بعد أن أصبح لدينا حكومة جديدة ببرنامج عمل واضح ومحدد وقابل للقياس، وبعد أن هدأت النفوس واستقرت الأمور، أطرح سؤالا يبدو سطحيا لكن الإجابة الصحيحة عنه تحتاج تجرداً وموضوعية، السؤال: كيف نعيد ثقة المواطن فى الحكومة؟ بيد أن السؤال على بساطته يفتح أمامنا العديد من الاسئلة الفرعية، فهل فقد المواطن ثقته فى الحكومة أم تعرضت تلك الثقة لعملية اهتزاز مؤقت على وقع الأزمات الاقتصادية وما صاحبها من ارتفاعات غير مبررة فى الأسعار نتيجة خلل فى أسعار الصرف بالإضافة إلى خطط تخفيف الأحمال؟ وهل اهتزاز او فقدان الثقة فى الحكومة وبعض أعضائها فى الشارع أثر على إيمان المواطن بالمشروع الوطنى والجمهورية الجديدة؟ هنا لا أبكى على اللبن المسكوب ولا أتحدث عما فات فلست من هواة جمع الجراح، لكننى استدعى الحكاية من بدايتها حتى نتعلم الدرس خاصة أننا فى وقت لا أرى فيه الأعصاب مشدودة بسبب انتهاء العديد من المشاكل ومرورها بسلام بعد تدخلات صارمة من الدولة خاصة أزمتى الأسعار والكهرباء، الحقيقة أننى خجول أن ألبس ملابس العزاء وسط الأفراح، لكننى أراها فرصة نادرة أن أكتب دون أن يخرج ما أكتبه عن سياق المقصود والمستهدف ، لذلك وحتى نعيد بناء مداميك الثقة فى الحكومة ونعيد التفاف الناس حول مشروعنا الوطنى وجمهوريتنا الجديدة يجب علينا أن نتعلم مما فات لنضبط إيقاع ما هو آت وأقول بشكل دقيق أولاً: يجب أن تتناغم الحكومة فى تصريحات أعضائها بحيث تكون البيانات والتصريحات غير متناقضة ومنضبطة، ثانياً: يجب أن تتوقف الحكومة وكل أعضائها عن دغدغة مشاعر الجماهير بتصريحات وردية بعيدة عن الواقع، على أن تتسم تلك التصريحات بالوضوح والمصداقية ثالثا: يجب أن يتوقف بعض المحافظين عن فكرة «التصوير الفج» أثناء الجولات لأنه أولاً لا يليق، وثانياً مستهجن من الجميع ولا يفيد المحافظ ولا الحكومة، رابعا: لابد للحكومة من التركيز على فكرة الشفافية فى التعامل مع الأزمات او المواقف وبأن الدولة لا تحمى فاشلا ولا تتستر على فاسد ، خامسا : الحاجة الماسة إلى فكرة مجابهة الهجمات الاليكترونية والرقمية والسيبرانية التى تحاول تغيير لون المجتمع وتفتيت وحدته وصوب أحلامه بشكل منظم ومؤطر ومؤسسى وواضح، سادساً: إن أخطر ما يجابه المجتمع المصرى هو «هشاشته الثقافية» وهنا نعود إلى فكرة الوعى النازف من ثقوب الذاكرة والذى تحدث عنه الرئيس مرارا وتكرارا وفى كل المناسبات، فالوعى يجب ان يكون وعيا حقيقيا غير زائف والمعرفة يجب أن تكون غير مشوهة، فالمحيط الإقليمى مشتعل ويزداد اشتعال، والمشهد الدولى قيد اعادة التشكيل، ونحن لا يجب ان نقف فى صفوف المتفرجين بل وجبت علينا المشاركة، فهل يمكن ان نشارك ونحن نتحدث عن الثقة المهزوزة والوعى الزائف والثقافة الهشة؟؟