التقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أمس ، بمقر الحكومة في العاصمة الإدارية الجديدة، أعضاء «اللجان الاستشارية المُتخصصة» التي كان قد أصدر قرارًا بتشكيلها الأسبوع الماضي؛ لتعزيز التواصل بين الحكومة والقطاع الخاص في المجالات المختلفة، وذلك في إطار النهج الرامي لتعزيز قنوات دائمة لتبادل الرؤى والمقترحات لدعم عملية صُنع السياسات.
أكد رئيس مجلس الوزراء أن الأعضاء قامات وخبرات كبيرة في مصر، مُعبراً عن أنه يعتز على المستوى الشخصي بلقائه بهم عقب قرار التشكيل مؤخرا؛ لتحقيق هدف واحد فقط يتمثل في إحداث التقدم النمو لدولتنا العزيزة على قلوبنا جميعا، ونتمنى لها كل الخير خلال الفترة المقبلة.
أشار رئيس الوزراء في هذا الصدد إلى أن فكرة تحديد الأسماء سبقها مقدمات كثيرة، أولها توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسى، بتوسيع قاعدة التشاور، والشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، والاستفادة من جميع الخبرات الموجودة لدينا في الدولة المصرية.
أشار رئيس الوزراء، إلى لقاءاته بقادة دول العالم بمنتدى دافوس العالمي سواء الاقتصادية، أو السياسية، قائلا الجميع يعاني بصورة أو بأخرى من المشكلات التي تواجهها مصر باختلاف حدة الأزمة لكن الجميع أجمع على أن هذه الفترة فارقة للبشرية بحدوث تغيير جوهري يحدث بالعالم، مُؤكداً أن هذه السنة ستكون سنة التفاؤل المشوب بالحذر، وأن الفترة الأصعب قد مرت وأن الفترة القادمة توجد تحديات لكن يوجد تفاؤل وهو ما نلمسه من آراء الخبراء الاقتصاديين والسياسيين.
أوضح الدكتور مدبولي، أن مصر مرت بالفترة الأصعب، والعام الماضي تم التغلب على الضغوط الاقتصادية، مُشدداً على أنه قد حان الوقت بدءًا من هذه اللحظة للتفكير في انطلاق قوي وحقيقي للدولة المصرية، مُنوهاً أن هدف هذه اللجان الاستشارية هو المواطن المصري، الذى تحمل على مدار السنوات الخمس الماضية أعباء كثيرة جداً وضغوط شديدة، ومهما تم تبرير هذه الضغوط من متخذي القرار والمسئولين بوجود أزمه عالمية والعالم كله يعاني منها، ولكن المواطن المصري يهمه في آخر المطاف حياته ومستوى معيشته، وهذا بالتأكيد حقه، وهل هو قادر على تلبية الاحتياجات الأساسية له ولأسرته؟، مُؤكداً كل هذه الضغوط على المواطن تجعله قلقاً وغير راض، وهذا يحدث في جميع أنحاء العالم ونحن معترفون بوجود ضغوط شديدة علي المواطن تحملها بصبر خلال السنوات الماضية وخاصةً آخر 3 سنوات تزامناً مع الازمة الاقتصادية القوية، مضيفا أنه من اليوم يجب علينا جميعاً وعلى كل لجنة من اللجان الاستشارية أن يكون هدفها جعل المواطن المصري يشعر بأن مستوى معيشته يتحسن وفي أسرع وقت ممكن، لأن فكرة التأجيل لفترات أخرى غير مقبولة حتى لا يتحمل المواطن أكثر من ذلك نظراً لظروف المعيشة والالتزامات وتلبية الاحتياجات الاساسية لأسرته، وهو ما يجعل ذلك هو الهدف أثناء وضع الخطط والمستهدفات ونحن جميعاً في مركب واحد.
أضاف الدكتور مصطفى مدبولي أننا لدينا مستهدفات، خلال السنوات الثلاث المقبلة، للوصول إلى متوسط، ليس أقل من 5.5 ٪، لكن في المقابل تتحدث المؤسسات الدولية عن أن هذا المُعدل سيتراوح بين 4 ٪ إلى 4.5 ٪، لكن نحن من جهتنا نرغب في العمل على الوصول إلى نسب أعلى من هذا الهدف، ونتخذ الإجراءات اللازمة لذلك.
