>> أثناء مرحلة الدراسة الثانوية تصادف حلول شهر رمضان المبارك مع قرب امتحانات نهاية العام.. فقد تواكب الصوم مع قدوم الصيف.. وبالتالى تخلل الامتحانات النصف الثانى من الشهر الكريم.. مدارسنا الحكومية كانت ملتزمة فى ذلك الوقت بدروس مجانية للطلاب.. ومراجعات نهائية للمواد.. حيث تسعى كل مدرسة للتنافس على المركز الأول فى الشهادات العامة.. فرحة معنوية ومادية لا تقدر بثمن.. لم نكن قد عرفنا مجموعات التقوية.. أو أن السناتر التعليمية للامبراطور والعملاق ومارد الشرح الموصل المعلومة للأبناء.. لا أطيل عليكم أذكر ان طالبا ابلغ الأستاذ بفقدان كتاب اللغة الانجليزية داخل الفصل.. مصمما على انه احضره معه من المنزل.. قطع الأستاذ الشرح.. وقال لنا هذه الكلمات.. لا أعتقد ان الكتاب سرق.. ولكن ربما أخذه أحدكم بطريق الخطأ.. ومن المستحيل أن يمارس الشخص خطيئة السرقة فى شهر رمضان المبارك الذى تتجمع فيه الفضائل.. ويسعى المرء لجمع الحسنات والأعمال الطيبة لمن يكون صومه مقبولاً عند الله سبحانه وتعالى الذى اختص الصوم كعمل يجزى به سبحانه عباده الصالحين.
>> بالفعل ما كاد الطلاب يعودون من الفسحة الكبيرة إلى الفصل ليفاجأ صاحب الكتاب بوجوده داخل درج المقعد.. تعود إلى وجهه الابتسامة والفرحة ونشعر نحن الطلاب بالراحة.. ويأخذنا التفكير إلى خصائص شهر الصوم وأنواره المضيئة والتزامه الوثيق بالأخلاق الحميدة.. مدرسة شامخة الثمار والحصاد على مر السنوات بذورها النقية تنمو فى أرض الطمأنينة والصفاء.. وأدركت عقولنا المعنى الإنسانى والمضمون المجتمعى لجهاد النفس المصاحب لساعات الصيام والجوع والعطش وتمتد بالطبع إلى باقى ساعات اليوم.. حيث مطلوبا من الصائم مراعاة الله سبحانه وتعالى فى كل خطوة يخطوها فى العمل أو الدراسة أو البيع والشراء.. الأمانة ومساعدة المحتاجين.. والتنازل طواعية عن مقعده بالمترو أو الأتوبيس لشخص مسن أو مريض.. ناهيك عن عدم الغش والتدليس والانصياع وراء البريق الزائف للشهوات والرغبات.
>> مدرسة الأخلاق الحميدة الرمضانية تدعو مريديها للتسامى وصفاء الروح وكبح جماح النفس الأمارة بالسوء.. بر الوالدين والأهل.. افطار عابر سبيل.. التواضع والتعلم من حكمة الله سبحانه وتعالي.. تكليف كل الراشدين من عباده المسلمين بالصوم.. أحد أركان الدين.. بالإضافة إلى أركانه المشكلة لمنظومة سرمدية من الإخلاص والتسامى والسعى للآخرة ودار البقاء.. ويعمل لها كما يعمل لدنياه.. والجميل ان الجميع هنا تلاميذ وأساتذة يتبادلون هذه الرسالة عبر تواصل الأجيال.. والاقتداء بسنة الله ورسوله.. وما تركه لنا السلف الصالح من كنوز فى الصبر على المكاره والتواضع والسلوك القويم.
>> وإذا اتبعنا دروس ومنهج مدرسة رمضان للأخلاق الحميدة سنجدها خير معين لاجتياز الاختبار الإلهى لعباده خلال أيام الشهر المبارك واستثمارها داخل القلوب والعقول.. خير معين لبلوغ الحافز الأعظم بأن يتقبل الله سبحانه وتعالى صيامنا وقيامنا والأعمال الصالحة.. والخروج من الشهر الفضيل أنقياء النفس.. صادقى العزيمة.. ساعين إلى رضاء الله.. ليفوزوا بالجنة بعفوه ورضاه.. وقد اجتازوا مناسك ونوافل رمضان بنجاح.. وقد تحرروا خلال الشهر المبارك من وسوسة الشياطين.