حالة من «التوهان واللخبطة» اصابت الكثيرين فى المجتمع المصرى على خلفية الحديث الدائر حول «كرامات المشايخ» وما يتعلق بها من شائعات أو حقائق ترتبط ببعض الأسماء والنجوم اللامعة فى سماء عالم الصوفية، فهل حقا هناك كرامات؟ وبالمناسبة ما هو تعريف الكرامات؟ وهل فى الدين الصحيح ما يدعم وجود فكرة الكرامات، وما هو الفرق بين الكرامة والمعجزة والوحي؟ وهل يقبل العقل السليم فكرة وجود شخص ما فى مكان ما فى طرف ما يمكنه معرفة واستجلاء ما يدور فى نفسى وعقلي؟ هل يمكن ان طريق العلم كشف هذه الاسرار التى يحيطها عالم ضبابى مخيف؟ ما هو الخط الفاصل بين الشيخ الجليل العارف بالله وهذا الدجال الذى يستخدم السحر والدجل فى التعامل مع هذه الأمور؟ لماذا يشد بعض الناس ومنهم علماء وخبراء وساسة ونجوم مجتمع إلى شيخ من المشايخ ذاع صيته بأنه موصول مع السماء وقريب من مهندس الكون وخالقه؟ هل يمكن ان يصل الإنسان فى لحظة ما إلى تحييد العقل وتنحية المنطق والولوج إلى عالم الأرواح يستجدى معلومة مخبوءة بين طيات شيخ بسيط يجلس على قارعة الطريق؟ نعلم ان هناك سحرا وحسدا حدثتنا عنه الكتب السماوية وحذرت السحرة ومن يؤمن بهم بأنهم خارجون عن الملل السماوية، نعلم كذلك ان هناك غيبيات لا يعلمها إلا الله، لكن هناك من يستخدم مخلوقات من عوالم أخرى كالجن مثلا فى كشف بعض الأمور التى لا يقوى البشر العاديون على كشفها ومعرفتها، فهل حقا يستطيع الجن معرفة ما لا يعرفه البشر؟ وما هى حدود قدرة تلك العوالم الخفية؟ ربما كان الربط بين الكرامات واستخدام قدرات الجان ليس ربطا مخلا، فهناك خلط وتداخل بين الكرامات الحقيقية والتى يمكن ان تكون موجودة بنسب او بأخرى ومرتبطة بشفافية بعض العلماء وقربهم وزهدهم ومعرفتهم، وبين هؤلاء الدجالين الذين يقومون بما حرمه الشرع فى استخدام السحر والأعمال السفلية فى التأثير على الناس، لقد تابعت ردود افعال وأقوال الرأى العام حول الشائعات التى نسجت حول احد مشايخ الصوفية المشاهير بأنه يفعل ما يشين اى إنسان طبيعى فما بالنا بشيخ له تابعين ومريدين، تابعت صدمة المجتمع وهذا طبيعي، لكن لاحظت حالة من اللخبطة الشديدة بين العلم والمنطق من ناحية وبين الكرامات والغيبيات من ناحية أخري، بيد ان الموضوع دخل فى مناطق مثيرة تحتاج قراءة عميقة وموضوعية ومجردة حيث ان الأمر تخطى حدود التحمل والصبر كما تجاوز فكرة الطناش وعدم الاهتمام.