تابع رئيس الوزراء أنه فيما يتعلق بمعدل التضخم، والحقيقة نحن الآن في مسار نزولي لأول مرة منذ عامين، لكن نستهدف وصوله إلى رقم فردي، ونأمل أن يتحقق ذلك مع بداية عام 2026، وربما يرى البعض أنه من المتوقع أن يتأخر تحقيق هذه المستهدفات، وفي هذا الإطار نحن مستعدون للعمل معًا على تحقيق المستهدفات المحددة لخفض معدلات التضخم.
أضاف رئيس الوزراء أنه بكل تأكيد دفع معدل فائدة 1 ٪ أو 2 ٪ يختلف عن دفع معدل فائدة 20 ٪، ودائمًا يتردد أن هناك دولاً في العالم تبلغ قيمة الدين بها 120 ٪ كنسبة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول، لكن الحقيقة أن التضخم في هذه الدول 2 ٪ أو 1 ٪ أو معدل التضخم صفر، بينما في حالتنا نحن نستهدف النزول بمعدل الدين بنسبة 80 ٪ لكن مع سعر الفائدة الحالي الذي يصل إلى 25 ٪، أصبح لدينا أكثر من 43 ٪ من مخصصات الموازنة خلال هذه الفترة يذهب لخدمة الدين.
أضاف أننا لدينا الأرقام بصورة واضحة جدا على مدار السنوات العشر الماضية، من واقع بيانات كل الجهات، قائلا إنه على مدار تلك الفترة كانت الواردات المصرية في عام 2015 تبلغ حوالي 67 مليار دولار، واليوم وصلت إلى نحو 78.5 مليار دولار بزيادة قدرها 16 ٪، بينما كانت قيمة الصادرات السلعية غير البترولية ما بين 15 – 18.6 مليار دولار، ووصلنا العام الماضي إلى 40.8 مليار دولار بنسبة نمو 119 ٪.
أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن ذلك يعني أن الميزان التجاري بدأ في التحسن، مُضيفاً أن ذلك يؤكد أيضا أننا نستطيع أن نصل بصادراتنا إلى أرقام كبيرة كما نقول، رغم أن ذلك يُقابل أحيانا بالتشكيك، مضيفا: طلبت من الزملاء في مركز المعلومات والاقتصاديين تحديد الموقف إذا استمرت وتيرة النمو المشار إليها بدون طفرة »أي النسبة نفسها التي تزيد بها الواردات بالتزامن مع زيادة الصادرات بالنسب الموجودة«، وقد وجدنا أنه في 2030، وفي ظل تلك النسب، ستصل واردات مصر الى 105 مليارات دولار وصادراتها إلى 115.8 مليار دولار. أي سيكون لدينا فائض 10 مليارات دولار.
أشار «مدبولي» إلى أنه ناقش مع مسئولي المجالس التصديرية إمكانية نمو الصادرات المصرية بنسبة ما بين 15 لـ 20 ٪ سنوياً، وقد أكدوا أنه رقم قابل للتطبيق بصورة واقعية تماما، بدليل أنه في العام الماضي ورغم الأزمة حققت مصر نسبة نمو في صادراتها نحو 14.5 إلى 15 ٪ في ظل تحرير سعر الصرف، مضيفا: وبالتالي فبإمكان مصر – وفقا لحضراتكم- الوصول لنسبة نمو في الصادرات 15 أو 20 ٪ -طبقا لقدرات كل قطاع في التصدير بالتأكيد- وسيكون دوركم تحديد كيفية تحقيق ذلك وزيادة نسبة الصادرات سنويا والمطلوب من الحكومة في هذا الشأن.
فيما يخص لجنة الاقتصاد الرقمي وريادة الأعمال، قال رئيس الوزراء: إن كل العالم الآن يتحدث عن هذا القطاع، ولذلك حرصنا بأن يكون في اللجنة عدد كبير جداً من الشباب، وكنت حريصاً أن يكون باللجنة كل الشباب المصري المشرف الذي حقق نجاحات في مصر وخارجها، ومعنا في هذا القطاع المستشار الخاص برئيس الوزراء لهذا القطاع، عمرو العبد، وهو جزء منكم ومعكم في هذا القطاع.
