عندما دعا الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى عقد الحوار الوطنى كان الهدف من ذلك هو اتمام بناء الدولة الوطنية ..هذا الحوار الذى تم تكليف الأكاديمية الوطنية للتدريب بالاشراف ،عليه كان بهدف ان يكون منصة وطنية ديمقراطية كبيرة تجمع كل الأحزاب السياسية والقوى الوطنية بالبلاد ..هذه المنصة لم تأت من فراغ وانما جاءت ضمن خطة المشروع الوطنى الموضوع للبلاد بعد ثوره 30 يونيو ،والتى تهدف فى المقام الأول إلى بناء الدولة الوطنية الحديثة .وقد اشتمل هذا الأمر على العديد من المحاور من أجل الوصول إلى تحقيق حلم الجمهورية الجديدة .وقد انطلقت جلسات الحوار الوطنى على ثلاثة محاور رئيسية تضمنت المحور السياسى والاقتصادى والمجتمعي، بما يشمل كل القضايا المثارة على الساحة المصرية. وقد شهدنا من خلال الحوار الوطنى كيف أن الجميع انطلق برؤياه دون وصاية ودون تكليف مسبق. وكشف هذا الحوار عن منصة ديمقراطية أكثر من رائعة وما زال الحوار يواصل جلساته حتى الوصول الى كل القضايا التى تهم الشارع المصري، وقد انتهت الجلسات الماضية الى طرح العديد من القضايا والآراء المهمة التى تناقش مشاكل المواطنين بلا خوف او خجل وبرؤى موضوعية، مما يعنى أن هناك إصرارا من الدولة المصرية على ان يكون هناك بناء قوى للدولة الوطنية المصرية. وقد تمت مناقشات عديدة وكثيرة وخلصت الى نتائج ومخرجات مهمة.. هذه المخرجات تمثلت فى عدة أمور منها ما هو تنفيذى وقد عبر عنه الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء بقوله ان هناك خطة تتضمن 135 توصية تنفيذية يجرى العمل على تحقيقها .والأمر الاخر يتمثل فى ضرورة اصدار تشريعات وقوانين جديدة. هذه التشريعات تحتاج الى الموافقة عليها من البرلمان وهو ما يتم الإعداد لها وستتم الموافقة على هذه القوانين. وقد انتهت إلى عدة محددات ومخرجات تم رفعها الى رئيس الجمهورية لبدء تنفيذها.
والرائع فى هذا الحوار أنه لم يكن هناك أدنى تدخل حكومى فى مجريات وأحداث الحوار، بل إن جميع القوى الوطنية المعارضة قد أبدت رؤياها بشكل كامل وواضح وتم الأخذ بكثير من هذه الرؤى فى مخرجات الحوار وتوصياته المختلفة التى باتت محل تنفيذ سواء من جانب السلطة التنفيذية او من جانب السلطة التشريعية .كما ان حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على أن يخرج الحوار بهذا الشكل الراقى والواضح المعالم، ما يؤكد أن هناك اصرارا من القيادة السياسية على أن يكون هذا الحوار هو جزء رئيسى من بناء الدولة الوطنية الحديثة التى تسعى مصر إليها وتكون صورة مشرفة أمام العالم أجمع .ومن خلال المناقشات التى تم إعلانها وضحت العديد من القضايا التى تم مناقشتها بحيادية تامة وبدون اى تدخل حكومى كما قلت من قبل. بل ان الحكومة فى مناقشات الحوار الوطنى الأخيرة قد شاركت بممثلين عنها لتسمع وترى بنفسها ولا تفرض رأيها وإنما تهدف بالدرجة الأولى إلى الأخذ بالآراء المطروحة على الحوار لبدء تنفيذها وتفعيلها. أليست هذه هى قمة الديمقراطية الحقيقية؟ أعتقد أن ذلك يعد بما لا يدع أدنى مجال للشك أن الدولة المصرية سيأتى عليها اليوم ويشار إليها بالبنان فى قوتها بأنها بلد قوى قادر على صنع المعجزات كما تحقق فى كافة الميادين الأخرى وهذا ما حدث بالفعل.
ولذلك اقترح تشكيل لجنة وطنية تضم ما لا يقل عن 50 عضوا متخصصا فى كافة المجالات التى خرجت بها توصيات الحوار الوطنى من السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين وأهل الفكر والمعرفة وكل من له باع فى تنفيذ مخرجات الحوار الوطنى وتكون مهمة هذه اللجنة هى وضع ما يشبه الدستور أو الميثاق أيا كانت التسمية لتنطلق لوضع رؤية لإدارة شئون البلاد، أو وضع مخطط لإدارة البلاد خلال المرحلة القادمة فى كافة المجالات السياسية والاقتصادية والمجتمعية ..هذا الميثاق أو هذا الدستور من الممكن أن نصفه بأنه دستور ثان للبلاد تسير عليه فى تنفيذ الخطط والتوصيات التى خرج بها الحوار الوطني، وتتضمن وضع السياسات العامة التى تسير عليها البلاد فى كافة المناحى خلال المرحلة القادمة. هذا الاقتراح من وجهة نظرنا هو ضرورة مهمة جدا ،بل سيتحدد من خلاله الكثير من الأمور التى تهم الوطن والمواطن فى كافة المجالات التى تسير عليها الدولة من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وقد يستغرب البعض بأن نصف هذا الأمر بأنه دستور ثان، والحقيقة أن الهدف من ذلك سواء كان دستورا او ميثاقا أو أيا كانت التسمية هو ضرورة وضع المخرجات والمحددات التى خرج بها الحوار الوطنى سواء كانت تنفيذية أو تشريعية محل تنفيذ خلال المرحلة القادمة من عمر البلاد. وأعتقد أن هذه الفكرة قد تروق لكثير ممن يشغلهم هذا الأمر أو المهمومين بمشاكل البلاد ووضع الحلول لها خلال المرحلة القادمة.
والله الموفق لما فيه مصلحة الوطن والمواطن.