتستمد قوتها من دعمها المتواصل على مدى أكثر من سبعة عقود.
المؤكد أنه لولا الضوء الأخضر الأمريكي، لتل أبيب، ما استطاعت إسرائيل أن تفعل عُشر معشار ما تفعله، لكن الحقيقة والواقع يؤكدان أن الفلسطينيين لا يواجهون جيش الاحتلال، إنما تحصد أرواحهم الآلات العسكرية الأمريكية، وما الموقف العالمى من هذه الدماء التى روت الأرض الفلسطينية، والمجتمع الدولى يغمض عينيه ويغض الطرف عنها، إلا لأن واشنطن هى التى تتصدى وتهدد وتتوعد وتمارس الضغوط والبلطجة ضد كل من يحاول أن يعبر عن إنسانيته تجاه تلك المجازر البشرية غير المسبوقة فى التاريخ.
المراوغة الإسرائيلية فى التفاوض معروفة ودائما ينكثون بعهودهم ويخالفون المواثيق ويتراجعون فيما يوافقون عليه، وكان هذا ديدن النتن ياهو وخاصة فى مفاوضات الهدنة ووقف الحرب، وبعدما كان يراهن على تحرير الرهائن بالقوة وفشلت كل محاولاته عاد ووافق على التفاوض، وكلما تم التقدم فيها خطوة أعادها إلى الخلف خطوات، حتى عندما وافقت حماس مؤخرا على المقترح المصرى المتوازن، تراجع وعادللمماطلة، وواصل الحرب وانطلق جيش الاحتلال يمارس المزيد من القتل فى رفح.
>>>
الداخل الإسرائيلى يغلي، وقد قام يهود بإنزال علم بلادهم احتجاجا على الحرب فى غزة، وانتقد قادة الجيش أفعال نتنياهو، مؤكدين أنه لا فائدة منها.