أضاف أن هذا القطاع يراه العالم بأنه المستقبل القريب، وأن هناك وظائف تقليدية كثيرة ستختفي ويحل محلها هذا القطاع المهم جداً، واليوم وخلال الفترة الماضية حجم الاقتصاد الرقمي في مصر بالأسعار الجارية تجاوز 267 مليار جنيه، ونسب نموه جيدة ولكن لدينا القدرة والرؤية بأن ينمو بصورة كبيرة جداً خلال الفترة القادمة.
قال رئيس الوزراء إننا اليوم بعض من الجهات الدولية المتخصصة تتحدث عن مصر، وتقول إنه في كل قطاع من هذه القطاعات لدينا مساحة هائلة للنمو، على سبيل المثال في قطاع الذكاء الاصطناعي نستطيع أن نصل فيه بحلول 2030 إلى أكثر من 3.9 مليار دولار.
أشار رئيس الوزراء، إلى لجنة تنمية السياحة، مُستعرضاً ومُشيداً بالقامات الكبرى في قطاع السياحة أعضاء اللجنة، مُشيراً إلى بعض أرقام قطاع السياحة في العام الماضي، حيث بلغ عدد السائحين إلى مصر حوالي 15.7 مليون سائح في عام 2024، وهو أعلى رقم حققته مصر متخطياً الرقم الأكبر في 2010، مُشيراً إلى أن الهدف العام الماضي كان الوصول إلى ما يقرب من 18 مليون سائح، لكن وفقاً للظروف والاحداث الجيوسياسية فقد حالت دون ذلك وتم تحقيق 15.7 مليون سائح وهو مازال أعلي رقم تم تحقيقه في السياحة المصرية.
أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى آراء أعضاء اللجان بأن مصر خلال السنوات القليلة القادمة يمكن أن تحقق ضعف ما حققته العام الماضي، مُشيراً إلى مستهدف 2030م أو بأحد أقصى 2032م، مصر ستكون قادرة على تجاوز الـ 30 مليون سائح بناءً على آراء حضراتكم والخبراء في قطاع السياحة، وهو الهدف الذي نسعى لتحقيقه، بوضع خطة استراتيجية وتصور مع نهاية كل عام وحتى 2030، مشيراً إلى ما أثير في الشارع مع انعقاد الجلسة الماضية، قائلاً: توجد تساؤلات في الشارع المصري أين العوائد الدولارية، وعوائد التصدير، وعوائد السياحة، وعوائد العقارات، ولماذا لم نر هذه الأموال في القطاع المصرفي المصري؟، مُضيفاً إذا حققت الدولة 15.7 مليون سائح وأن معدل متوسط ما ينفقه السائح اثناء فترة زيارته لمصر حوالي 950 دولاراً، اذا يجب أن يدخل للدولة 15.5 مليار دولار، مُتسائلاً هل القطاع البنكي والمصرفي المصري تحصل على هذا المبلغ أم لا؟ قائلاً هذا السؤال مطروح لحضراتكم.
أكد أنه يتحيز للقطاع العقارى بحكم خلفيته قبل أن يكون رئيساً للوزراء، لافتاً إلى أن الكثير من الدول في العالم اقتصادها قائم على التنمية العقارية، في الوقت الذي نفاجأ فيه بأن حصة مصر من تصدير العقار على مستوى العالم رقم شديد التواضع يبلغ نحو 1.8 ٪ فقط، بينما تعد مصر واحدة من النمور في هذا القطاع، مُعتبراً أن هذا الأمر يعكس مشكلة، وأننا نحتاج لحدوث طفرة في ملف تصدير العقار، وليس فقط التنمية العقارية للداخل، حيث يجذب ذلك العملة الصعبة ويوفرها للدولة المصرية، بينما تعكس الأرقام صافي استثمارات ضخمة في هذا القطاع وتحويلات تحدث منه، ولكن مازالت هناك مساحة كبيرة للنمو في هذا القطاع في الفترة القادمة.
فيما يخص لجنة الشئون السياسية، قال رئيس الوزراء أننا معنا في هذه اللجنة 4 قامات كبيرة جداً في هذا المجال، أمام حضراتكم الأعضاء وأفتخر بهم وجلست معهم سواء بصورة جماعية أو منفردة في السابق، ولن أتحدث كثيراً في هذا الموضوع، ولكن أود الإشارة في هذا الصدد إلى أن النقاش كله في منتدي دافوس كان يدور حول التغير الذي حدث في الإدارة الأمريكية، كيف سيكون شكل العالم وتداعيات هذا التغير وهذه الإدارة الجديدة على كل المستويات.