يبدو اننا نحن العرب لا نستفيد من دروس الماضى ولا نستوعب لحظات الماضى ولا نلتفت إلى مقتضيات الحال ومتطلبات المستقبل.. ونلدغ من ذات الجحر مرات ومرات.. ومن يطالع التاريخ القريب يدرك اننا دائما نحن الهدف والمفعول به والغاية والمراد.. ورغم ذلك ظللنا الريشة التى تتقاذفها الرياح.. ذهابا وإيابا.. فلم نحط نفسنا بجدار يحجب الريح العاتية.. لم نتخذ من الاجراءات لنكون الفاعل وليس المفعول أو حتى حرف الجر وليس المجرور.. فمنذ اتفاقية «سايكس بيكو» التى وقعها كل من الدبلوماسى الفرنسى «فرانسوا جورج بيكو» والبريطانى مارك سايكس لتقسيم دول المنطقة عقب زوال الامبراطورية العثمانية فى الثالث من يناير 1916 والغرب ينهل من موارد دول المنطقة ويفعل بها ما يفعل.. وجاء وعد بلفور رئيس الوزراء البريطانى فمنح من لا يملك.. من لا يستحق.. واستباح الغرب الأرض والأوطان وزرعوا نبات الشيطان الذى حول المنطقة إلى بؤرة نيران كلما هدأت أشعلوا نيرانها من جديد.
>>>
وعقب الحرب العالمية الثانية وما لحق بالعالم من دمار.. وما آل إليه استخدام أمريكا للنووى والذرى ضد «هيروشيما ونجازاكي» أكبر مدينتين يابانيتين من دمار غير مسبوق حتى ان الطيارين الأمريكيين اللذين نفذا الضربة النووية أصيبا بحالة نفسية واكتئاب شديد من هول ما رأوا من دمار ومن مئات الآلاف من القتلى والحرقى والدمار الشامل فى المدينتين اليابانيتين بعد أن شاهدا صور الدمار وأشلاء الجثث فلم يبق من المدينتين «قالب طوب على الأرض» فظلا فى حالة اكتئاب داخل مصحة نفسية جراء ما ارتكبا فى حق البشر حتى ماتا خلال فترة وجيزة.. انه تأنيب الضمير وإنسانية الإنسان التى غابت عن كثيرين.
.. أقول عقب الحرب العالمية الثانية.. أراد حكماء العالم وضع تشريعات وقوانين دولية ومنظمات أممية تكون حاكمة لهذا العالم ووضع نظم حقوقية تمنع استخدام تلك القوة والأسلحة ذات الدمار الشامل فكان مجلس الأمن والأمم المتحدة والقوانين الدولية والانسانية وتحت الشعارات التى رفعها نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية عاشت دول العالم واستقل الكثير من الدول.. وظن كثيرون أيضاً اننا نعيش فى عالم يحكمه قانون وتشريعات دولية وأممية.. لكن سرعان ما تبنت الولايات المتحدة الأمريكية نظاما علميا تحت لوائها تجاوزت كل اللوائح والقوانين والتشريعات الدولية فاحتلت ودمرت العراق واستباحت ماله ونفطه وموارده بمعلومات كاذبة وتقارير وهمية صنعتها المخابرات الأمريكية الموسادية عن امتلاك أسلحة دمار شامل.. اعترف بكذبها جنرالات البنتاجون أنفسهم وعارض العالم بأسره.. وعارضت الأمم المتحدة احتلال وتدمير بوش للعراق.. لكن نفذ المخطط الصهيوأمريكى وتم تدمير العراق وإعدام صدام.. وحتى لا يعود العراق مرة أخرى غرسوا الميليشيات المسلحة التى تجعل العراق لا ينهض من دوامة العنف والتفجيرات وغرس الفتنة بين الشيعة والسنة فاليوم تنسف مزارا شيعيا وتزعم آلتها الاعلامية مسئولية السنة.. وفى اليوم التالى تفجر سوقا سنيا وتزعم مسئولية الشيعة دوامة عنف لا تنتهى بالأصابع الأمريكية – الاسرائيلية.
>>>
.. وهو نفس ما يدور فى سوريا الآن بعد أن هدأت الأمور وعاد الاستقرار النسبى للدولة السورية.. وعاشت دولة الاحتلال الاسرائيلى تدميرا وخرابا فى غزة ولبنان.. لعبت الأصابع الخفية تحت ستار الدواعش والميليشيات المسلحة ذات الجنسيات المتعددة من المرتزقة.. الدور الخفى لإعادة التوترات لسوريا لتنفيذ مخطط التقسيم الذى طالما تحدث عنه الغرب واستعرضه رئيس الحكومة الاسرائيلى المتطرف فى معرض حديثه عن الشرق الأوسط الجديد وتغيير خريطة المنطقة.
>>>
وللأسف الشديد لم يعد الغرب يخفى أجندته ولا مخططه لتقسيم الشرق الأوسط.. ولم تعد هناك ستارا تخفى ما يرمون إليه وما يسعون له.. وبات اللعب ع المكشوف.. ولم يعد أمام الدول العربية المستهدفة إلا اليقظة ووحدة الصف والتضامن الواضح والمباشر لدرء المخاطر وإفساد مخطط الإضعاف والإسقاط ودوامة العنف والصراعات التى تقود حتماً إلى التقسيم والمرتزقة.. وحدة الموقف.. والهدف والمصير.. طوق النجاة.. قوتنا فى وحدتنا.. وإنقاذنا فى تماسكنا.